الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول فصل الدين عن السياسة او الدولة.

حاتم استانبولي

2018 / 5 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتداول مطلب فصل الدين عن السياسة او الدولة !
السؤال الذي يطرح نفسه هل هذا مطلب واقعي او صحيح في منطقة كل تاريخها الإنساني وصراعها مع ذاتها ومع خصومها قائم على أساس الفكرة الدينية هذه الفكرة التي أصبحت جزء من التكوين الثقافي والسياسي وحتى النفسي لمجتمعات المنطقة . ان سيادة قوة العادة الجمعية تفرض نفسها على المثقفين والعلمانيين والمتدينين وتجد انهم يستخدمون ذات المصطلحات التي تعبر عن عمق اثر الفكرة الدينية فتقاليد الزواج والموت لا يمكن ان تتم الا على أساس الثقافة الجمعية القائمة. ومؤسسات الدولة ودستورها ونظامها تجد في كل اركانه وزواياه الثقافة الدينية السائدة . الأهم ان هنالك حركات سياسية دينية تستخدم الدين في السياسة اليومية وتعمق الفكرة الدينية في مجمل مناحي الحياة وتستخدمه لحرف جوهر الصراع ان كان اجتماعي او وطني .
ان مطلب فصل الدين عن السياسة او الدولة مطلب غير واقعي خاصة ان السلطات الحاكمة هي بحاجة للدين لكي تستمر في حكمها .
لا يمكن احداث التغيير من خلال فرض رؤية بعيدة عن تاريخ وثقافة المنطقة القائمة على اساس الأرث التاريخي المشبع بالفكرة الدينية وآثارها على بنية وثقافة المجتمعات القائمة .لا يمكن احداث تغيير في المجتمع والنظرة الى المرأة يقوم على انها عورة وانها ناقصة عقل ودين المرأة التي هي الأم والعاملة والمعلمة والمهندسة والطبيبة . ان اصلاح النظرة الى المرأة عبر ابراز دورها الأجتماعي والسياسي والأقتصادي والتربوي في تاريخ مجتمعات المنطقة لهو مدخل لأعادة تموضع تقييم دورها التاريخي .
من خلال تجربة الأنتفاضة الشعبية في كل من تونس ومصر نرى ان الدين السياسي كان له دور هام في حسم الخيار الشعبي من خلال توظيف العامل الديني .
أي حزب قائم على أساس الدين لن يجد صعوبة في انتشاره بين الناس في منطقة كل تاريخها قائم على أساس هذه الفكرة بغض النظر عن طائفتها او مذهبها .
ان المطلب الواقعي هو إعادة دراسة الدين بصورة نقدية وتقديمه للأجيال بصورة عصرية مستفيدين من تقدم العلوم الإنسانية والعلمية .
ان استخراج القيم الاجتماعية من الدين وتحويلها لقوانين تكتسب المشروعية الدينية هي اهم مدخل لمحاربة الفساد (كالسرقة والكذب ونهب المال العام) , ,ونشر روح التآخي والمساواة بين الناس القائمة على اساس العدالة والحرية الفردية والجمعية عبر المشاركة الفاعلة في بناء المجتمع .
هذه القيم اذا ما حولت لقوانين عصرية تستطيع ان تكتسب مشروعية شعبية عامة. واذا ما تم إعادة قراءة الفكرة الدينية التي تدافع عن المستضعفين وحقوقهم السياسية والأجتماعية والتحررية نكون قد حولنا العباءة الدينية الى عباءة وطنية . ان إعادة الأعتبار للعامل الديني بمضمون وطني تحرري من خلال إعادة دراسته وإبراز القيم الأجتماعية الوطنية التحررية وكشف القيم العنصرية والعدائية للإنسانية, التي أدخلت للفكرة الدينية من قبل سلاطين راس المال ان كانت يهودية او مسيحية او إسلامية هؤلاء السلاطين الذين قوضوا جوهر الفكرة الاجتماعية القيمة للاديان .
الدين في جوهره سياسية استخدم في ظل غياب الدولة الحديثة الجامعة ليكون له دور أخلاقي لمجابهة الفساد والتغول لراس المال وللسلطة في بداية تكونها هذه السلطة التي كانت قائمة في ظل تخلف في الوعي السياسي والأجتماعي والعلمي في مرحلة انتقال المجتمعات من البداوة الى الأقطاع . وعندما ادركت السلطات الحاكمة أهمية الدين كفكرة جامعة تبنته واستخدمته في سياسات بسط سلطتها السياسية وفي مراحل متقدمة تداخلت مصالحها مع مصالح رجال الدين الذين تخلوا عن جوهر الفكرة الدينية والحقوها بالمصلحة السياسية للسلطة الحاكمة.
ان إعادة دراسة الأديان وإعادة تموضعها كفكرة مناهضة للأستغلال الأجتماعي والسياسي واعطاءه الدور الوطني التحرري لأخراجه من اطار الأستغلال لتقويض وتفكيك النسيج الاجتماعي هو مهمة ملحة للتقدميين ومثقفيهم واحزابهم! لا يمكن تغيير أي ظاهرة الا من خلال إعادة تموضع عناصرها الداخلية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين


.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ




.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح


.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا




.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم