الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر واشنطن الكردي: بداية الإستقلالية في الفعل السياسي الكردي...

طارق حمو

2006 / 3 / 18
القضية الكردية


تجاسرّ الكرد السوريون وفعلوها أخيراً: مؤتمر كردي في العاصمة الأميركية واشنطن، وفي مبنى الكونغرس الأميركي تحديداً!. ذلك المكان القطبي في تأثيره، بل وقياده، لحراك السياسة الدولية، بما في ذلك الإقتدار والإستطاعة التامة على صياغة الإستراتيجيا و"إعادة فك وتركيب" أجزاء المشهد الدولي برمته، من حيث الخرائط والديموغرافيا، ناهيك بالطبع عن "تجميد" و"تحريك" الملفات السياسية، في بقاع العالم الساخنة، أنى، ومتى شاءت واشنطن...

ثمّة إذن، وزن وإعتبار كبير لمكانة الكونغرس الأميركي في القاموس السياسي الدولي، فالكل أصبح الآن ينشد جهة واشنطن، كمحج لنيل الحصانة من قمع وبطش الأنظمة الوطنية، الغارقة في القمع والإرهاب. ودعونا نقولها بصراحة: لولا وجود اليد الأميركية الحديدية في منطقة الشرق الأوسط، وفي العراق تحديداً( الذي تحول واشنطن الآن بين شيعته وسنته من إشعال حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس)، لكانت الأنظمة القمعية، وفي الصدارة منها النظام الإرهابي في دمشق، قد قتل مئات الآلاف، وشردّ الملايين كمافعلّ صدام ويفعل الآن مجرمو النظام السوداني في دارفور. فالتدخل الأميركي والحرب الإستباقية التي دمرت أوكار الإرهابيين القاعديين والطالبانيين والصداميين، وطالت مكامن النظامين السوري والإيراني، حيث وثقّت أيديهم عن البطش بالناس، وقلمّت أظافر آلتيهما القمعية، تلك التي دأبت، ولعشرات السنين، على الفتك بالشعوب الإيرانية والسورية...

وعليه، فقد تشجعت المعارضات لهذه الأنظمة في رفع أصواتها عالياً، وتجاسرّت في الخروج للعلن، وتحديد مطاليبها في التغيير والإصلاح، الذي أصبح المطلب الأوحد لهذه القوى المعارضة في وجه الظلم والعسف والتقتيل الذي تمارسه الأنظمة الإجرامية بحق مواطنيها...

يكمن أهمية عقد المؤتمر التشاوري الكردي في واشنطن، مثالاً ساطعاً على هذا التغيير الحاصل، كونه يأتي في وقت حساس تتسارع فيه الخطوات لمحاصرة النظام السوري والتضييق عليه، وذلك بعد القبض عليه متلبساً في عدة جرائم دولية، من قبيل التورط في قتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وتصدير الإرهابيين من المقاتلين العرب للعراق. جاء المؤتمر الكردي في واشنطن بالتوازي مع عدة نشاطات أخرى مهمة، لعل على رأسها الأحتفالات الكردية الكبرى في سوريا وخارجها، بالذكرى الثانية "لإنتفاضة قامشلو" وبقية المناطق الكردية والداخلية السورية. حيث خرجّ الآلاف من الكرد في سوريا والعديد من البلدان الأوروبية للتنديد بحوادث قمع قوات الأمن السوري للمدنيين الكرد، وقتلها وجرحها للعديد من أبناء الشعب الكردي، في 12 آذار 2004 وبعدها...

كان هناك كذلك، أنشطة ومؤتمرات كردية في باريس وبروكسل، تمحورّت كلها حول مناقشة القضية الكردية في سوريا، ومظالم الأكراد منذ تشكيل الدولة السورية الحالية. ومؤتمر واشنطن الكردي، يشكل معنىً وتحولاً كبيراً في توجه الحركة السياسية الكردية، والتي كانت مهادنة وحذرة جداً، سيما إذما تعلق الأمر بإقامة العلاقات مع القوى الدولية، وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الأميركية، حيث الخوف من السلطة التي كانت قد ضمنّت منذ مدة طويلة مسألة العلاقات مع الخارج، أو "الإرتباط بالقوى الخارجية" في خطوطها الحمراء، وأودعت العديد من المعارضين والمدافعين عن حقوق الأنسان المتهمين باقامة العلاقات من "الآخر"، في غياهب السجون الدمشقية المظلمة...

وكان كذلك، موضوع الخوف من القوى العربية المعارضة، والتي مافتئت تنظر للكرد بعين الشك والريبة، بل ويحسبٌ القسم الأكبر منها الكرد تابعين لها، أو واقعين تحت نفوذها، من حيث العائدية في العمل المعارض، حيث لايحق للكرد التحرك بمفردهم، كقوى سياسية مستقلة وقائمة بحد ذاتها، مثلما يحق للمعارضة العربية، والتي إحتكرت العمل السياسي المعارض، وطالبت الكرد، في خطابيها المعلن والمستتر، "بالإندماج" داخل الخطاب الوطني الذي تمثله، أو تدعي تمثيله، وأي خروج عن هذا الخط المرسوم،هو خطيئة و أمر غير مرغوب أو حتى مسموح به...

في واشنطن، غيرّت الحركة السياسية الكردية هذه "القاعدة" المفروضة عليها، حيث أثبتت إنها مستقلة، وتمثل شعباً مستقلاً له مصالحه الخاصة، ضمن الدولة المسمية حالياً "بالجمهورية العربية السورية". وهذه خطوة جبارة في حد ذاتها، نقلت بالحركة السياسية الكردية، المستندة على مد شعبي قوي وناهض، إلى مرحلة جديدة، تخلصت فيها من وصاية القوى العربية ومزايداتها، ولاسيما تلك التي تنتمي للإتجاه القومي العروبي، حيث الخطاب المٌعدل والنسخة المحسنة قليلاً من خطاب "البعث العربي الإشتراكي"، التخويني والمؤامراتي المعروف ذاك.

بحضورها وتنظيمها مؤتمر واشنطن في مبنى الكونغرس الأميركي، تكون المعارضة الكردية، في منظورنا، قد دخلت مرحلة جديدة وإختارت المسار الصحيح، في الإستفادة الحقيقية من قوة وحضور الشارع الكردي: الشارع الأكثر نشاطاً وحراكاً في سوريا هذه الأيام. فبدل التحرك بوسيط وسمسار من المعراضة العربية بإتجاه واشنطن وغيرها، هناك طريق مفتوح ولايحتاج لوساطة، سيما وأن الكرد في سوريا أصبحوا رقماً صعباً وقوة دافعة نحو التغيير لايمكن تجاهلها.

ثمّة من يخطئ حينما يربط الإتصالات مع واشنطن بتلقي الدعم المادي أو المعنوي منها، وبالتالي الوقوع في "جاذبية خطورة إملائاتها"، هذا كلام فارغ ومنتوج مستهلك من منتوجات الأنظمة الشمولية ومنظريها، فهناك مصالح لكل جماعة سياسية، وهذه الجماعات ينبغي عليها تفحص الوضع الدولي والعلاقات الدولية، إذما كان ثمّة من مصلحة لشعب ما مع جهة سياسية دولية مؤثرة، ليس هناك ضير من إقامة علاقات مصالحّية معها، فكيف إذن لو كانت الولايات المتحدة الأميركية، صاحبة الأمر والنهي في العالم؟. فحقاً أن مصلحة الكرد، وأغلبية القوى الديمقراطية في سوريا، من تلك التي إختارت أمر تغيير النظام السوري، ويأست من إصلاحه، المصلحة الحقة في التعاون مع واشنطن وغيرها من القوى الدولية المؤثرة لإسقاط هذا النظام وخلق البديل الديمقراطي التمثيلي عنه...

مؤتمر واشنطن الكردي، نادى بإجتماع كبير في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث التشاور بين القوى الكردية الفعلية لأمر تحديد المطاليب الكردية الديمقراطية في سوريا مابعد نظام بشار الأسد، والقوى السياسية الكردية تتحمل مسؤولية التنسيق وتوحيد الخطاب للتعامل مع الظروف والمستجدات الحالية المتسارعة، ويقع الحمل الأكبر هنا على عاتق الأحزاب الكردية الفاعلة: واقصد حزب الأتحاد الديمقراطي في سوريا، حزب آزادي الكردي، وحزب يكيتي، وحزب الوحدة، فهي القوى الكردية الأكثر فاعلية على الأرض، وملزمة تبعاً للواقع الحالي، بتشكيل جبهة سياسية ذات خطاب واحد للتنسيق فيما بينها ومواجهة كافة التحديات والمستجدات...

وهناك نقاط إتفق عليها هذا المؤتمر، يمكنها أن تصبح بداية حقيقية لتوحّد خطاب هذه القوى، وإخراجها من حالة التشرذم التي تتخبط فيها حالياً، وهذه النقاط هي الآتية:


1 ـ ضرورة الاعتراف بالشعب الكردي كأحدى المكونات الاساسية في سوريا والاعتراف في وجوه على ارضه التاريخية واعتبار القضية الكردية في سوريا قضية ارض وشعب .
2 ـ الدعوة لصياغة دستور علماني جديد لسوريا يعترف بحق الشعب الكردي وممارسته لحقوقه وواجباته ويضمن حقوق باقي الاقليات الأخرى .
3 ـ حق الشعب الكردي بتقرير مصيره على أساس الارتباط بالوطن السوري .
4 ـ تأيد الحركة الكردية للتغير الديمقراطي الحقيقي في سوريا وضرورة انهاء النظام الديكتاتوري الحاكم في دمشق .
5 ـ تأييد الحركة الكردية كافة القوى الديمقراطية الحقيقية للمعارضة السورية والتضامن معها والوقوف ضد الإرهاب والعنف في سوريا والمنطقة .
6 ـ تأييد المؤسسات المدنية والحقوقية في سوريا والمناطق الكردية .


يبقى القول هنا، إن الخطاب الكردي السوري، يستند على شارع قوي وفاعل، مستعد للتحرك، و بٌعد إقليمي كردي قوي، يمكنه المساعدة وتقديم كافة أنواع الدعم، في حال بروز أي طارئ. الشيء الوحيد المطلوب، هو تحرّك القوى السياسية الكردية، لوضع خطاب موحد ومنهاج عمل واضح لقياد الفعل السياسي الكردي، في بحر المتغيرات المتلاطم هذا، بعيداً عن عن الخلافات والمصالح الحزبية والشخصية الضيقة، التي طبعت حال الحركة السياسية الكردية منذ التأسيس الأول، والإنشقاق الأول....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق مع الزمن لتفادي المجاعة في قطاع غزة • فرانس 24


.. اعتقال عنيف لمؤيدين لفلسطين في جامعة -السوربون- الفرنسية #سو




.. اعتقال عشرات الطلاب المؤيدين لفلسطين في جامعة -نورث كارولاين


.. في غياب آخر الشهود.. من سيحكي للطلاب قصص الحرب العالمية الثا




.. الإعلام الإسرائيلي يناقش المخاوف من إمكانية إصدار مذكرات اعت