الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الانشقاق عن الإخوان يعنى الانشقاق عن الإسلام؟

طلعت رضوان

2018 / 6 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل الانشقاق عن الإخوان يعنى الإنشقاق عن الإسلام؟
طلعت رضوان
وهل سيتخلى الشباب المنشق عن القرآن؟
انطلقتْ الدعوة إلى (تجيد الخطاب الدينى) فى أواخرعهد الرئيس السادات (على استحياء) ثـمّ نشطتْ (وبشكل مُـكثف فى عهد مبارك) واستمرّتْ بعد انتفاضة شعبنا فى شهرطوبة/ يناير2011، ولم تتوقف وأظن أنها لن تتوقف.
ولعلّ المُـتابع لدعوة (تجديد الخطاب الدينى) قد لاحظ أنّ من أطلقها مؤسسات الدولة الرسمية، ثـمّ تبنـّـتها المؤسسات الدينية (الأزهروالهيئات التابعة له ووزراة الأوقاف) وكان من نتيجة ذلك أنّ عددًا كبيرًا من المثقفين (من ذوى الاتجاهات اليسارية أوالليبرالية) تبنوا نفس الدعوة وكتبوا عنها كثيرًا، فى مقالات صحفية أودراسات فى بعض المجلات أوفى كتبهم. وقد تواكب مع هذه الدعوة ظهورتيارثقافى أطلق على نفسه (يسارالإسلام) أو(الإسلام اليسارى)
والمُـلاحظ– كذلك– أنّ عددًا كبيرًا من أعضاء الإخوان المسلمين دخلوا سباق الدعوة إلى (تجديد الخطاب الدينى) خاصة فى الفترة التى شهدتْ انشقاق الكثيرين عن الجماعة وعن مكتب الإرشاد، وكان من بين المُـنشقين بعض الأقطاب البارزة الذين أسّـسوا (حزب الوسط) الذى ظلّ تحت التأسيس، إلى أنْ كانت الموافقة على اعتماده رسميًـا بعد انتفاضة يناير2011، ضمن العدد الكبيرمن الأحزاب ذات الصبغة الدينية، بالرغم من أنّ المؤسسين أنكروا ذلك، وادّعوا أنهم (مع الدولة المدنية) وكان من أبرزالأحزاب (حزب الوسط) الذى أعلن مسئولوه أنهم يسعون إلى إقامة (دولية مدنية ذات مرجعية دينية) وهكذا أسفرالمؤسسون عن نواياهم دون مواربة، فكانوا أكثرصراحة من غيرهم.
وعلى الضفة الأخرى من نهرالحياة السياسية المصرية، كان موقف التيارالدينى الذى أطلق أصحابه على أنفسهم (التيارالسلفى) وكانت وجهة نظرهم أنّ من يُـروّجون لدعوة (تجديد الخطاب الدينى) من المسئولين الحكوميين والمؤسسة الدينية الرسمية (الأزهر) إلخ إنما يستهدون (تقويض الدين الإسلامى)
لم يقل هذا الرأى (السلفيون فقط) وإنما قاله الإخوان المسلمون المُـنشقون وأسّـسوا لأنفسهم المواقع الالكترونية، لتوضيح: 1- لماذا انشقوا وتركوا التنظيم الرسمى للإخوان، والذى مضى على إنشائه أكثرمن ثمانين عامًـا وانتهى عمره الافتراضى، ولم يعد يصلح للألفية الثالثة.
2- توضيح أنّ خروجهم من تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، بهدف الدفاع عن (صحيح الإسلام) أو(الإسلام الصحيح) من وجهة نظرهم. وحيث أنّ أغلب الذين انشقوا عن جماعة الإخوان المسلمين ورفضوا التبعية لمكتب (الإرشاد) كانوا (ما بين سن العشرين والأربعين) لذلك التقط بعض الباحثين ظاهرة الإنشقاق عن جماعة الإخوان المسلمين، وركــزفى بحثه على الشباب المنشق، فأصدركتابـًـا فرّق فيه بين (شباب الإخوان وشيوخهم) وأنّ الأمل فى هؤلاء الشباب، خاصة أنه (بفضلهم) سوف يتحقق مشروع (تجديد الخطاب الدينى)
وهكذا تـمّ الترويج لمقولة التفرقة بين شيوخ الإخوان المسلمين والشباب، من منطلق أنّ الشباب (من وجهة نظرمن تبنوا هذه التفرقة) أكثروعيًا بمفردات العصرالحديث، خاصة الشباب الذين كانوا أعضاءً فى تنظيم الإخوان، وبصفة أخص الذين خرجوا (طواعية) أوالذين تمّ فصلهم، بعد أنْ كتب كثيرون منهم تجربته مع الإخوان، لدرجة أنّ بعضهم كتب أنّ من بين أسباب خلافه مع (مكتب الإرشاد) كان حول موضوع (الطاعة المُـطلقة) فسخرمن شيوخ الإخوان وكتب أنّ شعارهم ((أنت إخوانى فلا تجادل)) وأنّ هذا الشعارمن تراث حسن البنا، وقد تأكدتُ بنفسى من هذا الشعار، عندما رجعتُ لتوصيات حسن البنا، ومنها ما ورد فى باب (الوصايا العشر) حيث نصّ صراحة على ((لاتــُـكثرالجدل فى أى شأن من الشئون أيــًـا كان، فإنّ المُـراء لايأتى بخير)) (الشيخ حسن البنا ومدرسة الإخوان المسلمين- تأليف د. رؤوف شلبى – دارالأنصارللطباعة والنشر- عام 78- ص404) ومع ملاحظة أنّ مؤلف الكتاب من أشد المُـدافعين عن حسن البنا ومدرسة الإخوان فى كل صفحات كتابه. وجاء فى التوصيات أيضًا وعلى كل عضوأنْ يلتزم بها ((أنْ تــُــقاطع المحاكم الأهلية وكل قضاء غير إسلامى، والأندية والصحف والجماعات والمدارس والهيئات التى تــُـناهض فكرتك الإسلامية مقاطعة تامة)) (المصدرالسابق– ص400) أى أننا إزاء (جيتو) لايختلف عن جيتواليهود قبل قيام دولة إسرائيل، وربما كانت هذه الأوامر- التى أخذت شكل توصيات– أحد أسباب خروج الشباب من تنظيم الإخوان المسلمين، خصوصًا أنّ من بين التوصيات ((الخضوع والامتثال العملى والتبعية للجماعة)) والقسم أمام المرشد على ((السمع والطاعة فى المنشط والمكره)) وعلى العضوأنْ يتلونص القسم التالى ((أقسم بالله العظيم على ذلك وأبايع عليه والله على ما أقول وكيل)) (المصرالسابق- ص219، 268)
ولكن السؤال الذى غاب عن الباحثين الذين روّجوا لمقولة التفرقة بين شيوخ الإخوان والشــباب، هو: هل الشباب المُنشق عن الإخوان سوف يختلف عن الشيوخ ؟ والسؤال بصيغة أخرى: هل مرجعية المُـنشقين عن الإخوان، سوف تختلف عن مرجعية الشيوخ؟ والسؤال بصيغة ثالثة وأكثردقة: هل سيمتنعون عن الاستشهاد بالقرآن والأحاديث النبوية وسيرة النبى محمد ومجمل التاريخ الإسلامى؟ وحيث أنّ المُـنشقين عن الإخوان المسلمين، ليسوا مُـنشقين عن الإسلام ولاخارجين عليه ولامُعارضين لأحكامه، بل هم مُـتمسكون بتلك الأحكام، لذلك يتبيّن أنّ الترويج لمقولة التفرقة بين شباب الإخوان والشيوخ، تفرقة باطلة، وفيها الكثيرمن التضلـــيل، وليت الأمراقتصرعلى بعض المقالات، وإنما وصل الترويج لهذه المقولة لدرجة صدوربعض الكتب مثل (الإخوان المسلمون فى مصر: شيخوخة تصارع الزمن) تأليف أ.خليل العنانى، والعنوان دال على الهدف النبيل الذى يتمناه المؤلف وهوأنّ هذه الشيخوخة تتطلب ((تجنيد قيادات شابة قادرةعلى التفكيربحرية وانطلاق بحيث تخلق جيلا قادرًا على الإبداع والابتكارفى مواجهة التحديات الفكرية المطروحة على الجماعة حاليًا)) وهذا الهدف النبيل ينطلق من تصورمثالى لن يُغيرمن المنطلقات الحاكمة لفكرالجماعة الحالى. الفكرالمؤسس على مرجعية دينية هى القرآن. وأنّ المجتمع لن تنصلح أحواله إلاّبتطبيق الشريعة الإسلامية. فهل الجيل الجديد القادرعلى ((الإبداع والابتكار)) سيتخلى عن هذه المرجعية؟ أمامنا احتمالان لاثالث لهما: الأول هوالتخلى عن هذه المرجعية. ومعنى ذلك أنّ هذا الجيل الجديد لاعلاقة له بالإخوان المسلمين. الاحتمال الثانى هوالتمسك بذات المرجعية. ومؤدى ذلك أنّ الجيل الجديد صورة كربونية من الجيل القديم.
وإذا كانت الأحاديث النبوية محل خلاف بين الفقهاء، فإنّ القرآن عكس ذلك. فهل سيتغاضى الجيل الجديد عن الآيات أرقام17، 51، 72 ،73 من سورة المائدة؟ أوالآية رقم 29 من سورة التوبة؟ على سبيل المثال فقط. إذا حدث التخلى فنحن إزاء شباب يؤمن بالعقل وبالحداثة التى لاتـُـفرق بين المواطنين على أساس الدين. فهل يمكن أنْ يخرج من الإخوان المسلمين شباب يرفض المرجعية الدينية، ويؤمن بالعقل والإبداع والابتكار؟
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حدوث الطفره
على سالم ( 2018 / 7 / 1 - 01:46 )
لن يتغير شئ طالما لم تحدث طفره كبيره فى تفكير هؤلاء الظلاميين الارهابيين , الطفره الكبيره هنا معناها اعمال العقل بدون خوف واستخدامه بحريه والشك فى مصدر القرأن بعد تشريحه والقاء الضوء الساطع على تناقضاته وخزعبلاته , انا لاارى ان هذا سوف يحدث قريبا


2 - الانفصال عن المنفصل
ابو محمد ( 2018 / 7 / 1 - 10:55 )
الاصل مجتمع متكاتف متفاعل حياتيا كجسد واحد وهذه هي الحقيقة الميدانية فالطابع الموروث بالديانة والعادات لاي طرف لا يفسد وحدة المجتمع الذي اسس بوجودها وكتب ميثاق التعايش على اسس ميدانية موجودة
الاخوان فئة انفصلت عن الاطار المجتمعي العام بامام غير الامام العام للامة فاخذت زاوية اتجاه يسير باتجاه الافتراق بعد حين
فالاخوان بطبيعتها حركة انفصالية عن الكل المجتمعي
اما لشعور بالتميز وهذه عقدة مرضية تتطلب معالجة
او عندهم ما ليس عند الناس اناسي المجتمع الموحد الف سنة او يزيد
فالانفصال عن منفصل نسبة للجسم المجتمعي الكلي لا يعني اي شيء فيزيائيا
وعليه اقتضى التوضيح لرسم المشهد
الاساس فان الاخوان بغض النظر عن باطنهم جزء انفصالي ولا يحل مشكلتهم النفسية والمجتمعية الا العودة لما قبل الانفصال
في مصر مثل يقال ويعمل على ان الجميع مصريون ولكل نكهته الخاصة المشروعة اما ان تخرج جماعة وتنفصل ككتلة عن الاصل فتلك حركة تتطلب معالجة
الفقه السياسي المصري للسيسي مستمد من رؤيا الشيخ على جمعة العلمية بوجوب محافظة الحاكم على وحدة الكل وبالقوة
اما انفصال جماعة عن جماعة فالجرم وقع اساسا بالانفصال عن المجتمع الاهلي


3 - المشكلة الاخوانية
مينا سامي ( 2018 / 7 / 31 - 14:40 )
بالنسبة لي أرى ان المشكلة في جماعة الاخوان تتجاوز مشكلة التطرف الديني بل المشكلة الحقيقية انهم واجهة تخفي تخطيط اكبر من ان يتصوره اعضاء الجماعة نفسها!! ولذلك يجب على شباب الجماعة ان يتخلوا عن جماعة ترى نفسها فوق الوطن والشعب اذا كانوا يريدون ان يصبحوا من ابناء الوطن ومن الجماعة الوطنية ولا مشكلة - من وجهة نظري- في توجه على خلفية مبادىء مقدسة مادام يعترفون بشكل مؤكد على بشرية من يصيغوا تلك المبادىء لتصبح توجه سياسي ويصبح الحزب من ضمن الاحزاب التي تؤيدها او ترفضها الجماهير

اخر الافلام

.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا


.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج




.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف