الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مادة التربية الإسلامية

سامر أبوالقاسم

2006 / 3 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سؤال مادة التربية الإسلامية في نظامنا التربوي التعليمي هو سؤال مراجعة ونقد سائر أنماط الاعتقاد والتفكير في الحقل الديني والتديني بالمغرب، لذلك فأول ما يمكن أن يتبادر إلى الذهن بخصوص هذا الإشكال هو كيفية مقاربة هذه المادة المدرسة، وأنواع المداخل الممكنة والمتاحة لمعالجة القضايا المرتبطة بها داخل بنية النظام السياسي والاجتماعي المغربي الراهن.

في اعتقادنا، يبدو الأمر متعلقا بمقاربة الموضوع مقاربة متعددة الجوانب والمستويات، وهو ما تفرضه خصوصية هذه المادة من جهة، وحرارة النقاش الجاري اليوم حول قضية العلاقة القائمة بين التدين والسياسة من جهة أخرى، حسب معطيات الوضع الذي تعرفه حالتنا الوطنية. لكننا اليوم، نريد التركيز فقط على تسمية المادة بـ"التربية الإسلامية".

من منطلق الإيمان بعدم وجود ما يسمى بالبساطة في المفهوم، فإن تسمية المادة بـ"التربية الإسلامية" تطرح أكثر من سؤال مرتبط بعمليات التشويش التي تمارسها داخل الحقل التربوي التعليمي، ومن خلاله يمتد ذلك إلى قلب المجتمع عبر مجموعة من التعبيرات السياسية/الدينية المتواجدة في الساحة.

ففي الوقت الذي كان يعطى لهذه التسمية فهما مجازيا من حيث الربط بين التربية والإسلام ربطا يحيل على التطابق بينهما، وفهما مرتبطا بممارسة تربوية بشرية "مستلهمة" للعديد من القيم والمبادئ والخصائص من المصادر الأساسية للدين الإسلامي، حسب سياقات التفسير والتأويل البشريين، أصبح اليوم جزء من المجتمع يسير في اتجاه إعطاء هذه المادة طابع القدسية، من منطلق اعتبارها مطابقة للدين في حد ذاته، « إن التربية الإسلامية يلتقي مضمونها مع مضمون الإسلام، ويتلخص في صياغة الفرد صياغة حضارية إسلامية وإعداد لشخصيته إعدادا شاملا وكاملا من حيث العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات والذوق »، منهج التربية الإسلامية، محمد قطب، الجزء الأول، ص 37، ويذهب الأمر إلى حد اعتبار أن « منهج التربية الإسلامية هو المنهج الرباني لتقويم البشرية وتوجيهها، لترشد وتتوازن، وتسلك سلوكها المستقيم في الحياة »، نفس المرجع أعلاه، ص: 5.

بل إن الأمر في إطار المقارنة سيصل إلى درجة الاعتقاد بأن « منهج التربية الإسلامية فريد في كل مناهج الأرض، وإن التقى ببعضها في التفصيلات والفروع. فريد في شموله ويقظته لكل دقيقة من دقائق النفس البشرية وكل خالجة وكل فكرة وكل شعور. وفريد في أثره في داخل النفس وفي واقع الحياة »، نفس المرجع أعلاه، ص: 9.

هذا الفهم الذي ألصق بالمادة من حيث التسمية من جهة، ومن حيث التأويل الذي ألبسها الصبغة الربانية في تقويم البشرية وتوجيهها، والخروج بها عن سياق الفهم التاريخي المألوف، الذي كان يراد منه ممارسة بشرية لعملية التربية على الناشئة وفق فهم محدد في الزمان والمكان للمقاصد والنصوص الشرعية، ستتولد عنه العديد من المشاكل المرتبطة بالنظر إلى هذه المادة في واقع منظومتنا التربوية والتعليمية، وكذا بالنظر إليها في واقع ممارساتنا السلوكية والاجتماعية.

مثل هذه المشاكل المرتبطة بالسياقات المفاهيمية والحقول الدلالية، التي تبدو في أول الأمر من البساطة ما يجعلها بعيدة عن التسبب في خلق أية أزمة مجتمعية، هو ما نظنه شكل أرضية خصبة للتطرف والغلو الديني بالمغرب، إلى جانب طرق وكيفيات "التأطير والتوجيه" المعتمدة من طرف جماعات التيار السياسي الديني في مختلف الحقول الاجتماعية التي تتواجد بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah