الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحدات قياس الأجل في القرءان: الحول نموذجا

محمد بن ابراهيم

2018 / 6 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يكتسي هذا المقال أهمية بالغة في كشف زيف التفسيرات التراثية للقرءان وعجزها عن الارتقاء إلى مستوى دقة النص ومسايرة سياقاته وخطابه المركب الذي يخاطب أعلى ملكات العقل البشري إن لم يكن يتجاوزها من حيث استنفاذ المعنى بما لا قبل لعقل بشري به في لحظته الآنية بما يستنفذ معه أغراض النص؛ ولعل هذه الخاصية هي الضامنة لاحتفاظ النص بحيويته وجدته عبر التاريخ. ولئن كان المفسرون من كل عصر ضحية أفقهم المعرفي المحدود؛ فان ما تراكم اليوم من علوم ومعارف ومناهج بشرية قادرة على إعادة توجيه فهم النص للإجابة عن أسئلة الحاضر بشكل يتجاوز القول السلفي ويكشف عن تخبطه ويفضح مزاعمه بشان ثبات الفهم والسعي من تم إلى إعادة إحياء الماضي كحل لمعضلات الحاضر؛ وما ينبغي لقول السلف بما فيه من صالح وطالح أن يستنفذ النص كما لا يستطيع أي جيل مهما بلغ من العلم مطابقة مراد الله؛ فلا بد هنا من الفصل بين النص كنص مطلق وبين مجموع ما أنتج حوله من أفهام بشرية تظل قابلة للدحض والإثبات؛ للخطأ والصواب؛ فالنص لا ينطق وإنما يستنطقه الرجال. مناسبة هذا الكلام هو نظرنا المتفحص لمدلول وحدات قياس الزمن في القرءان والتي رادفت بينها كتب التفسير مرادفة عبثية لا تقيم وزنا لمقام القرءان ككتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؛ وانه من أعظم الباطل أن تكون السنة والحول والحجة والعام بمعنى واحد فما لكم كيف تحكمون؟ وعلى أي أساس نظري تستندون؟ بل وكيف استغفلتمونا كل هذا العمر لا بارك الله فيكم حتى حق فينا قول الله : أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل أضل سبيلا.
استعمل القرءان الحول كوحدة لقياس الأجل في الآيات التالية:
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ۚ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ۗ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( البقرة 233).
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ۚ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( البقرة 240).
استعمل القرءان الحول في الآية 233 في سورة البقرة في سياق الرضاعة وفهم الفقهاء أن الحولين بمعنى عامين وهو فهم يتعارض مع الآية 14 من سورة لقمان: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ. والتي تنص على أن عملية الرضاعة أو الفصال تتم في عامين "وفصاله في عامين" باعتبار الواو في وفصاله استئنافية للكلام بحيث يكون معنى العامين محصورا على الفصال دون الحمل وهم بهذا المخرج كمن فر من الرمضاء إلى النار إذ يصطدمون توا بالآية 15 من سورة الاحقاف: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وكما هو واضح فهذه الآية تجعل اجل الحمل والفصال 30 شهرا. فهل يتم الفصال في عامين:24 شهرا أم في 20 شهرا كما يستفاد من الآية 15 من سورة الاحقاف فتبقى من 30 شهر 10 أشهر قمرية للحمل ؟ وهل الحولين هما العامين؟ وهل عدة المرأة غير الحامل المتوفى عنها زوجها هي نفسها عدة المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها؟ والى أي حد يمكن قبول القول بالنسخ و بالتمحلات الفقهية في شأن تفسير هذه التناقضات العرضية؟ بطبيعة الحال أمام هذه التناقضات لجأت كتب التفسير إلى التفسير بالاستثناء بجعل أمد الحمل 6 أشهر ليستقيم لهم الحساب ضاربين بعرض الحائط القاعدة التي وضعوها بأنفسهم: الاستثناء والشاذ لا يقاس عليه ووقعوا في شر ما قرروه من الترادف بين العام والحول السنة والحجة إلى درجة أنهم رادفوا بين الليلة واليوم.
1. حل التعارض بين "العامين " و "ثلاثون شهرا".
انطلاقا من فرضيتنا التأويلية للنصوص العددية في القرءان والقائمة على القول باعتماد القرءان لأنظمة عددية غير عشرية في السياقات القصصية القرءانية عن الأقوام الغابرة وبحسب تركيبة الخطاب النحوية والصرفية يمكن بسهولة وفق هذه الفرضية حل هذا التعارض بالتمييز بين السياق العشري المحمدي الذي وردت فيه 30 شهرا والسياق اللقماني الذي وردت فيه عامين: 24 شهرا تقديرا؛ وانطلاقا من تقرير أننا في العددين معا أمام نفس القيمة مع اختلاف الأساس العددي للعد ما بين الأساس العشري في الآية 15 من سورة الاحقاف والأساس الثماني في الآية 14 من سورة لقمان فان 30 شهرا عشرية الأساس تكافئ 24 شهرا في النظام العددي الثماني الأساس للقمان والذي يخاطب ابنه ويوصيه بوصاياه الثمانية المعروفة بلسانه وفق سياق وقنن مشترك بينه وبين ابنه يضمن ايصال وفهم الرسالة؛ وقد استشهد لقمان في الآية 14 لتعزيز قوة وصيته من كتاب وحياني ومن قول رباني ينص على أن الله قال تقديرا وليس لقمان؛ فالجملة استشهادية في محل خبر من الله وليست جملة إنشائية من لقمان: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين " دل على ذلك قوله تعالى أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير. ولا يلزم من هذا القول أن لقمان نبي موحى إليه بل قد يكون حكيما مصدقا متبعا لما انزل على الرسل زمنه؛ وقد عبر النص عن مدة الفصال بالعامين وليس ب 24 شهر لعلة الإشكال الناجم عن تسمية العدد فقسمة العدد الثماني 24 شهرا على 2 = 12 ثمانية مكافئة ل 10 العشرية وبهذا الفهم فالواو في وفصاله استئنافية والعامين الثمانيين المقدرين بالعدد 24 شهرا يدلان عشريا بعد مكافئتهما على أمد الفصال والذي هو الحولين أي 10 أشهر قمرية × 2؛ ومن هنا فالحول على مستوى التكميم يساوي 10 أشهر قمرية: ( 9,70104 شهرا شمسيا إن حولنا الشهور أما أن حولنا الأيام فذلك يساوي 286,4 يوما شمسيا) و هذه ال 10 أشهر المتبقية من 30 شهرا التي حددتها الآية 15 من سورة الاحقاف أمدا للحمل والفصال هي نفسها الأمد الجزافي القمري الذي قدره القرءان للحمل (295 يوم قمري) باعتبار الإشكالات المرتبطة بعدم ثبات أمد الحمل الطبيعي ثبوتا يقطع به؛ فهو يمتد حسب الدراسات من 270 يوم إلى 290 يوما بمعدل 280 يوما تبعا لعدد من المعطيات المؤثرة؛ ومن هنا اعتمد القرءان في قياس أمد الرضاعة على الحول وحدة للقياس باعتباره أمدا متغيرا يُكمم تبعا للبث الجنين في بطن أمه؛ وعلى هذا الاساس فالحول في القرءان يطابق الوضع؛ وكاستخلاص نعرف الحول في الاستعمال القرءاني: بأنه استعمال أمد حدث سابق في قياس أمد حدث لاحق. ومثال: ذلك استعمال القرءان للبث الجنين في بطن أمه لقياس أمد رضاعه أي الحولين؛ ولنفترض أن مولودا ولد بعد 270 يوما شمسيا فان أمد رضاعه هو 270 × 2 وحيث أن هذا الحساب وفق هذه الحالة لا يستغرق 30 شهرا قمرية ( الحمل والفصال× 2) فقد وجه النص إلى إتمام الرضاعة وفق المتوسط الجزافي القمري للحمل أي 10 أشهر قمرية × 2 لمن أراد أن يتم الرضاعة أما من لم يرد فلا يلزمه إلا ضعفي ما لبثه الجنين في بطن أمه. وحتى لو فرضنا جدلا أن 24 شهرا عشرية باعتبار أن القرءان يخاطبنا بالعدد العشري في السياقات القصصية بالاسم دون القيمة فان 24 عشرية القيمة تحتل في النظام الثماني قيمة 19,2 شهرا للفصال فيكون الحمل والفصال في هذه الحالة 28,8 شهرا قمريا وهذا أمر عادي لان أمد الحمل الطبيعي متباين غير ثابت ولان إتمام الرضاعة وفق الحساب القمري مسألة اختيارية.

• حساب الآية 15 من سورة الاحقاف:
وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ
تخاطب هذه الآية الرسول محمد ومن اتبعه فلزم من ذلك أن العدد الوارد فيها عشري حصرا ؛ ومن هنا فان الحساب يكون بتوحيد وحدة القياس في السنين مثلا بما هي قسمة عدد أيام العام على 7 على الشكل التالي:
الحمل: 10 أشهر قمرية: 5,83331 سنة قمرية
الفصال : 20 شهرا: 11,66669 سنة قمرية
حتى إذا: أمد زمني مجهول القيمة يتعين حسابه كالآتي: يحسب بطرح 20 شهرا - بعد تحويلها إلى السنين بقسمتها على 12 شهرا وضرب الخارج في سبعة لتوحيد وحدة القياس في السنين- من 40 سنة لنعرف قيمة "حتى إذا" بما هي أمد زمني مجهول القيمة يفصل بين الفصال وبلوغ الأشد ؛ وهي حسابيا تساوي :28.33334 سنة قمرية .
بلغ أشده: مرحلة مجهولة القيمة يتعين حسابها: يحسب بعملية جمع 11.66669 سنة:
( مدة الفصال بالسنين) إلى 28.33334: ( قيمة حتى إذا ) = 40 سنة قمرية.
وبلغ أربعين سنة: قيمة معروفة بالنص: 40 سنة.
مجموع الأمد الذي يتم فيه الحمل والفصال إلى بلوغ الأربعين سنة هو حاصل جمع أمد الحمل والفصال وقيمة حتى إذا وقيمة بلغ أشده وقيمة أربعين سنة يساوي: 125,83333 سنة قمرية؛ ما يمثل 17,97619 عاما قمريا. أما دون احتساب الحمل والفصال فان العمر الذي يبلغ فيه الإنسان عمر الأربعين سنة هو فقط 108.33334 سنة؛ أي ما يمثل 185.71428 شهرا قمريا بعدد حروف الآية 15 : 186حرفا حسب رسم مصحف المدينة المنورة ؛ وبالأعوام يساوي ذلك 15,47619 عاما قمريا ولا نرى ضرورة للتعليق على أقوال الفقهاء في بلوغ الأشد وفي تفسير عمر الأربعين سنة.
• التمييز بين عدة الأرملة الحامل وغير الحامل:
ميز القران بين عدة المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها أو التي ظهر حملها بعد وفاة زوجها فأوصى لها بالمتاع في بيت الزوجية إلى الحول أي إلى الوضع غير إخراج؛ وبين عدة المرأة غير الحامل المتوفى عنها زوجها ولم يظهر حملها بعد : يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا أي 4,10 أشهر قمرية: (354,33) وليس عشر ليال كما قال ويقول المفسرون؛ وهو ما يمثل 121,06393 يوما قمريا ووظيفة عشرا هذه هي جبر كسور الشهر القمري حتى يستوفي كل شهر من الشهور الأربعة 30 يوما وإذا كان لهذا الفهم من عزاء في هذا الزمن الأغبر فهو عدد حروف الآية 234 من سورة البقرة برسم مصحف المدينة المنورة؛ وما من نسخ في القرءان بالمعنى الذي يفهمونه ولكن قليل من يسمع أو يعقل فبعدا كما بعدت ثمود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال




.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري


.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة




.. تعمير- د. عصام صفي الدين يوضح معنى العمارة ومتى بدأ فن العما