الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليقين والثابت والمتغير !!

محمود الزهيري

2018 / 6 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حينما يبدأ أحد الكتاب أو المثقفين ببادئة , مؤداها أنه ليس هناك من شك , وكأني أرد عليه , بلون من ألوان السخرية وأقول له وهنا : أليس الشك موجود !!؟ , فهو يروم إلي نفي الشك عن كلامه أو حديثه أو رؤاه وتصوراته المستمدة بخلفياتها الدينية وموروثاتها , أو السياسية والإجتماعية , أو أي رافد من الروافد , ليلقي بظلال اليقين علي مايراه ليجعل المستمع أو القاريء أو المشاهد يتلقي كلامه بالتصديق المطلق , وكأنه يقين , وهذه العبارات يستخدمها عادة المنتسبين بثمة صلة للمعارف الدينية , حيث يبدأ الحديث بالمطلق وينتهي بالمطلق , ولاينتج ثمة أمر جديد أو قيمة أو رؤية وتصور جديد , لأنه لايستطيع أن يخرج من الإطار المركزي للنص الديني , ليقوم بإنتاج حواشي , مجرد حواشي حول المركز / النص الديني المركزي , ويحوطه بالعديد من التفسيرات والتأويلات , ويصبغه بالعديد من الصبغات التي صبغ بها تفكيره وصبغته به بيئته وثقافة وأسلوب حياته الريفية حيث الدعة والسكينة , والراحة والإطمئنان , أو أسلوب الحياة والثقافة البدوية / الصحراوية , حيث التوتر والقلق وغياب مفردات الطمأنينة والسكينة , لأن طبيعة الحياة متغيرة وغير مستقرة سواء من ناحية السكن والإقامة والإستقرار , فالحياة البدوية في القديم لاتقوم علي الإستقرار ولكن الترحال والتنقل من مكان لآخر حيث الماء والعشب والكلأ , ومن ثم يصير التوتر ملازم لنفسية المقيمين في هذه البيئة والمناخ الصحراوي , وهذا يستجلب النظر والحديث عن المدن الساحلية والغير ساحلية , والمدن والأماكن السياحية أو الصناعية , بخلاف العادات والأعراف والتقاليد التي تسود مجتمع أو بيئة أو قبيلة أو عشيرة أو الحياة عبر إطار دولة الدستور والقانون , والمتعارف علي تسميتها بالدولة المدنية , حيث الحريات الفردية والإجتماعية عبر مناخ ليبرالي حر ,والديمقراطية وثقافة التصويت والإنتخاب , والإنتقاء والإختيار بين أكثر من بديل إنساني أو تعليمي ثقافي أو فلسفي إجتماعي .
ومن أخطر الكلمات أو المقولات أو المفردات هي التي تحمل علي مسطرة اليقين والثبات والديمومة , لأنها تتغيا أن تصير مفردات الحياة ثابتة ثبوتاً مطلقاً حال إطلاعه علي المطلق والتأسي والإحتذاء به واتباعه , ومن هنا تتأتي الخطورة , فيظل المطلق كما هو حيث لامساس , وتظل الحياة تتغير وتائرها بإستمرار من حول المؤمنين بالثبات والديمومة علي مسطرة يقينهم ومطلقهم الغيبي , فتحدث الإختلافات بين المفهوم عن المطلق , ومتطلبات الحياة وحاجياتها اللامتناهية والمتغيرة بإستمرار علي مسطرة المصالح المتغيرة .
لن أقول كما يقول البعض من الثابت أو من المؤكد أو من اليقين , ولكن مازلت أسعي في كافة كتاباتي أو حتي القصائد النثرية أن أجعل المطلق كما هو في حالة ديمومته وثباته , وحالة لامساسه مستمرة كذلك , ليظل التعرف عليه والإيمان به مسألة فردية شخصانية عرفانية ذاتية , ولاتخرج من هذا الإطار , لأن الأزمات تأتي من التحول من الفردي إلي الجمعي , وهذا يؤدي بالجمعي في حالة صدام بينه وبين الفردي طوال إستحضار مفردات أياً منهما , فالجمعي / الجماعة / الإيدلوجية / النص المؤسس / , تجعل الفكر الجمعي متمركز حول الذات , بإنطباعات نفسية جاهزة ومسبقة , تؤسس للحب أو الكراهية , وتحدد للمشاعر والأحاسيس من المتوجب أن يتم بذل الحب له , ومن المفروض أن يتم تركيز الكراهية والعداء له / لهم , لتستمر رحي الكراهية للأغيار والأخرين , الخارجين عن دائرة المركز , والنظر إليهم يكون بمثابة أعداء مكروهين يتوجب إدخالهم إلي نقطة التمركز , ودعوتهم إليه وإستجلابهم بكافة صور الإغراءات المادية أو النفسية والمعنوية , ومن يرفض أو من لاتكون لديه ثمة قناعة بالدخول إلي المركز والسكني بداخله , والحركة والدوران حول الذات والتمركز حول الغائية الموجودة بإستمرار وجودالمركز , إلي أن يتم الخروج من المركز لتدمير كافة / كل المراكز الأخري , وهدم الكتلة الصلبة لأي تجمع / كيان , آخر يمثل المختلف معه أو عنه أو فيه لتستمر دائرة الصراعات اللانهائية , والتي تبدأ بالتمركز حول الذات، وإقصاء كافة الهوامش الخارجة عن النص / المتن / الكتلة الصلبة / المركز /ليصير أي هامس أو خارج أو مشتق أو مستعار عن الكتلة الصلبة بمثابة العدو , والمتوجب إعادته إلي جاذبية التمركز / المركزة / المركزية / الكتلة الصلبة / مركز الدائرة الجهنمية / ليلوذ بها , وإلا كان لواذه بفراقه الحياة هو المتوجب علي كل الدائرين في فلك المركز / وكتلته الصلبة المتمركزة حول الذات / النص ..
من جملة شروط التقدم والتحضر والأنسنة
إخضاع كل الثوابت للنقد والمناقشة والمحاكمة
فليس هناك ثابت إلا المتغير
الثبات وهم والتغير حقيقة , فمن أين يتأتي اليقين ؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج


.. 101-Al-Baqarah




.. 93- Al-Baqarah


.. 94- Al-Baqarah




.. 95-Al-Baqarah