الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقد الاحتمال مقدمة الاحتلال-3- احتلال العقل

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2018 / 5 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


احتلال العقل
تعد لغة العرب من أهم لغات العالم قدرة على إيصال الفكرة بالإيجاز، سواء ذلك الإيجاز صراحة أو ضمنا مجازيا. فالقول الصريح استخدمه العرب فى فهم الحياة على علتها الظاهرة فى مناقشة القضايا الفكرية، خلاف محاولات الفهم الأدبية المرجوحة بمجاز محمول على أحد أوجه المباشرة، كالشعر والسرد والحكي... وغيرهم من طرق التعبير الفنية. فقول محمد بن إدريس الشافعي " كلامي صواب يحتمل الخطأ وكلام غيري خطأ يحتمل الصواب " يعد من أهم ما قيل من مفاهيم عالمية حول فكرة قبول الرأي والرأي المناقض أو الضدي، فى حالة احتمالية جديرة بالدراسة، فقد وضع الشافعي رأيه على حد نردي من واحد إلى ما لا نهاية. يدفعه ذلك المسار إلى عدم القبول إجمالا أو الرفض إجمالا، بقدر ما هي دعوة لإعمال العقل، بالتفكير والدراسة والتحري. ربما جاء كتاب الحرية لجون ستوارت مل بعد قول الشافعي بمئات السنين، لكنه لم يخرج عن تلك الدائرة الاحتمالية، لم تكن لدى مل عبقرية الشافعي فى سرد فكرته بهذا الإيجاز المبهر. لكن رأي مل الاحتمالي، يوضع موضع التقدير. فالاحتمالات المتعددة حول قضية واحدة، يفتح أفق التفكير فى أكثر من اتجاه لإيجاد أكثر الحلول إيجابية، وقد درج المسلمون الأوائل على التفكير بذلك المنطق الاحتمالي، بدأ من معركة بدر التي اختار خلالها، القائد محمد، مكانا خاطئا لتمركز جيشه، فما كان من جنوده سوى السير على طرق الاحتمال ومناقشته فى تغيير الموقع، فلو أن الدين بالجبر والقهر والامتثال دون نقاش، فالاحتمال الأكبر، كان هزيمة المسلمين وانتهاء الدعوة بهزيمة تلك المعركة. ربما يعترض البعض على كلمة الاختيار الخاطئ للقائد المقاتل، وربما يغضب البعض ويتهم الكاتب بالكفر أيضا، لكنه إذا وضع الفكرة على الزهر وقلبها ببعض التفكير، لاسترجع سؤال الجندي الذي سأل النبي صل الله عليه وسلم: أمكان أنزلك الله إياه؟ أم هي الحرب والمكيدة؟ بطريقة أخرى: دين هذا أم سياسة؟ فكانت الإجابة : سياسة. فالذي اختار المكان الخاطئ محمد السياسي المقاتل، وليس محمد النبي الذي لا ينطق عن الهوى. أعتقد أنني يمكنني تقبل غضبك، إذا ما درجت أفكارا أخرى تثبت خطئي فى تلك القضية، التي نعود ونكرر خلالها، أن طريقة التفكير عبر الاحتمال، من أهم الطرق التي ترتقي بالأمم عبر تاريخها. فلا حقيقة جازمة ولا رأي صحيح على إطلاقه. هل تعتقد فى صحة ميكانيزماتك الحسية وقدرتها على التفسير الصائب بلا خلل؟ إن كانت الإجابة بنعم، فيمكنك مراجعة الحكاية التراثية عن زرقاء اليمامة، التي قيل أن ميكانزم الإبصار عندها كان مختلفا عن كل معاصريها، وإن كانت الإجابة بلا، فأنت محمول على الاحتمالات، ويمكنك أيضا مراجعة كهف أفلاطون، وقراءة تلك المقولة الرائعة لجعفر بن محمد " إذا بلغك عن أخيك الشئ تنكره فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين عذرا، فإن أصبته، وإلا، قل لعل له عذرا لا أعرفه " مقولة زادت من حدود النرد إلى السبعين. تجعلك رهين التفكير والتعقل والاستفسار والتحري. الكارثة الكبرى فى العقل العربي، خمول التلقي من باب التقديس والخوف من الوقوع فى المحرمات، رغم أن أكبر الخطايا وأكثرها جرائمية، هو المثول لأفكار معلبة كمسلمات معرفية، دون وضعها على زهر الاحتمال. فإذا أتاك حديث عن النبي مثل أحد هذه الأحاديث الدموية " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله .... " إلى آخر ذلك الحديث الشهير. فإن الآخر المتكاسل عقليا سيقرؤه على أنه بلطجة مقدسة، فى المقابل سيقرؤه المسلم المستسلم عقليا من باب التقديس، رغم أن الحديث مرتبط بمرحلة تاريخية انتهت تماما، وتفاسير لغوية مغايرة، تخرجه عن مسار فهمنا الكسول، ولأننا هنا لسنا بصدد مناقشة الحديث أو ما شابهه من أحاديث، بقدر ما نبحث عن طرق منفتحة لقراءة أي نص مقدس كان أو غير مقدس، كي لا نقع فى خطيئة التلقي الساذج، بعيدا عن جدل الاحتمالات الايجابية ، فالمسلمون السنة يكررون على سبيل المثال أن الشيعة أكثر خطرا على الإسلام من اليهود، وقد تلقى الرسالة المتكاسلون وراحوا يرددونها دون وعي بحجم الكارثة التي لا هي بالدين أو المقدس. بل مجرد صراع سياسي حول ثروات منطقة الشرق بين الدولة السعودية مدعومة من أمريكا والغرب، أصحاب المصالح التاريخية فى المنطقة، وإيران صاحبة المصلحة مع روسيا والصين، حتى تاريخ كتابة هذه الأوراق التي حتما ستتغير الترابطات بعد زمن من عرضها. ألم تسأل نفسك: من احتل فلسطين. إيران أم الكيان الإسرائيلي؟ من قتل آلاف المسلمين فى فلسطين. إيران أم الكيان؟ من حرق أشجار الزيتون وجرد الناس من ممتلكاتهم وهجرهم من أراضيهم. إيران أم الكيان؟ من الذي يدخل المسجد المقدس بالنعال. حتى الجنس لم يتورعوا أن يمارسوه بين جدرانه. من فعل ذلك إيران أم الكيان؟ من هاجم مصر وقتل المصريين فى 1956، 1967 ومن احتل سيناء ومن يضرب سوريا بالطائرات ومن احتل وقتل اللبنانيين. إيران أم الكيان؟ بالطبع ستأتي كل الإجابات بعيدة عن إيران، لكنه من باب الاستحمار والتكاسل وانعدام العقل، يردد المخبولون – إيران – ذات الخلل الذي جعل من سلمان وولده محمد حماة ديار الإسلام، فيدفعون الجزية لترمب عن يد وهم صاغرون. السؤال المهم الآن: هل يستطيع محمد بن سلمان أن يدافع عن مؤخرته إذا ما طلبها ترمب بالمثلية؟ لن أجيب عن هذا التساؤل ولنتركه لزهر النرد.. فالعقل الصفري الذي لا يقع على حد من حدود زهر الاحتمال، هو أكثر تلك العقول المغيبة القابلة للاحتلال.. نكمل رؤيتنا فى الأوراق القادمة بإذن الله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العروبه والاسلام صنوان لا ينفصلان
ابواحمد السماوي ( 2018 / 5 / 7 - 16:09 )
لا يدافع عن الاعجمي سوى ذيوله واذنابه وقطيع الارتزاق .... العرب روح الاسلام وحملة رسالته

اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال