الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالعربية فقط

مايا الحمبريت

2018 / 6 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لسببٍ ما، يبدو أن العربية جزء أساسي ومهم من الرسالة اﻹسلامية، ويبدو أن إله اﻹسلام ﻻ يتحدث غير هذه اللغة وحدها. وما دامت هذه لغة اﻹله، كان ﻻ بد من أن يتم فرض اللغة العربية فرضاً على غير الناطقين بها، حتى أن اﻵسيويين والغربيين المسلمين يضطرون للصلاة وقراءة القرآن باللغة العربية، ﻷنه من غير المقبول فعل هذه اﻷشياء بأي لغة أخرى.

يتضح هذا حينما يتفاخر القرآن بأنه مكتوب باللغة الوحيدة التي يمكن استخدامها ﻹيصال هذه الرسالة السامية:
{ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يُعلِّمُه بشرٌ لسانُ الذي يلحدونَ إليه أعجميٌّ وهذا لسانٌ عربيٌ مبين} (النحل: 103).

فهذه اﻵية تُعيّر اﻷجانب (أو اﻷعاجم) بأن لغاتهم قاصرة، والقرآن يسمو فوقها ببيانه، ﻷنه نزل باللغة العربية الفصحى (المبينة). والقارئ ﻻ يملك إﻻ أن يتساءل: ما العيب في لغات اﻷعاجم؟ ما المشكلة في أن ينزل القرآن بالهندية أو الصينية أو اﻷلمانية؟ لماذا يجب على كل من أراد أن يكون مسلماً، أن يقرأ القرآن بالعربية حصراً؟ ولماذا يتهم القرآن اللغات اﻷخرى بأنها معوجّة وغير كاملة؟
{قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون} (الزمر: 28).

ليس هذا وحسب، وإنما تأتي اﻵية التي تليها لتؤكد أن الرب نفسه ﻻ يكترث لغير الناطقين بالعربية، وأنه لن يحاول حتى هدايتهم:
{إن الذين ﻻ يؤمنون بآيات الله ﻻ يهديهم الله ولهم عذابٌ أليم} (النحل: 104).

هذا تصريح خطير للغاية، من رسالة تطرح نفسها على أنها رسالة سماوية خاتمة لجميع الرسالات، ويجب على جميع البشر أن يتبعوها. والتصريح يأتي مرة أخرى متفاخراً بهويته العربية:
{بلسانٍ عربيٍ مبين} (الشعراء: 195).

ولكنه يمضي ليقول أن هذه الرسالة كانت مذكورة في كتب الرسل السابقين:
{وإنه لفي زبر اﻷولين} (الشعراء: 196).

كما أنه يؤكد على صحة هذه الرسالة بأن يذكر أن علماء بني إسرائيل يعرفونها:
{أولم يكن لهم آيةً أن يعلمه علماء بني إسرائيل) (الشعراء: 197).

فلو كانت هذه الرسالة مذكورة في كتب بني إسرائيل، فما هي اللغة التي ذكرت بها؟ هل كانت العربية أيضاً؟ وإن لم تكن العربية، فما العيب في أن تكون الرسالة قد أنزلت بلغة بني إسرائيل مثلاً، ثم تمت ترجمتها للعربية؟ لماذا يستمر تعيير اﻷجانب بلغاتهم:
{ولو نزلناه على بعض اﻷعجمين، فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين} (الشعراء: 198-199).

هل هذه اﻵيات تقول أن الرسالة الخاتمة نزلت باللغة العربية حصراً؟ هل هذا يعني أنها موجهة للعرب فقط؟ لماذا اجتهد العرب إذاً في نشر رسالتهم للعالم؟ هل كان الموضوع سياسياً بحتاً، لتوسيع رقعة مملكتهم وزيادة نفوذهم على اﻷجناس اﻷخرى؟ يبدو أن اﻷمر كذلك، ﻷن القرآن لم يأمر الرسول بفرض سلطانه على اﻷمم اﻷخرى حسب هذه اﻵية:
{وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها، وتنذر يوم الجمع ﻻ ريب فيه، فريق في الجنة وفريق في السعير} (الشورى: 7).

يبدو من هذه اﻵية أن الرسول أمر بأن ينذر بلدته والبلدان المجاورة فقط، ولم يؤمر بنشر الرسالة إلى جميع أنحاء العالم، فمن العبث أن نترجم (ومن حولها) لتصبح (جمبع أنحاء العالم). ولو نظرنا للأمر من هذه الزاوية، يصبح من المنطق أن يكون القرآن حصراً على قارئ العربية الذي يفهمها ويتحدثها:
{كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقومٍ يعلمون} (فصلت: 3).

ويصبح من المنطق أن يهتم الرب بالعرب فقط ويتجاهل ما سواهم، متوعداً غير الناطقين بالعربية بالعذاب اﻷبدي والخسران المبين:
{ولو شا الله لجعلهم أمة واحدة، ولكن يدخل من يشاء في رحمته، والظالمون ما لهم من ولي وﻻ نصير} (الشورى: 8).

فلو كانت رسالة موسى قد أنزلت بلغة بني إسرائيل، حصراً على هذه الفئة، فما المانع في أن تكون رسالة العرب أنزلت حصراً عليهم؟ هذا بالتأكيد ما يستفاد من اﻵية:
{ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة، وهذا كتاب مصدق لساناً عربياً لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين} (اﻷحقاف: 12).

فلنترك إذاً رسالة العرب للعرب، ولنعف اﻷمم اﻷخرى من ضرورة الصلاة والعبادة بلغة ﻻ يعرفونها، فهذه اﻷمم لها كتبها ورسالاتها التي نزلت بلغاتها وهم ليسوا مضطرين للصلاة لرب العربية حصراً.

مايا الحمبريت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah