الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحاكمية والحدود والخلافة والجهاد (مفاهيم ضد التقدم والحداثة)

مصعب عيسي

2018 / 6 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الشاهد ان جماعات الاسلام السياسي والجماعات السلفية بمختلف اشكالها يدعون الحقيقة المطلقة في حين ان تأويلات وتفسيرات النص الديني ليست مطلقة. هذا الاختلاف في حد ذاتة يعني اطلاقية التفسير لدي كل من هذة الجماعات وصلاحيتة لكل زمان ومكان. ان كل منهم يدعي ملكية (الحق اليقين) رغم ان المرجع واحد (كتاب وسنة) فلاختلاف أذن ليس في القران والحديث،لأنهم متفقون علي ذلك. وانما في رؤية كل منهم لمرامي المقصود الالهي (القران) والنبوي (السنة) في تأويل وتفسير القران والحديث حسب رؤية كل منهم لما يجب ان يكون. اختلاف الجميع في المصدر الواحد (الذي لا يعلم تأويلة الا الله) يعني بالضرورة الغاء مفهوم النبوة المتمثل في (الوحي) وتقرير نبوة جديدة، رغم ان النبوة انتهت ولم يعد لها وجود اليوم.
المشكلة ليست في الخلاف ك(مبداء طبيعي) ولكن في ربط هذا الخلاف بالله او الارداة الالهية او بالمشيئة. فلا يمكن ان يكون الله قاتلا للاطفال والعزل والابرياء بالوكالة او (بالتفويض) من خلال النصوص بارتكاب هذة الجرائم البشعة. فنحن نجد ان كل هذة الجماعات والتيارات متفقة علي مبادئ او كليات هي في الاصل ضد مفاهيم التسامح وقبول الاخر في عالم منتفح ومتطور ك(الحاكمية والحدود والخلافة والجهاد ... الخ) وهي مفاهيم (مفتاحية) وتكاد تكون مجمع عليها بين جميع التيارات والجماعات الأسلامية وتعتبر من البديهيات عندهم. رغم انها السبب المباشر في حالة الانحطاط والتخلف التي نعيشها. وسبب مباشر في حالات الانقسام المستمر بين هذة الجماعات واقتتالها فيما بينها. وبسببها عمت هذة الفوضي الفكرية (التعميمية) جميع المسلمين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في كل ما يدور. وانما كانوا ضحايا لافكار ومواقف دينية مقررة مسبقا. وقد شاهدنا اقتتال هذة الجماعات في سوريا رغم اجماعها علي إسقاط بشار الاسد. وكذلك سقوطهم في مصر بعد ثورة 25 يناير رغم انهم جاءوا للحكم عن طريق الديمقراطية والانتخاب. ونحن في السودان لسنا ببعيدين عن كل ذلك. فالاسلاميين عندنا انقلبوا علي الحكم الديمقراطي سعوا لترسيخ المبادئ (الاسلام العالمي) بالاجتهاد الخاص في فكر حسن الترابي (الدعوة ثم التمكين ثم الانتشار) وهي نفسها الافكار التي نعاني منها كشعب سوداني الي يوم الناس هذا.
المشكلة ليست في التسامح وقبول الآخر. فالقران قرر ذلك وانتهي في وعي المسلم العادي (البسيط) في سلوكة وعباداتة وتعاملة مع الآخرين (لا اكرآه في الدين) (ادعو الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وغيرها من النصوص التي عرفناها ابا عن جد في (الاسلام الشعبي) ان جاز لي التعبير. في المنزل والشارع والسوق. انة الاسلام الذي عرفناه منذ قديم الزمان وتعلمانة ك(سلوك اخلاقي) من الاباء والاجداد الذين كانوا يتعاملون فيما بينهم بكل محبة وتسامح وعدالة. فما الذي تغير أذن بعد ظهور الاخوان المسلمين والجماعات السلفية والجهادية ..!؟ ما يفسر هذا التغير هو ان هذة الجماعات لم تنشأ كجماعات تحمل تعبيرات ثقافية او اجتماعية او سياسية مخصوصة (في المحيط الذي تعيش فية) بقدر ما نشأت كجماعات إيديولوجية (مغلقة وثابتة) بحيث لا يمكن لها ان تخضع للتلاقح ولا للتطور ولا حتي للتكيف. لأنها تعيش في عزلة بسبب افكارها (الطوباوية) عن الواقع الاجتماعي وحقائقة الوجودية.
يقول "كرين برنتن" في كتابة (تشريح الثورة)، الذي أرخ للثورة البريطانية والفرنسية والاميركية والروسية. "ان الماركسية قامت بالدور نفسة الذي يقوم بة الدين حين ارغم الماركسيون الناس علي اداء انماطا من المشاعر المتشابهة، والقوية حتما، العقائد الكونية، والطموحات الاخلاقية، وغيرها علي نحو مغالي فية، فالماركسية كعقيدة حققت الكثير. لكنها كنظرية علمية لم تتجاوز كتاب راس والمؤتمرات العلمية" انتهي. فالشاهد أننا اذا عدنا للتاريخ العربي الحديث "نهاية القرن التاسع وبداية العشرين" او ما عرف بفترة (الصدمة الحضارية) نجد ان المفكرين المسلمين الذين حاولوا الاجابة علي اسباب او دوافع (تخلف المجتمعات العربية) وضعوا افكارهم التي زعموا انها جديدة في مواجهة ضدية مع (تقدم المجتمعات الاوروبية) وذلك بالاستناد الي الدين باعتبارة (هوية اممية) لمواجهة الخطر الداهم المتمثل في (الامبريالي او الغربي او المسيحي او المستعمر... الخ) فقد زعم المسلمون المتخلفون في ذلك الوقت ان بإستطاعتهم الإجابة علي كل منجازات وتقدم العقلانية الاوروبية من منظور (المقارنة) وليس (التجربة) في حين الغرب كان قد اشتغل علي ترسيخ مفاهيمة النهضوية منذ القرن السادس عشر.بدءا بحركات الاصلاح الديني والعقلانية وصولا لافكار التنوير والعقد الاجتماعي والدستور والديمقراطية واخيرا الحداثة.
ويمكن الاستدلال علي حالة الانحباس الحضاري لدي هذة الجماعات في تحولها لمنظومات (مغلقة وضدية) فيما بينها، بعد ان وجدت نفسها متخلفة عن قطار الحداثة. وهو ما يفسر دوافع استبداديتها والغاءها للآخر المختلف معها فكريا، اي دعاة العقلانية والليبرالية والتعددية الاجتماعية والفكرية. وكذلك وقوفها ومساندتها و(دعمها احيانا) للانظمة الشمولية لمجرد ادعاء هذة انها ضد الامبريالية. ويبدو هذا واضحا عندنا في السودان تحديدا. وكيف إنهم طوعوا كل شئ لخدمة اجندة حزب المؤتمر الوطني (الاسلامي) الحاكم. فالمشكلة إننا بتنا ازاء جماعات تحمل افكارا لم تعد صالحة اليوم. انها الافكار التي تعبر في كل يوم حجم الفوات التاريخي والتخلف الفكري. كما انة يتعذر معها إقامة نظام (توافقي) اذ لا يوجد نظام ديمقراطية حقيقي بدون نظام سياسي يقوم علي الحرية والمواطنة وقبول الآخر. وبوجود هذة المرجعية المتخلفة لا يمكن اي تطبيق افكار ليبرالية/حداثوية. كما انها تمثل عائقا امام قيام دولة مؤسسات وقوانين. وبالتالي إعاقة تحول الكتل المجتمعية الي اجتماعية بمعني الكلمة بتكريسها إياها عند الحدود الاولية، ما قبل المدنية (الاثنية، القبلية، الطائفية، المذهبية) وهي بالتأكيد عوقت قبل ذلك اقامة الفرد (المواطن) الحر والمتساوي مع غيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب