الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيخ والاغا وجذور الازمة ....

سعود معن نجم

2018 / 5 / 6
المجتمع المدني


من المعروف ان كل مجتمع كل ما تقدم به الزمن سار نحو التطور والرقي والتجدد نحو الافضل الا في المجتمع العراقي فهو يتطور تطورا رجعيا وتقدميا في نفس الوقت وهذا يعود الى عوامل كثيرة يطول الحديث عنها في هذا الموضوع ولكن من الامور التي يعاني منها المجتمع العراقي هي ظاهرة المشايخ والاغوات في كلا القوميتين العربية " الشيخ " والكردية "الاغا" فلكل مرحلة كان الشيخ او الاغا محور الحدث العراقي فمنذ زمن العثمانيين كان الشيخ هو الاب لعشيرته وكان الناس تحترمه على هذه المكانة الاجتماعية فهو الحاكم والامر الناهي في المجتمع الريفي على عكس المدن الحضرية فكانت مسؤولة من الحكومة العثمانية اما في الريف فكانوا شبه مستقلين بفعل المشايخ وكانت لهم قوتهم العسكرية ايضا كذلك هنالك بعض القبائل البدوية التي تستنكف العمل والزراعة فتعيش على الغزو وهذه ظاهرة سلبية لدولة متقدمة اذا ما قورنت بالمجتمعات لدول اخرى منافسة للدولة العثمانية فلقد ولى عهد الغزو منذ القرون الوسطى وهنا اتكلم عن المراحل الاخيرة من الدولة العثمانية اي عندما انفتحت ثقافيا وارادت ان توازي الدول العظمى اجتماعيا فحاولت الدولة العثمانية كسر شوكة الشيوخ والاغوات بتقسيم الاراضي التي يملكونها المشايخ وذلك بتقسيم العشيرة الواحدة الى افرع ولكل فرع شيخ او اغا وبذلك فقدت العشيرة بريقها واعطائهم قطع اراضي ويلحقه المؤيدين من اقاربه وبالتالي تشكلت عشيرة جديدة وتلقائيا تتولد الضغائن والاحقاد المتولدة نتيجة الاحتقار فصبي البارحة شيخ اليوم كل هذا والدولة العثمانية تشاهد ماذا يحدث عن كثب فبهذه الطريقة تم اضعافهم والتخلص من مشكلة امنية خطيرة دون اطلاق رصاصة او القيام بحملة عسكرية قد تختلف التوقعات في نتيجتها وبذلك كان على ابناء الريف التحرر من كلام وسلطة الشيخ والتوجه الى المدن التي كانت طابع اخر وبعد فترة وجيزة كانت مجموعة كبيرة من الجنوب انتقلت الى المدن العراقية واهمها بغداد واندمجوا في المجتمع البغدادي على عكس المجتمع الكردي الذي كان في منعزل عن هذه الازمة كون مناطقهم جبلية وهذه عوازل طبيعية شكلت عائقا للدولة العثمانية في تغيير طبعهم وعند الاحتلال الانكليزي للعراق كان العراق قد تطور فكريا واتجه نحو التمدن ليستطيع المواجهة ثقافيا نوعا ما ولكنه يحتاج بعض الوقت ليكون له كلمة وارادوا الانكليز في هذه الفترة السيطرة التامة على العراق بدون مشاكل فقرروا اعادة البداوة من جديد وكما قال الدكتور علي الوردي ان الشخصية العراقية بدوية او تميل للبداوة فقرروا اعادة ظاهرة الشيوخ اي اعادة القوة اليهم بعد ضعفهم في نهاية الحكم العثماني وبذلك يعود المجتع وينقسم اجتماعيا على نفسه وبالتالي الضعف العام للمجتمع وبالتالي ضعف الدولة العراقية في تشكيل دولة مدنية حديثة وعانى الملك فيصل الاول
من هذه المشكلة كون الجيش في بداية تأسيسه وقد عمدوا الانكليز على انشاء معادلة بأن الجيش اكبر قوة من عشيرة ولكنه اضعف من ان يكون بقوة عشيرتين مجتمعتين على حد سواء ولقد اغدق الانكليز على الشيوخ الذين تعاونوا مع الانكليز باعطائهم قطعا من الاراضي تقدر بمئات الالاف من الدونمات محصورة في ايدي اشخاص معدودين والفلاح العراقي في الريف والحضري في المدينة ليس له شيئا من هذا الاقتصاد بالتالي ميزانية الدولة كانت معتمدة عليهم وكذلك كانت الدولة ضعيفة في جباية الضرائب وكانت ترضى بما تاخذه والذي كان نسبة ضئيلة من المستحقة وحاول فيصل جاهدا اضعافهم كونهم الخطر الوحيد على الدولة وبدأ ابناء الريف بالنزوح الى المدينة من الضعف الاقتصادي واحتكار الشيوخ للاراضي والارزاق ولقد قام شيخ عشيرة معروف بالقول لفيصل في احد الاجتماعات بأن ولائنا ليس لك بل للانكليز اي بصريح العبارة لولا الانكليز لاقتلعناك فاصبح هناك سخط اجتماعي وبدأت طبقات مثقفة من المدن وابناء الريف النازحين الذين ارادوا التغيير ووصلت الازمة الى عام 1941م بعد وفاة فيصل والملك غازي واستلام الوصي عبد الاله الحكم حيث بدات حركة مايس وثورة ضد هذا التعسف بعدها تم اخماد الحركة وعودة الانكليز للاحتلال واعادة عبد الاله تحت قوة السلاح فقبل عام 1941م كانت المملكة مع اضعاف العشائر والشيوخ ولكن بعدها اصبح تخوف الحاكمين من الجيش وعامة الشعب فالتجأوا الى شيوخ العشائر وتضاعفت ظاهرة زيادة الاراضي الى المشايخ والاغوات وهنا اريد ان انوه انه كلما ضعفت الدولة تعود الظاهرة العشائرية ففي عام 1941م ضعفت الدولة وبالتالي التجأت الحكومة الى المشايخ كونهم السند الوحيد واصبحت العشائر ساخطة على شيوخهم وبدأ القياس على المشيخة بأمتلاك الاراضي والاموال بعدما كانت صفة اب روحي يامر وينهي فكلها قضى عليها الانكليز واصبح الشيخ شيخ اقتصادي همه جمع المال واغتصاب اكبر عدد من الاراضي لذلك فقد المجتمع العراقي احترامه للمشايخ في تلك الفترة عدا شيوخ الطرق التي كانوا اصحاب مكانة اجتماعية عالية وخاصة في المجتمع الكردي وفي عام 1958م كان هنالك عدد كبير من الاراضي المغتصبة من قبل المشايخ بالاضافة الى شيوخ مستحدثين من قبل الانكليز بعيدا عن المشايخ الاصلاء الذين اصبحوا ينافسون المشايخ على هذا اللقب وبعد احداث ثورة 14 تموز 1958 كان التيار القومي هو الذي يسري في المجتمع وقانون الاصلاح الزراعي كان الضربة القاصمة للمشايخ وكما نوهنا سابقا فأن مقياس المشيخة كان قد اصبح بكثرة الاموال والاراضي لذلك كان بعد تجريدهم من الاراضي اصبحوا لاشي في نظر عشائرهم وعاد واندمج المجتمع المدني مع المجتمع الريفي وازدهر العراق في تلك الفترة ثقافيا بعيدا عن الاحداث السياسية والدموية ولكن الكلام هنا على التطور الفكري وليس السياسي واستمر الحال على ماهو عليه الى ان دخل صدام حسين الكويت والرد الامريكي القوي على الحملة بعدها ضعفت الدولة العراقية فما الحل اذن لديمومتها احياء شيوخ العشائر فالناس لم تعد تهاب الدولة كالسابق فالتجأ صدام الى نفس الخطا الذي قامت به الممملكة العراقية وظهرت طبقة جديدة من المشايخ كون بعض الشيوخ لم يؤيد صدام في منهجه لذلك كان على صدام الاتيان بالبديل ليمثل تلك العشيرة امام الرأي العام لذلك زاد ايضا عدد الشيوخ اما بعد عام 2003م لم يعد هنالك اسم حكومة واصبح الكل يبيع ويشتري تحت لقب الشيخ واختلط الحابل بالنابل واصبح التفكير في الاصول العشائرية والبلد غارق في فوضى عارمة والسرقات تستمر على قدم وساق مع انقسام المجتمع اجتماعيا على نفسه وطائفيا في هذه المرحلة نسأل الله تعالى ان يعيد العراق الى هيبته وما كان عليه من رقي وتطور ....
سعود معن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقررة الاممية لحقوق الانسان تقول إن إسرائيل ارتكبت ثلاثة أ


.. قيس سعيّد يرفض التدخلات الخارجية ومحاولات توطين المهاجرين في




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجا


.. نشرة إيجاز – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة محتومة في




.. العراق يرجئ مشروع قانون يفرض عقوبة الإعدام أو المؤبد على الع