الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسمٌ من كل شيء...

محمد صالح أبو طعيمه

2018 / 5 / 11
المجتمع المدني


مليونا نسمة يعيشون في مساحة من الأرض لا تكفي لربعهم في المقاييس العالمية، التي تقسم مساحة الأرض على أعداد البشر، أو العكس، فكل كيلوا متر مربع يعيش فيه عدد معين من الناس، ناهيك عن أن الازدحام في بعض المناطق يكون أعلى من غيرها بطبيعة مراكز المدن، والعواصم الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية للدول، ففيها يتكدس الناس أكثر من غيرها من المناطق، ولكل جانب حسبته، والعامل المستقل دائما هو العامل البشري، والتابع يكون ما دون ذلك، كمساحة الأرض التي سبق ذكرها، أو كالصحة
فلكل عدد معين من المواطنين طبيب، ولكل بقعة يوجد مشفى أو مركز رعاية أولي، يوجد طاقم طوارئ، سواء من الجهاز الطبي أو جهاز الشرطة أو الدفاع المدني، يوجد إدارة لإدارة الكوارث والأزمات، الطبية والطبيعية، لكل تجمع سكاني مدرسة أو أكثر، بعددٍ كافٍ من المعلمين، وبمساحاتٍ معقولة، وملحقات تجعل من المدرسة المكان الحقيقي الذي يتم فيه إعداد الفرد للحياة، فالتربية هي الحياة بذاتها، في كل تجمع للبشر تراعي الدولة وجود الإدارات المختلفة التي تيسر تنظيم شؤون الناس وحياتهم، فالمواصلات منظمة والخرائط مدققة، والطرق معبدة، والمباني مشيدة بما يليق بالإنسان، حيث كان الناس توجد الملاهي والمتنزهات، الحدائق الخضراء وأماكن اللعب والشواء، حيث يوجد البشر توجد المصانع التي فيها يعملون ومنها يستفيدون، توجد الجامعات والمختبرات، والمكتبات، التي تبني أجيالًا تذوى بفنائها.
منظومة إنسانية إدارية عالمية، تحكم سير المجتمعات، ليعيش أصحابها كما ينبغي لآدميتهم في القرن الواحد والعشرين.
فأين نحن من هذه المنظومة، في هذه البقعة المحصورة من الأرض، نعم لدينا كل شيء مما سبق، لكن السؤال القائم ما هو القدر الذي نمتلكه من هذه المسميات، لتأخذ في مخيلتك أيٍ مما ذكرنا آنفًا، هب أنك تناولت المدارس، مدارسنا مكتظة، خمسون طالبًا في الفصل الواحد، مقابل غرفةً محصورة بجدران تنوء بأعدادهم الكبيرة، في مقابل معلم متخمٌ بجدول حصصٍ مكتظ، ومطلبات لا نهائية تغرقه في أكوام الملفات البيروقراطية، وبخطة ضيقةٌ مساحتها، بمنهج مكدس بالمعارف التي ينساها الطالب -هذا إن فهمها- بمجرد خروجه من قاعة الامتحان، ولا أدل على ما أقول من تمزيق الطلاب لكراساتهم بمجرد انتهاء الامتحان، بذلك التمزيق يعلن الطالبُ ثورةً علينا أن نشتمها مما بين السطور، على نظام التعليم الذي فشل، حتى بتهذيب سلوك أولئك التلاميذ الذين يقضون في المدرسة خمس إلى ست ساعات يوميًا، ولكنهم غارقون للأسف بين دفات الكتب السمينة، ومثقلون بحقائهم الثقيلة.
لو أردنا أن نخوض في نظام التعليم وحده لألجئنا إلى دراسات كثيرة، في محاولات توصيف ما يعتريه من العوار الخطير، والذي يحتاج لمنظومة كاملة حتى ننجو بالأجيال القادمة من مهلكته الخفية، وقس على ذلك باقي المجالات الموجودة في بلدنا والتي تحتاج لإعادة هيكلة وصياغة شاملة من مبتدئها وحتى تمامها، لكي نستطيع اللحاق بركب الأمم، التي رادت الأكوان السماوية وفضاءاتها، من كوكب إلى قمر، نحن محتلون، ليس بالاحتلال الهمجي الإسرائيلي فحسب، بل بذواتنا التي ترفض الصحوة، ولا زالت بين أنياب الاستعمار الفكري والذي مورس علينا وبأيدينا، لنظل متخلفين في كل شيء، ونباهي أنفسنا بأشباه المؤسسات التي لدينا، ولنتحصل على قناعة زائفة بحضارةٍ نُهلكها بأيدينا، يتوجب علينا أن نعود لها، يوم أن كان لدينا مطارٌ وميناء وجامعة وحضارة قُدسية، ولم يكن ذلك في عشرات دول العالم، نعم نحن محتلون، لكننا ندمر الأجزاء المحررة من بلادنا بأيدينا ونسوّغ للمحتل العبث فينا، فنبعثر جهودنا بأيدينا على الفرقة والاستماتة في طلب الحكم، وإنها لقاصمة الظهر.
محمد صالح أبو طعيمه
غزة_فلسطين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين