الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إزدراء الأديان أم إزدراء الإنسان !؟

محمود الزهيري

2018 / 5 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كل بلاغ يتم تحريكه بإتهام آحاد الناس بإزدراء الأديان , هو في حد ذاته بلاغ ضد الإنسانية بإزدراء الإنسان , فهذه التهمة مازالت أداة شريرة يتم إستخدامها لترهيب المختلفين في الرؤية , والمخالفين في التصور , والراغبين في بسط وصاياتهم علي غيرهم من بني الإنسان , وهذا في جانب , وفي الآخر يتم إستخدام هذه التهمة كأداة للتحريض علي القتل لمن يتم الإبلاغ ضده , لكي تصير الساحة خالية للأوصياء من أصحاب المصالح في الدين أو السياسة , وعلي وجه خاص في ظل أنظمة الإستبداد والطغيان بدوائر فساداتها اللانهائية , والتي لايمكن لها الإستمرار في الحكم إلا بالزراع الديني الذي يعمل كأداة طيعة لتمرير كافة جرائم الإستبداد لإستخدام السماء كأداة ردع وزجر عبر الوسطاء الذين نصبوا من أنفسهم بإرادة الإستبداد وسطاء سماويين , أو كلاء عن الله , وحماة له ومدافعين عنه بزعمهم المكذوب .
وهذه الجريمة تتضاد مع إنسانية الإنسان وحريته وكرامته الإنسانية , فلايجوز لأي فرد أن يدعي أنه صاحب سلطة في الدفاع عن السماء وكافة مايتصل بها من أديان وأنبياء ومرسلين وكتب مقدسة , لأن السماء حسب الوارد ببعض النصوص الدينية تقر بإنسانية الإنسان وحرياته وكرامته الإنسانية , ومن ثم فإن من يزدري الإنسان ويحتقره , حتماً يزدري السماء وما يتصل بها , فالسماء جديرة بالدفاع عن ذاتها , سواء في الحال الدنيوي أو المؤجل الأخروي حسب المعتقد الإيماني للمؤمنين بدين من الأديان الإبراهيمية التوحيدية ,بالرغم من أن هناك الكثير من التجاوزات من المؤمنين بدين من الأديان الإبراهيمية أو فرقة من فرق الدين الواحد ومثالها الشيعة والسنة , ومدي الحملة المسعورة القائمة بينهما في الإتهامات التاريخانية والهاربة من الواقع وتحدياته المعاصرة وحملات السب والإزدراء والتحقير المتبادلة بين المنتمين للدين الواحد والذين لم تنتهي خلافاتهم التاريخانية حتي اللحظة , واللذان يريدان عبر بعض الأوصياء والأتباع أن يفرضوا وصاياتهم المكذوبة علي الأغيار وكل ما هو آخر مختلف في الدين والمعتقد والمذهب والطائفة .
ومازلت مصر علي أن كافة جرائم إزدراء الأديان , بمثابة رد فعل لكافة الجرائم التي يتم فيها إزدراء الإنسان عبر المقدس الذي يقدمه رجال الرهبوت والكهنوت الديني , حسب قواعد تفسيرهم لنصوص المقدس الديني التي تتصادم مع أبجديات العقل والمنطق الإنساني , وتتنافي مع أبسط قواعد الإنسانية في مفهومها ومؤداها , وتتضاد مع العلم ونظرياته وحقائقه , إلا أن كافة الأديان صار معتنقيها والمؤمنين بها , يمثلون أغياراً , وعناصر متمايزة ومختلفة مع الأخر وأي آخر في الدين , ليستمر صراع الإنتصار للدين والمذهب والطائفة علي حساب الإنسان وحرياته وكرامته الإنسانية , فصارت الأديان والمعتقدات لها الأولوية علي الإنسان , وصار الآخر ملعون يتوجب في بعض الأحيان قتله والتخلص منه , بالرغم من أن المعتقد مجاني , والتدين كذلك مجاني , لايكلف ثمة تكاليف مادية حال الإنتماء له أو الإعتقاد بتعاليمه وأوامره ونواهيه , ويصير مكلف لحياة الإنسان حال رغبته في الخروج منه والدخول إلي معتقد آخر أو التحول للإلحاد أو اللاأدرية , حسب مفهومه أو رؤيته وتصوره هو وحده , لأن الإيمان بدين من لأديان ينتقل عبر الأبوين ويستمر الحفاظ عليه عبر الهوية المجتمعية التي يسود فيها دين من الأديان أو فرقة من الفرق أو مذهب من المذاهب , ولاخيار للإنسان في إعتناق الدين ولا إرادة واعية حرة مستنيرة ومدركة لأبعاد المعتقد الديني , أياً كان هذا الدين , وإنما تم طقوس المعتقد بالوراثة و من خلال التطوع المثلي الإرادي , وبالرغم من أن الأديان الإبراهيمية عقيدتها تبني علي الإيمان بالغيب المقدس للمؤمنين بها , والذي يمثل مجهول معرفي لغير المؤمنين بها, ولا أدري لماذا يتفاخر كل منتمي لدين علي الآخر الديني , رغماً عن أن المعتقدالإيماني مبني علي غيب مقدس لديهم , ولم يطلعوا عليه أو يتلمسوه بحواسهم , فلماذا يدعي أحدهم بأن غيبياته أفضل من غيبيات الآخر الديني ؟!
وحقيقة الأمر وغاياته النهائية , ليست مقصوداً منها حماية السماء أو تطبيق شريعة أو إقامة دولة خلافة أو تحرير أقصي أو ادني , ولكن الأمر يكمن في ديمومة الإرتباط بين الصهيونية والإمبيريالية والعصابات الدينية إرتباط وثيق الصلة في وجوده في عالم العرب والمسلمين , لتقوم الجماعات والتنظيمات الدينية بأدوار وظيفية تتعدي الحدود والوطنية والقومانية , عبر مايسمي بالمفهوم الأممي ليتم قتل وتدمير الشعوب العربية وكياناتهم السياسية المسماة مجازاً بالدول والممالك والإمارات والسلطنات , وصولاً إلي تحرير تل أبيب وبالتالي تحرير الأقصي المزعوم أو المتوهم لديهم ..
ومن ثم فالحديث عن القدس والمقدسات , وعن العروبة والإسلام وتطبيق الشريعة ورفع راية الجهاد والسعي لدولة الخلافة مجرد أدوات فقط لاغير لتحسين شروط حياة العصابات الدينية علي حساب تحقيق أهداف الصهيونية والإمبيريالية .!!
فمن الذي يزدري الإنسان والأوطان والسماء والأديان والمقدسات !؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج


.. 101-Al-Baqarah




.. 93- Al-Baqarah


.. 94- Al-Baqarah




.. 95-Al-Baqarah