الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة الكردية في سوريا بين الماضي والحاضر

زارا مستو

2006 / 3 / 20
القضية الكردية


لو تتبعنا الأحداث والتغيرات السريعة التي تمر بها منطقتنا ودول العالم لوجدنا أننا بحاجة إلى وقفة جدية على ما نحن عليه, وما كنا فيه.فتقييم تجربتنا الماضية وقراءة مفردات العصر وتفاصيلها وتشعيباتها باتت من الأوليات الضرورية في هذه المرحلة. فتقع هذه المسؤولية الكبرى على عاتق الحركة الكردية في سوريا ومثقفيها, فمن المحال أن نأتي بمشروع ديمقراطي حضاري وثقافة جديدة دون الأخذ بعين الاعتبار التجارب التي مرت بها الحركة الكردية وظروف المرحلة التي نعيشها.
لقد مرت حركتنا السياسية في سوريا خلال العقود الأخيرة بتجارب كثيرة, استطاعت من خلالها أن تدافع وتناضل من اجل وجودها وحقوقها, وحافظت على مقوماتها و ثوابتها القومية رغم إمكانياتها المحدودة, وكانت بعض تجاربها مريرة في تاريخها النضالي, فالانشقاقات التي أصابت جسمها كانت تحت مسميات و مفاهيم شتى, فأول خلاف نشبت بين القيادات الكردية في الستينيات كان سببه الموقف من النظام السوري وقضية الشعب الكردي وحقوقه القومية, وإثر ذلك انقسم البارتي الديمقراطي الكردي إلى اليسار و اليمين, أما بعد السبعينات فالاختلافات كانت تدور حول مسائل شخصية ومفاهيم الحرب الباردة, ونتيجة ذلك انقسمت الحركة الكردية إلى أحزاب عدة, و كان الجانب الفكري والعقائدي لدى بعض الأحزاب تأخذ الحيز الأكبر من عملها النضالي.
أما بعد زوال السوفييت, وبروز القطب الواحد وانتشار المفاهيم الديمقراطية, وتغلغل الأفكار الجديدة بين فئات الشعب الكردي, جعلت تزول معظم المفاهيم القديمة التي كانت سببا في انشقاقات الأحزاب الكردية وتشتتها, فأدرك الجيل الجديد في الحركة الكردية أهمية المرحلة وانعكاساتها وأولوية القضية الكردية والنضال من أجلها بكافة الوسائل, فالطريق أمام الجيل الجديد في الحركة الكردية مازال صعبا وشاقا, والتخلص من تلك الآثار ليس بأمر سهل.
لو تعمق المراقب قليلا في التجارب التي مرت بها الحركة الكردية في سوريا خلال العقود الماضية فإنه سيستنتج العبر والحقائق التي تكون ركائز أساسية في نضالنا القومي الكردي والوطني السوري:
_أكدت التجارب السابقة بأن هناك تيارين في الحركة الكردية, تيار تصاعدي يناضل من أجل حقوقه القومية المشروعة, ويؤمن بالنشاطات السلمية كالمسيرات والمظاهرات والاعتصامات, وتيار مازال يعمل بنفس الآليات القديمة التي لا تحرك ساكنا, ويراهن على العوامل الخاسرة في حل القضية الكردية, وأحيانا يكون هذا التيار( أصحاب الذهنية التشتتية والمؤامرتية ) عائقا أمام النشاطات السلمية التي تقوم بها الأحزاب الكردية.
_وأكدت أيضا التجارب الماضية بأن النضال الجماعي بين فصائل الحركة الكردية هو الحل الأنسب للوضع الراهن و التعددية السياسية أمر مشروع في واقعنا الحالي, بشرط أن تكون معقولة ومتمثلة فئات الشعب الكردي, لكن الشيء الذي يترجم ألآن على أرض الواقع هو ليس بمرجو, والشيء الأغرب هو هذه الأحزاب مازالت تتعامل بعقل مؤامراتي مع بعضها البعض.
_ وأكدت التجارب السابقة أيضا بأن الشعب الكردي مستعد للتضحية من أجل حقوقه الإنسانية والقومية لكن تقع المسؤولية على عاتق القيادات لاستغلال الظروف المحلية لتحقيق استحقاقاتها القومية والوطنية, ويبدو أن اغلب القيادات الكردية وللأسف لم تكن بمستوى المطلوب دبلوماسيا لقيام بدورها المنوط بها في هذه المرحلة المهمة والحرجة وخير مثال على هذا ( إعلان دمشق ).
_وأثبتت التجارب أيضا بأنها مازالت الحركة الكردية في سوريا تفتقد الآليات التي ترتقي بالمرحلة والتغييرات الجارية على الصعيد الكوني, فإعلاميا مثلا مازالت لا تواكب المرحلة ولا تمتلك أية وسيلة إعلامية.
_ وأثبتت أيضا التجارب السابقة للشعب الكردي بأن القوى العربية نظرتها السياسية إنكارية تجاه الشعب الكردي في سوريا, باستثناء مواقف بعض الشخصيات الوطنية مثل( أنور البني, نزار نيوف, خالد شوكات وغيرهم) وهذا الإنكار يعود إلى ثقافة السلطة الحاكمة في سوريا والتيار القومي العربي بشكل عام, بينما الأحزاب الكردية تنادي بالأخوة العربية الكردية, وأخوة جميع القوميات الموجودة في سوريا, إذا الصراع مع السلطة والشعب العربي بريء, ويتحمل هذه المسؤولية أيضا الحركة الكردية لأنها لم تطرح برامجها بشكل موضوعي وشفاف, وتكمن الغموض في بعض شعاراتها, فعلى سبيل المثال الشعب العربي لا يعرف ما المقصود من الشعب الكردي في سوريا, أ هناك بقعة جغرافية اسمها كردستان في سوريا أم لا ؟ إذا كان هناك بقعة جغرافية اسمها كردستان, فلماذا لا يعرضون هذه الحقيقة على الشعب السوري؟
_وأكدت أيضا العقود الماضية بان النضال السلمي الديمقراطي هو الحل المجدي لوضع الحركة الكردية في سوريا, والأحزاب الكردية كلها التزمت بهذا الخط, وهذا يشرف الشعب الكردي وحركته السياسية, وإن الخيار الوطني للتغيير الديمقراطي هو الخيار الأسلم وسيناضل الشعب الكردي بكافة الوسائل المشروعة حتى يتم الاعتراف بوجوده وحقوقه الإنسانية والثقافية والاجتماعية والسياسية.
_والتجارب السابقة أثبتت أيضا بان السلطة السورية غير قادرة على استيعاب القضية الكردية وان العقلية التي تتعامل بها هذه السلطة لقد مضت عليها الزمن, وسياسة الإنكار والممارسات الشوفينية والعنصرية التي تمارسه هذا النظام لن تحيد من عزم الشعب الكردي.
إذا لابد لنا أن نقف على تجاربنا السابقة ونقرأها بالموضوعية بغية بناء مستقبل مشرق يكون مبنيا على أسس جديدة, ويفترض أن يكون للجيل الجديد في الحركة الكردية دور فعال في هذه المرحلة المهمة كونه أكثر قدرة على التأقلم مع التغيرات التي تجري على الساحة العالمية, وعلينا أيضا أن نأخذ بعين الاعتبار التحولات الأخيرة على صعيد المنطقة, فيبدو هناك إصرار جدي لترتيب المنطقة وفق مصالح الجميع, فأي تحول سيكون للأكراد نصيب فيه, فالضمانة الوحيدة للشعب الكردي في هذه المرحلة أن تتوحد الحركة الكردية في الرؤية والكلمة, وإن لم نواكب المطلوب سيجتازنا الظرف مرة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل


.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل




.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق