الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة طويلة و لكن لا بد منها

دروست عزت

2018 / 6 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أحدهم كتب يقول:
قرأتها فأدمعت عيناي واستحيت من ربي ألا أرسلها لمن أحب لما فيها من عبرة وثواب : ويقول:
( إقرأها فهي قصيرة ولكنها مؤثرة جداً ) إنه حديث قدسي تقشعر له الأبدان وتتجلى فيه عظمة الخالق ...
فأردنا أن نقول له: لماذا أدمعت عيناك ؟؟ ،وعلى ماذا ؟؟،
وما الغريب الذي أبكاك على ما هو موجود في هذا الحديث العادي ؟

( قال سبحانه وتعالى ...
" يا ابن آدم جعلتك في بطن أمك ، وغشيت وجهك بغشاء لئلا تنفر من الرحم وجعلت وجهك إلى ظهر أمك لئلا تؤذيك رائحة الطعام ، وجعلت لك متكأ عن يمينك و متكأ عن يسارك فأما الذي عن يمينك فالكبد ..... وأما الذي عن يسارك فالطحال .. وعلمتك القيام والقعود في بطن أمك .. فهل يقدر على ذلك غيري ؟؟فلما أن تمّت مدتك وكملت خلقتك، أوحيت إلى الملك بالأرحام أن يخرجك فأخرجك على ريشة من جناحه ، ليس لك سن تقطع ، ولايد تبطش ، ولا قدم تسعى ، فبعثت لك عرقين رقيقين في صدر أمك يجريان لبناً خالصاً حاراً في الشتاء وبارداً في الصيف وألقيت محبتك في قلب أبويك ، فلا يشبعان حتى تشبع ... ولايرقدان حتى ترقد ، فلما قوي ظهرك واشتد عضدك بارزتني بالمعاصي في خلواتك ، ولم تستحي مني ، ومع هذا :
إن( دعوتني أجبتك ) وإن ( سألتني أعطيتك ) وإن ( تبت إليّ قبلتك )(سبحانك يارب ما اكرمك. واعظمك).

ونقول لهذا الأخ الذي ما تزال عيناه تدمعان:

أين دموعك من الأبرياء في سجون الظالمين ؟؟
أين إحساسك تجاه الفقراء الجائعين والمحتارين والجرحة والضائعين في البراري، و المستعبدون الذين يطالبون بحقوقهم بصوت مدوٍ حتى الصراخ فلا تُستجاب دعواهم، والجياع والمظلومين سألوه منذ ما قبل نزول خرافة الأديان والأحاديث القدسية التي سميت بالقدسية للفت الأنظار اليهم أكثر، ومع ذلك فإن كل هذه الأدعية لم نغير ولم تقدم ذرة من الرحمة ولا حتى شفقة على النفوس، وهذا دليل على أن الإنسان يخلق لذاته أوهام ويعيش على تصورات، فإما هو من يحتفظ بها لنفسه أو تكون هي أصلا مزروعة فيه منذ صغره، ولن يكون بالإمكان يوما إثبات أن القضايا والحاجات يمكن حلها بالدعاء و الرجاء والتضرع إلى الإله الا اذا اقنع الشخص نفسه بذلك.

أما عن التوبة فهناك من يتوبون ولكنهم يزدادون فساداً أكثر من الاول لأن التوبة لا تنفع الذين يتوبون طمعاً في الحوريات، ولم نرى الله حاسبهم يوماً على ذلك هذا إن تابوا حقاً.

أوليس تكرار الأحاديث القديمة هو بحد ذاته كفر وجريمة بحق الأناس الفقراء البسطاء من قبل الذين يستغلون ويتاجرون بها، وتكون هي بحد ذاتها ذنبٌ لا يُغتفر للإنسان لأن من يشجع الناس على الجهل والإتكال والتصورات الخاطئة التي أختلقها البعض ليصطادوا بها العقول الميتة والساذجة.

نقول لهذا المحترم:
إن الله يحب الحقيقة، لذا عليكم قولها حتى وإن تضررتم منها، هذا إذا كنتم حقاً صادقين مع الله.

ويستجيب الله للإنسان إن إستجاب الإنسان لأخيه الإنسان وإلا فالله لا يستجيب للإنسان بدون الإنسان.

يقبل التوبة ويطهر القلوب ان كان صاحبها صادق مع نفسه وأحب هو التغير، فالله لا يغير في الإنسان إن لم يغير الإنسان ما في نفسه، وإن غير الإنسان فلا حاجة إلى الله بالأصل.

نقول لصديقنا ذو العينين الدامعتين على هذا الحديث العادي البسيط:
خيركم هو من يكون خيراً لأهله وأصدقائه وناسه وشعبه ويزرع الخير أينما كان.

فلا الأحاديث تشفي الغليل، ولا تأتي بالخليل، ولا تُصلح البخيل، ولا تنزه الرزيل، ولا تؤثر في النبيل.

فالصالح هو من يكون تربيته صالحة لأن لا خير في دين بدون تربية، والعاقل هو من تعلم الخير والمحبة ليسقي بها الآخرين، لا من يصلي ركعتين قياماً وقعوداً ويعتبر نفسه أنه قد قام بواجباته نحو مجتمعه وشعبه.

لا خير في صلاة ٍ بدون أن يقوم صاحبها بواجباته القومية والوطنية والإنسانية الاجتماعية لأن الصلاة لا تنفع الله بشيء مادام الله هو القهار والكبير والأول والأخير.

المؤمن الحقيقي هو من يصوم عن الكذب والكره والبغض و الهمزة و اللمزة و يفطر عن الطعام، لا من يصوم عن الطعام ويفطر عن كل المعاصي والخطايا.

عزيزنا الرقيق المشاعر:
نور الله أيامكم و زاد في صحتكم و أنعم عليكم نعمة التفكير في أحوال الوطن وناسه يا شيخنا الوقور و جعلكم قوة للدفاع عن حقوق شعبكم المضطهد المغبون من الله نفسه ومن أصحابه المؤمنين المزيفين الذين يقولون ما لا يفعلون و كل همهم هو أن يحصلوا على الحوريات في جنانهم المصنوعة من خيال من ضحك على ذقونهم البيضاء كأذيال الثعالب الثلجية.

صديقي المحترم:
كم ستكون الدموع إيماناً صادقاً و تنم عن رجولة من يذرفها حينما يبحث صاحبها عن ما يفيد المحرومين والبسطاء، ويقطع سبل الرزق الحرام على أولاد الحرام أصحاب الأحاديث المفبركة والمنسوبة الى البعض، فكثيرون هم من كتبوا جملهم ونصوصهم ونسبوها الى الغائبين حتى يقرأها الناس لأنها مدونة بأسمائهم والغاية معروفة عند العقلاء.

ومثل هذا الذي سميته حديثاً قدسياً لا تقشعر له الأبدان، ولا يحرك المشاعر الأحاسي نحو ما قيل، فهو حديث كأي كلام آخر عادي عن شيء موجود منذ العصر النيوليتي المتأخر حينما عرف و أدرك الإنسان ما حوله، ولأنها علاوة على ذلك معلومات عادية عرفتها المدنيات القديمة منذ أمد بعيد، من مثل كهنة فراعنة مصر و كبار فلاسفة أثينا في بلاد الإغريق.

إنه حديث صُنع من كلمات مركبة لتصوير حالة عادية لدى الخلق، وكما أنه مأخوذ من الواقع وليس إبداعاً، وكل ما قيل هو موجود قبل الأحاديث بمئات السنين.

فعلى أصحاب الأحاديث أن يصلحوا أنفسهم قبل أن يكتبوا الأحاديث، و من ثم عليهم مطالبة الغير بالإصلاح.

يا صديقنا الغالي نقول:
أحبوا الله في بعضكم البعض، و احترموا الغير حتى وإن خالفكم، واخدموا أهل الحاجة حتى وإن تعبتم.
أهتموا بأخيكم الانسان إن أخطئ بدون قصد وبقصد، واستروا إن قدمتم لهم حاجتهم.
أوفوا العهد إن عاهدتم لأن في الوفاء نخوة الإيمان، وكونوا كرماء عند الواجب، ولا تبخلوا فيه لأنه كفر ٌ، وإن بخلتم فابخلوا في الحسد وحب التظاهر والوجاهات والفتن والكراهية والتبذير، لأنه إثم عظيم بحق المجتمع، وصَاحِبوا ورافقوا أصحاب الأخلاق ممن يحملون ضمائر حية، الذين يحافظون على الصداقة العذبة، وكونوا هادئين عند الغضب، وصبورين عند الحاجة، واحملوا إيمانكم في أخلاقكم، فلكم جنتكم في حياتكم وموتكم، و التي ستجدونها في راحة النفس.

يا عزيزنا: كفانا سنيناً ونحن ننسخ أنفسنا عن النسخ القديمة المهترية التي لم تعد تفيد الأحياء والأموات، ولم تعد تؤثر حتى على من أمنوا بها و كتبوها.
وشكراً لكم، كما أرجو أن تدمع عينيك على المآسي البشرية وليس على مثل هكذا أحاديث.

ا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah