الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية الانسان والصراع.. الانسان المجادل انموذجاً.

طيبة ناصر

2018 / 5 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لم اشاهد في مجتمعنا الشرقي عشقا لشيء اكثر من عشق الجدال فما ان يطرح احدهم فكرة ما حتى يسارع كل المحيط بالاعتراض والاستفاضة في النقد و التقليل من رأي الطرف الاخر فيشخص الموضوع و يخرج عن مساره و يحاول كل فرد ان يثبت و بشكل مستميت انه هو على صواب و الاخر على خطأ و بطبيعة الحال يحاول الطرف الاخر ان يدافع عن رأيه و يثبت للاخر انه هو المخطأ و لا تستغرب ان كان الجدال على امر يكاد يذكر و لا يستحق كل هذا الجدال في الاساس ..
لماذا الجدال ؟ في الحقيقة ان مسألة الجدال ناتجة في الاساس عن وعي ناقص بمعنى النقاش فما ان يطرح احدهم رأي معين حتى يطلق دون ان يعلم شرارة تشعتل بها العقول التي اصطلح عندها النقاش بأنه فرصة للانتصار و ان من يناقش يجب ان ينتصر و الا فأنه خاسر لهذا لا تستغرب كثيرا ان رأيت احدهم و قد انتفخت عروقه و احمر وجهه وارتفع صوته و هو يحاول اثبات انه على صواب و لا تتعجب ان يخرج كل طرف بضغينة في قلبه على الاخر لانه حاول اثبات نفسه على حساب الاخر و هذه احدى عواقب الجدال .

ماهو الجدال؟!
اين نجد الجدال ؟ و لماذا الفرد يجادل؟
الجدال : هو مناورة الاعتقادات بأسلوب اياك والاقتراب من اعتقادي عن طريق الصراخ والتعالي و عدم الانصات (الهدف) انا على صواب ، الذي هو نقيض النقاش..
النقاش : هو تبادل الاراء بأسلوب الانصات للطرف الاخر (الهدف) التقدم و نمو المعرفة .

اسباب الجدال..
نجد الجدال عند الاشخاص الخائفين من تفنيد معرفتهم و بطبيعة الحال فالنقاش يولد الشك و الشك قد يفند حقيقة او عقيدة فنجد في الايدولوجيات الاممية النقاش محضور لذلك ذوو الايمان يلجأون للجدال لتدمير اي حقيقة قد تزعزع من مقدساتهم و بذلك تجد ان الشخص المتنور مثلاً لا يجادل بل يناقش لان كينونتهُ ببساطة هي بسبب النقاش..
اما اجتماعيا وحسب العادات فالماضي هو المسيطر والاكبر سنا هو صاحبة السلطة الاعلى فنجد انه من الصعب على صغير العمر ان يناقش من هو اكبر منه عمرا لانه ما ان يطرح الاول رأيا او اعتقاد مغاير لاعتقاد الكبير على طاولة النقاش نجد الكبير يجادله (وذلك خوفا من تدمر هالته القدسية ومكانته) و بالتالي قد يرد الصغير عليه بالجادل فيتهموه بالعاق و يطلقون عليه بغضب لقب الجدلي المزعج و هكذا تعيش ثقافة الجدال ..

علينا ان نفهم ماهي الحقيقة و الحقيقة المطلقة . الحقيقة :هي مطابقة ما في الذهن لما في الواقع . اما الحقيقة المطلقة او الكامنة فهي صورة ذهنية تطابق كل شي في العالم الخارجي المطلع عليه و غير المطلع عليه و بطبيعة الحال لا يوجد احد يعلم كل شيء عن كل شيء نعم من الممكن ان املك الحقيقة الكاملة لحبوب القهوة فأعرف من اين تتكون و كيف يتم انتاجها و كيف يتم اعدادها . اما ان قلت انني امتلك الحقيقة المطلقة و سكت او لم احدد جزئية معينة فهنا ستعني اني امتلك الحقيقة حول الوجود برمته و بأدق تفاصيله ان هذه العبارة غالبا ما تستخدم بشكل خاطىء فمثلا قد يأتي ملحد ويضع حجة تنقض وجود الله او مؤمن يضع حجة تثبت وجود الله ثم يقابلهم اللادري بحجته الشهيرة لا احد يمتلك الحقيقة المطلقة و هو يظن انه نقض حججهم بهذه العبارة او انه قدم حجة مضادة لهم . في الحقيقة هذه مغالطة منطقية تسمى (مغالطة رجل القش) الملحد و المؤمن لم يدعيان ابدا انهما يمتلكان حجج تثبت او تنفي جزئية معينة لا يستلزم بأي شكل من الاشكال امتلاكهم للحقيقة المطلقة عندما اقول بأنني الحقيقة حول وجود الله ذلك لا يعني بأنني ادعي امتلاك الحقيقة حول كل شيء بالكون لان قضية وجود الله ليست كل شيء بالوجود ولا اعلم كيف فهمها اللاادري على انها تعني كذلك ربما هذه ضريبة النسخ واللصق و الاقتباسات من دون فهم !
عموما تخيل معي، ان هناك طبيب مختص بالاورام وله خبرة فيها 50 سنة ويعرف كل شيء حولها ثم يشخص ورم معين فيأتيه لاادري ويقول له تشخيصك خطأ لأنه لا احد يمتلك الحقيقة حول كل شيء في الوجود.
كما تلاحظون المغالطة اصبحت واضحة فالطبيب لم يدعي انه يعرف كل شيء حول الثقوب السوداء او حول نشوء الكواركات او حول سلوك الفوتون، وبالتأكيد هو لم يدعي معرفة كل شيء حول كل شيء، هو بناءا على استنتاجات معينة قام ببناء ادعاء حول جزئية يعرف هو عنها كل التفاصيل.


ومع ذلك فالموضوعية تتطلب منا قول الحقيقة، فالجدال نادراً مايكون لهُ تأثير ايجابي، خصوصاً مع اصحاب العقول المتحجرة كما يرى نيتشه، اولئك الذين غير مستعدين لئن يخسروا النقاش حتى لو كان حول الخضروات..!
اولئك الذين يعقتدون ان قيمة النقاش تكمن في الفوز او الخسارة وكأنها معركة، الاغبياء لايعرفون ان النقاش ليس بدوياً..!
فقيمتهُ الحقيقية تكمن في التقدم لا في الفوز.
هؤلاء الاغبياء ينفع معهم الجدال احياناً خاصةً اذا كان بأسلوب اندفاعي.
والسبب في جيناتهم التي تعودت على العنف المتشبعين فيه.

ينتشر الجدال في الشعوب التي تؤمن بالخرافات والتي يتحكم بها العقل الجمعي والتي ايضاً تكون غير مؤمنة بما تَملك ليس لديها ثقة بالنفس، فهي ترى ان الكل افضل واذكى منها ووحدها الغبية في الكون..!

علاج الجدال في القضاء على مسبباته،
وان القضاء على مسببات الجدال يتم بالتحرش بها ومن ثم اغتصابها !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية طيبة، الجِدَال، النقاش، الجَدَل
صلاح الحريري ( 2018 / 5 / 4 - 08:36 )
مقالك جميل وهو مشابه لمقالي الموجود على الحوار المتمدن بعنوان [اللاوعي والسفسطة]، عندي ثلاث مستويات من الديالوج وهي 1-الجِدَال، 2-النقاش، 3-الجَدَل.

الجَدَل هو أعلاها وهو أسلوب الفلاسفة الحكماء.

اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج