الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله الكلمة السحرية لحل مشاكلنا :قراءة سوسولوجية في واقع الحكومات العربية

هرمس مثلث العظمة

2018 / 5 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لدي عديد من الأصدقاء ممن لازالوا يؤمنون بوجود الآلهة وهذا حقهم الطبيعي ولاضير في ذلك .ولكن التحول في هذا الايمان إلى حقيقة تؤسس لحل مشاكلنا هو ما لا يجب السكوت عنه .فمن حقك ان تؤمن بوحش الاسباغيتي الطائر ومن حقي إن رأيت أن هذا الايمان سخيف أن أصرح بذلك إن كان في جعبتي ما يؤكد كلامي .
فلا أستطيع كانسان أن أتحمل رؤية السخف والتفاهة في معتقدات يتم فرضها علي كحل لمشاكلي الراهنة وأتقبلها ببساطة بسذاجتها الوردية الخام . لابد لنا في كل حال من الأحوال من فرض سيناريو يوصلنا إلى حل مع المتدين نستوعب به مآساتنا ونعمل على حلها ،لنتعايش سوية وإلا أصبحت الحياة مستحيلة .
فعندما يعجز المتدين عن المنطق في الحوار و حل المشكلات يلجأ للتحكم الفعلي بالواقع الذي نعيشه ، ملتجأ في ذلك إلى الحلول الخرافية والسحرية ،إذا عجز عن السيطرة الروحية على مصيري ،يحاول التوسل بالأوهام الدينية لتجمل الواقع ومستعينا بتصوراتها على تحمل أعباء معيشته ومعيشتتنا.

وبذلك يصل هو ؛أي المتدين إلى شيء من التوازن الوجودي الضروري لاستمراره .فالدين في عرف المجتمع العربي يمنع الانسان من تقبل الكارثة أو الهزيمة أو الخطوب أو حتى الفشل كأمر واقع ولايستطيع الاعتراف بمسؤوليته المباشرة في ما حل به – وهذا بالضبط ما تفعله حكوماتنا في تبرير فشلها فهي لاتلجأ لحل مشكلة بقدر ما تلجأ إلى التبرير وإنكار الواقع (واقع فشلها ) – ففشل الحكومات العربية والانسان العربي نتيجة السيطرة الخرافية على واقعها باسم الدين والتحكم السحري بمصيرها من قبل الله ،فالله هو آخر وسيلة تتوسلها الحكومة أو المواطن عندما يعجزا عن التصدي والمجابهة لملمات المجتمع وواقع الامة المتردي، قبل أن ينهارا ويستكينا .
فتعالج حكومتنا فشلها في الهروب من الواقع أو بإلقاء اللوم على الآخرين (المؤامرة الماسو-أمريك-صهوينة ) أو تستجيب بالعدوان وتلصق الأمر بجهل الشعب ، أو توهم نفسها بأن الامر عابر بدعوى أن الله معنا.فتشكل هذه الاستراتيجية خطوط الدفاع الأخيرة عن وجودها.

فإنتشار الايمان بالله في وسط مجتمع ما يتناسب طردا مع شدة القهر والحرمان ، مترافقا مع تضخم الاحساس بالعجز وقلة الحيلة و انعدام الوسيلة .فكلما طال عهدنا كعرب تحت الظلم والجهل والذل والهوان وتضخم في المشاكل وضاقت أمامنا فرص الخلاص .اندفعنا إلى التماس النتائج من غير أسبابها ، واستبدال السببية المادية بالسببية الغيبة (الله ) .ذلك هو كنه سيطرة الخرافات على واقعنا العربي .
فتزدهر في مجتمعاتنا تلك السيطرة الخرافية باسم الله بمختلف الأشكال (الأزهر ، هيئة علماء المسلمين ، آل البيت إلخ ) وهذا يدل على أننا نمر في ازهى عصور الانحطاط متفشيا فينا الجهل والعوز وطمس إرادة القتال من أجل الحياة –فالدنيا درار فناء والآخرة هي دار البقاء – ويرافق ذلك التصدي للفكر النقدي والتحليل العلمي للظواهر فلانزال لليوم نؤمن بأن الرعد والبرق والمطر أمرهم موكل للملائكة والانسان خلق من صلصال من طين وبهذا يستفحل البعض بالتسلط علينا باسم الدين
وبالتالي تتنشر شعوذات شيطانية يطلقها رجل الدين يتلاعب بها بأمل الانسان في الخلاص .بقدر ما يدخل رجل الدين الاطمئنان الوهمي إلى نفس الانسان العربي المكسور الذليل فأنها تستخدم كأداة للارتزاق من قبل رجل كهنة الأديان الذين يدعون العلم بالآخرة والقدرة على تغير أحوال الانسان كما حدث في مصر عبر انتشار التعاذويذ التي تحمي الانسان من تسلط أوزيروس وصب غضبه لتساعد الانسان المكلوم على التحكم بمصيره من خلال تلك التعاويذ.

يتحالف رجال الدين مع التجار وأصحاب السلطة على الانسان العربي لتحقيق مآربهم المشتركة لقاء ما يعللون به نفسه من اوهام الخلاص ودرء الشر وتغير المصير .يتوسل رجل السلطة كلمات فضفاضة غريبة يعتمد بها على الخلاص الديني للشعوب -مستعينا بسلطة دينية -لتبهرها وتشل مقاومتها وتعطل تفكيرها وتدفع بهم إلى الاستسلام إلى هؤلاء ولطلباتهم الكثيرة والمعجزة ..فمن خرج عن صاحب السلطان هو كافر حلال الدم مهدور العرض ،لأنه خلع طاعة ولي أمرنا وجلالة سيدنا .فيصبح الحاكم وسلطته رمزا لله وجبروته .فمن خلال ذلك التحالف وذاك التشجيع تتأصل السيطرة الخرافية على مصير الانسان العربي المتخلف ،كي تبلغ طاعة ولي الأمر في نفسه مرتبة الايمان الذي لايتزعزع والعقيدة التي لاتمس .ويساعد على هذا الشيء ما تحاط به ممارسات الحاكم على اختلافها بطابع ديني تدخل فئة المقدس الذي يجب الايمان به دون مناقشة ، والذي يحاول التساؤل حوله يتحول إثمه إلى خيانة للوطن والحاكم و المشكك مشاغب وإرهابي يريد ضرب الأمن والأمان والسلم الأهلي لأنه عميل للمؤامرات الخارجية (سلاح الحاكم )

ألم يقل مريد البرغوثي

"يولد الحاكم العربي وعلى لسانه ثلاث عبارات جاهزة: مؤامرة خارجية وأيادي خفية وطرف ثالث"
فالتشكيك بسلطة الحاكم أصبج أمر يعد كالمساس بالمقدسات .فقررات الحاكم كما ترى يا عزيزي في مجتمعك دوما تلبس لباسا دينيا يجعلها تصل مباشرة إلى قلب الانسان العربي المقهور ليربطها بايمانه الديني مما يزيد من سطوتها عليه ويدفعه إلى التمسك بها .

فتصل مشاكل السلطة في مجتمعنا في حلها إلى مرتبة تعطيل الفكر النقدي والتحليل الموضوعي للواقع واصطناع السببية المادية في التصدي للمشاكل ..مُشَكلة عقبة فعلية أمام التغيير وعاملا قويا في استفحال التخلف .
فكم من سجين للرأي سمعت عنه أو طالبت به وهو في بلاد مع وراء القضبان .وكم شخص متملق للسلطة أقنعك أن بول الحاكم هو مطر ونعمة الهية ليشرب منها اولادك شرابا طهور وتروى بها مزروعاتك . فالسجناء السياسيون في البلاد العربية ضحوا من أجل الشعب، ولكن الشعب نفسه يضحي بأولئك الشجعان. انعدام حس المسؤولية طاغ في مجتمعاتهم. فلم نسمع عن مظاهرة أو إضراب أو احتجاج عام في أي بلد عربي من أجل قضية السجناء السياسيين. أن الناس في الوطن العربي يتصرفون مع قضية السجين السياسي على أنها قضية فردية وعلى أسرة السجين وحدها أن تواجه أعباءها! إن ذلك من أخطر مظاهر عدم الشعور بالمسؤولية
فمشكلتنا كعرب بأننا نعتقد أن الدين أعطانا كل العلم! فكم شخصا رأيته قرأ القرآن فقط وتغير .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با


.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط




.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-