الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجبر والاختيار

سامر أبوالقاسم

2006 / 3 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التواصل مع دعاة التقوقع والانغلاق موصول في مثل هذه النقاشات على المستوى الفكري والفقهي والسياسي، وهو يتطلب الوقوف مليا عند بعض الآراء والاستنتاجات التي غالبا ما تكون موسومة بالتسرع والتسطيح. وطريقنا للاستمرار في التواصل يحتم علينا وضع القارئ والمهتم في وضعية الجسر الموصول بيننا، ويفرض علينا تحليل وتركيب ونقد القضايا ذات الحيوية الخاصة في مسرح النظر الفكري والممارسة الدينية والسياسية بالمغرب، دون تحجر ولا تطرف ولا تحليق .
وإشكالنا اليوم يتمثل في التساؤل حول حدود التمايز، على مستوى الاستيعاب والهضم والتمثل وصياغة المقترح في شكل برنامج عمل، بين التيارين الفكريين والسياسيين الأساسيين في تاريخ وجغرافية بنية التفكير الإسلامي؛ التيار الجبري الذي أثبت تاريخيا موالاته للسلطة وشرعنته لقيامها وممارساتها دون ضوابط ولا محاسبة، والتيار الاختياري العقلاني الناقد والمشايع تاريخيا للمعارضة السياسية الهادفة إلى إقرار ضوابط وقواعد لممارسة الحكم على قاعدة المسئولية والمعقولية الخاضعة للمحاسبة؟ علما بأن كلا التيارين يمتح من النصوص الشرعية ذات المصدر القرآني، وذلك بهدف التأصيل الديني والفقهي للموقف السياسي، ومنحه في نهاية المطاف الشرعية الإلهية.
فالتيار الجبري يستند إلى الدين لدعم وجوب الولاء والطاعة للحاكم، والتيار الاختياري يستمسك بالدين لدعم الموقف السياسي الرافض لخروج الحاكم في سياسته عن جادة المعقول، وفي كل هذا، من منظور وقتنا الراهن، استبدال للشرعية السياسية بالشرعية الدينية على مستوى تدبير شأن أم القضايا، التي هي علاقة الحاكم بالمحكوم.
من هذه المنطلقات، أين يمكننا تصنيف الاستنتاج القائل بأن " الخلاف يرفع بحكم الحاكم لا بموضوعية اجتهاد المجتهدين المبنية أساسا على غاية إصلاح أحوال الناس الدستورية والسياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية "؟
إن أشد ما يمكننا خشيته، هو أن يؤدي مثل هذا الاستنتاج إلى المزيد من إذكاء النعرات السياسية بين قوى الصف الديمقراطي، وإضعاف قدراته وكفاءاته السياسية والتنظيمية المتنوعة، وبالتالي تأجيل أو تعليق مسألة حسم الخلاف حول مستوى إعطاء الدفعة الكبرى اللازمة لتطور الفكر والممارسة الفكرية والسياسية بالمغرب، سواء من جهة المطالب ـ الحاجات الدستورية الملحة، أو من جهة منهجية إدارة التنافس الفكري والسياسي في الميدان.
يمكننا اليوم بالمغرب العمل على إلحاق نوع من التطوير الكمي والنوعي على مستوى المضمون والمنهاج والرؤية بخصوص القضايا موضوع الاختلاف أو الخلاف. ويمكننا فهم الاستيعاب الواعي للتراث الفكري والفقهي السابق، وتقديمه في شكل قوة اقتراحية تمكننا من الاستفادة في حل مشكلات الواقع في الحاضر، واستشراف آفاق قضايانا الوطنية المستقبلية، دون إعدام أية إمكانية لحضور تقدير مغاير ومختلف. فالعقلانية وروح النقد هما تأكيد على مسؤولية الإنسان واختياره لأفعاله، وتجاوز لتلك النظرة التي لا ترى في الحكم سوى تجل للفعل الإلهي في توجيه شؤون العباد.
بذلك وحده نكون قد ابتعدنا بأفكارنا عن التحجر والتطرف والتحليق في الغيب، وشرعنا في تلمس مداخل الانتقال الديمقراطي، كمدخل لتجسيد الإرادة السياسية اللازم توفرها لإنجاز المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah