الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما مغزى التخويف من نار جهنم ؟

طلعت رضوان

2018 / 7 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما مغزى التخويف من نارجهنم؟
طلعت رضوان
هل سيدخل الفقراء والمساكين الجنة؟
وهل النارمصيرالملوك والأشــراف؟
وكيف تحاورأهل الجنة مع أهل النار؟
أهدانى أحد أقاربى (الحريص على هدايتى) كتابـًـا بعنوان (التخويف من النار) تأليف (ابن رجب الحنبلى) وكانت المُـفارقة أنّ دارالنشراسمها (ابن خلدون)
بدأ المؤلف كتابه برصد الآيات التى تناولتْ وصف نارجهنم، التى ((وقودها الناس والحجارة)) (التحريم/6، البقرة/24) بخلاف صورالتعذيب لدرجة تجديد الجلود حيث قال (كلما نضجتْ جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب) (النساء/56) وصوّرالقرآن جبلا من نارعلى (الكافر) صعوده والنزول منه، مع تكرارالصعود والنزول (المدثر/17) وهوأشبه بالعقاب الذى أنزله كبيرالآلهة فى الأساطيراليونانية على (سيزيف) وكانت عقوبته أنْ يحمل حجرًا ويصعد به الجبل وينزل به وإلى الأبد (مع ملاحظة الفارق عن سبب العقوبة بين الأسطورة والقرآن) وهذه الآية أثارتْ مشكلة لدى الفقهاء والمُـفسرين، بسبب ما قاله أحد الأشخاص اسمه (كعب) أنه سمع هذه الآية قبل الإسلام..وكان ذلك فى حضورعمربن الخطاب الذى صـدّق رواية كعب ولم يــُـكذبه (ص135)
وكما نصّ القرآن على التعذيب فى نارجهنم، كذلك وردتْ أحاديث نبوية كثيرة لتأكيد ماجاء فى القرآن، لذلك- كما ذكرالمؤلف- كان الصحابة يبكون عندما يسمعون حديث الرسول أوآية، وهذا ماحدث مع الحسن، ولما سُـئل عن سبب بكائه قال ((أخاف أنْ يطرحنى فى النار)) رغم أنه حفيد الرسول..وحدث مع عمربن الخطاب ومن شدة الخوف مكث مريضًـا لايخرج من بيته لمدة شهر..وحدث مع أبى موسى الأشعرى وعمربن عبدالعزيز..إلخ.
زاد الخوف من نارجهنم بعد نزول عدة آيات تنص على أنّ كل الناس سيدخلون جهنم، وبعد ذلك ((نــُـنجى الذين اتقوا)) (مريم71، 72وهود/119والسجدة/13) ونتيجة هذا الخوف سيطرتْ الهلاوس لدرجة أنّ سعد بن الأخرم قال: كنتُ أمشى مع ابن مسعود فمرّبالحدادين وقد أخرجوا حديدًا من النارفلما نظربكى. وذكرالمؤلف كان كثيرمن الصالحين يذكرنارالآخرة وأنواع عذابها برؤية ما يشبهه بها فى الدنيا. ويتذكرالرؤوس المشوية.
وإذا كان (كل) الناس سيذوقون نارجهنم فمن باب أول أنّ القائمة تشمل من أطلق القرآن عليهم (أهل الذمة) أى اليهود والنصارى الذين لهم (بيت فى جهنم) (ص94، 186) وحتى عم النبى (أبوطالب) فإنّ مصيره نارجهنم لأنه رفض الإسلام..ولما سُـئل النبى عن ذلك قال: لعله تنفعه شفاعتى يوم القيامة..وقال لقد وجدته فى غمرات النارفأخرجته إلى (ضحضاح) أى أدنى أهل النارتعذيبـًـا..وبالرغم من ذلك فإنّ النار((تغلى بالقرب من دماغه وتخرج من منخره)) وقال الرسول: كل قبرلايشهد صاحبه أنّ لا إله إلا الله فهوحفرة من حفرالنار..وقد وجدتُ عمى أبى طالب فى (طمطام) من النارفأخرجه الله بمكانه (الأدق مكانته) منى فجعله فى (ضحضاح) من النار(من ص139- 143)
وعندما نزلتْ آية (لأملأنّ جهنم من الجــِـنة والناس أجمعين)) (هود/119) فإنّ الرسول تولى بنفسه إبلاغ الجن (ص38)
ونظرًا لمكانة شهررمضان فى الإسلام، ذكرالترمذى والبخارى ومسلم وغيرهم أنّ الرسول قال: إذا جاء رمضان صُـفدتْ الشياطين ومردة الجن..وأغلقتْ أبواب النارفلم يـُـفتح منها باب..وفــُـتحتْ أبواب الجنة..إلخ..وذكرالمؤلف أنّ البعض تشكك فى رواية الحديث..وأنه لم يسمعه عن ابن عباس (ص68، 69) ولعلّ تعقيب المؤلف يؤكد أنّ جرائم القتل والسرقة والغش..إلخ تــُـمارس فى رمضان ولم تتوقف طوال1400سنة، وصفحات الحوادث فى الصحف تشهد بذلك.
وإذا كان بعض المدرسين والمدرسات (فى دورالحضانه كما نشرتْ الصحف) يـُـخوفون الأطفال بثعابين الآخرة، فإنهم لم يخترعوا هذا الكلام لأنّ مرجعيتهم حديث الرسول الذى قال إنّ فى جهنم سبعين ألف وادٍ..فى كل وادٍ سبعون ألف شُعب..فى كل شُعب سبعون ألف ثعبان وسبعون ألف عقرب..إلخ (ص97، 111)
وذكرابن عباس أنّ أبا جهل كان يسخرمن أحاديث الرسول وقال: يا معشرقريش أتدرون ما شجرة الزقوم التى يـُـخوّفكم بها محمد؟ قالوا لا..قال: عجوة يثرب. فأنزل الله فيه ((إنّ شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلى فى البطون)) (الدخان/من43- 45) ومع ملاحظة أنّ (شجرة مكتوبة فى المصحف بالتاء المفتوحة)
ولأنّ الرسول كان يهتم بإقناع أتباعه بالتوقف عن تعاطى المسكرات (خاصة أثناء الغزوات) لذلك قال ((من مات وهومدمن خمرسقاه الله من نهرالغوطة)) ولما سُـئل: ما نهرالغوطة؟ قال: نهريخرج من فروج المومسات يؤذى أهل النارنتن فروجهنّ)) (ص121)
أما أغرب ما ورد فى كتاب ابن رجب الحنبلى، فهوعن الحوارالذى داربين أهل الجنة وأهل الناروفقــًـا لما جاء فى آية ((ونادى أصحاب الجنة أصحاب النارأنْ قد وجدنا ماوعدنا ربنا حقــًـا فهل وجدتم ماوعدكم ربكم حقا قالوا نعم..إلخ)) (الأعراف/ من44- 47) وجاء فى الصحيحيْن عن أبى هريرة أنّ النبى قال: ((تحاجتْ الجنة والنارفقالت النارأوثرتُ بالمتكبرين..فقالت الجنة: لايدخلنى إلاّضعفاء الناس وسقطهم..وقالت الناريارب يدخلنى الجبابرة والملوك والأشراف..فردّتْ عليها الجنة: أى يارب يدخلنى الضعفاء والمساكين..إلخ)) والسؤال الذى لم يخطرعلى ذهن مؤلف الكتاب هو: كيف دارالحواربين أهل الجنة والناربالرغم من عـُمق وسعة المسافة بين الجنة والنارخاصة وأنّ المؤلف قال: الجنة فى السماء السابعة وجهنم فى الأرض السابعة السفلى (ص47، 167، 216) وكأنهم من علماء الجغرافيا.
وإذا كان المؤلف لم يطرح السؤال، فإنه بكشفه عن مضمون الحوارأكــّـد حقيقة بالغة الأهمية، وهى أنّ نارجهنم مثوى الجبابرة والملوك والأشراف..بينما أهل الجنه فإنهم من الضعفاء والمساكين..وهكذا يتبين أنّ المؤلف- وغيره من الأصوليين الذين يستشهدون بهذه الأحاديث- لم ينتبهوا لأهمية وخطورة هذا التصنيف الذى حـدّد من هم أهل الجنة ومن هم أهل النار..ومغزى أنْ تكون النارمثوى الملوك والأشراف. ومغزى أنْ تكون الجنة من نصيب الضعفاء والمساكين والسقط؟ فهل معنى ذلك أنه نوع من التعويض عن الظلم الذى وقع عليهم فى الدنيا وما لاقوه من حرمان وبؤس؟ وبالتالى فإنّ هذا المصيرالسعيد للضعفاء والمساكين، ليس له علاقة بمسألة الإيمان برسالة الإسلام، كما هوالشائع والمُـنتشرفى المأثورالإسلامى.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قد يكون
قاسم علي فنجان ( 2018 / 7 / 1 - 14:33 )
لا اعرف لكن من الممكن ان يكون كاتب المقال قد استلهم فكرة الكتابة عن جهنم من كتاب
تاريخ جهنم لجورج بنوا
خالص تحياتي


2 - صناعة السلوك
ابو محمد ( 2018 / 7 / 1 - 17:03 )
لي مداخلة هنا عن جزئية المراد من العقوبة والجزاء
قرات امس عن تدريب بعض اللافقاريات بما تعنيه من ضعف الامكانات والذكاء والاستيعاب السريع ضمن البيئة العامة المتعددة والمعقدة اكثر من الوسط العادي بتاعها البسيط الذي تعيش فيه
يعتمد العلماء في التدريب على الجزاء الحسن والطعم اللذيذ على اتباع النحلة مثلا لاوامر المدرب حتى تتعود برغبة لتنفيذ الامر
ويطعموها مواد منفرة في حالة العناد وعدم الامتثال حتى تتخرج بعد مدة التدريب بصفات سلوكية مكتسبة اصبحت بالتالي ممارسات طوعية عادية
المقصود ان التدريب يخلق صفات ملازمة تباعا
جيب رجل وقل له هذه حسناء في هذه الغرفة ولك ان تزني بها ولكن بعد ان تخرج من الغرفة ستلقى في مرجل حامي في الغرفة المجاورة
فكم واحد سيدخل للبنت؟
عشنا في مدينة جامعية وكان يكفي للردع ان يقال هذه الفتاة مصابة بالسفلس ليعزف عنها اكثر الرجال هوسا بالجنس
الترغيب والترهيب علم صناعة سلوك بقدر ما هو ميزان عدالة


3 - بعقولنا نكسر قيود شياطين معبد آمون
احمد السماوي ( 2018 / 7 / 1 - 17:28 )
يريدون ان نبقى سائرين خلفهم كالخراف ولكن أنى لهم ذلك في زمن أية الله العظمى كوكل ... لقد مضى زمنهم وحان الان زمننا ... أصنام معبد آمون وحراسه الى الجحيم وقيودهم التي حجرت عقولنا زمنا طويلا الى زوال غير مأسوف عليها

اخر الافلام

.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا


.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج




.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف