الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا خالف الفقهاء القرآن

طلعت رضوان

2018 / 7 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا خالف الفقهاء القرآن؟
وهل الصيام بدأ مع الإسلام؟ أم قبله؟
وكيف ولماذا كانت مدة الإفطارمن المغرب إلى العشاء
طلعت رضوان
فى شهر رمضان سنة1955 كتب الشيخ عبدالحميد بخيت مقالافى صحيفة الجمهورية، قال فيه أنه يجوزللمسلم أنْ يفطرفى رمضان..إذا كان يعمل عملا بدنيـًـا شاقــًـا..خاصة إذا كان الصيام سيؤثرعلى عمله.
صوّب المُـتشـدّدون والمُـتعصبون من الإسلاميين (من شيوخ الأزهر..ومن أساتذة ودكاترة الجامعات) مدافعهم ضد الشيخ بخيت رغم أنه أحد شيوخ الأزهر..ومتفقه فى الدين الإسلامى، وكانت (التهمة) الموّجهة إليه أنه يـُـحاول زعزعة الإيمان من قلوب المسلمين..وزرع الفتنة بين المؤمنين..وهدم (ثوابت) الدين..والتشكيك فيما هومعلوم من الدين بالضرورة..إلى آخرهذه (التهم) الباطلة التى تستهدف تقديم الرجل للمحاكمة بتهمة العداء للإسلام والإلحاد.
فى تلك الفترة كان الصراع بين ضباط يوليو1952وجماعة الإخوان المسلمين..أخذ أبعادًا دراماتيكية تصعيدية..حول من يستولى على السلطة (الفعلية) بغض النظرعن شخص الجالس على عرش مصر..خاصة بعد محاولة قتل عبدالناصرفى الإسكندرية عام1954..والقبض على بعض قيادات الإخوان..لذلك لم يهتم الإخوان بمقال الشيخ بخيت.
وبينما تجنــّـب أغلب المثقفين والصحفيين التعرض لمقال الشيخ بخيت..فإنّ عميد الثقافة المصرية (طه حسين) هوالذى تولى الدفاع عن (هذا الشيخ التنويرى) فكتب مقالافى صحيفة الجمهورية (6يونيو1955) قال فيه إنّ الشيخ بخيت من حقه أنْ يجتهد..ومن واجبنا أنْ نستمع إلى ما يقول..ومن حقنا أنْ نتفق معه..ومن حقنا- أيضـًـا- أنْ نختلف معه..ولكن ليس من حقنا أنْ نــُـهاجمه أونــُـكفــّـره..إلخ. ولكن أهم ما ورد فى مقال طه حسين قوله ((ويلٌ لأمة يـُـعاقب فيها الناس على (حق الخطأ) فتلك أمة لاتعرف الحرية ولاتــُـقـدّرها..ولاتقيم أمرها على القصد والاعتدال..وإنما تــُـقيمه على الفتنة والغرور..وأى فتنة أشد من معاقبة الناس على أنهم رأوا رأيـًـا لايـُـعجب الرؤساء))
وأعتقد أنّ طه حسين فى جملته الأخيرة..كان يـُـلمّـح إلى الأشخاص الذين (قد) يكون رأيهم متوافق مع رأى الشيخ بخيت..ولكنهم يخشون غضب رؤسائهم (مثل شيوخ الأزهر) فيجبنون عن قول الحق..أما ما قاله عن الأمة التى تعاقب الناس لأنهم (يجتهدون) فويلٌ لها من مصيرمظلم ينتظرها..فلذلك كان دفاعه عن (حق الخطأ) فأثبت أنه (مؤمن) شديد الإيمان بالفكرالليبرالى التنويرى..وبدورالمفكرين والعلماء والفلاسفة الأوروبيين..الذين رسـّـخوا أهم حقيْن لشعوبهم: حق الاختلاف وحق الخطأ..وكانوا يرون أنّ الحق الثانى أهم من الأول.
ومن عجائب الإسلاميين تأويل النصوص الدينية وفق هواهم..حتى ولوتعارضتْ مع النصوص القرآنية الصريحة والقاطعة..ومن أمثلة ذلك أنّ القرآن أعطى رخصة صريحة للذين لايستطيعون الصيام..وذلك وفق النص التالى بالحرف ((وعلى الذين يـُـطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوّع خيرًا فهوخيرله وأنْ تصوموا خيرلكم)) (البقرة/184) وهذا النص واضح لا لبس فيه..حيث أنّ لفظ (يـُـطيقونه) يعنى يستطيعون الصيام..ومع ذلك ترك لهم حرية الاختياربين (فدية طعام مسكين) أوالصيام..كما أنّ كلمة (يطيق) فى قواميس اللغة العربية، تعنى الاستطاعة ((طاق الشىء احتمله وقدرعليه))
رغم ذلك الوضوح فى النص القرآنى وفى قواعد اللغة العربية، فإنّ أغلب مُـفسرى القرآن عمدوا إلى التزوير..عندما تدخـّـلوا فى النص القرآنى وأضافوا أداة النفى (لا) قبل كلمة (يـُـطيقونه) ومن أمثلة ذلك ما فعله الإمام جلال الدين المحلى..وجلال الدين السيوطى..فى تفسيرهما المشترك الشهيرباسم (تفسيرالجلاليْن) شركة الشمرلى للطبع والنشر..بتصريح من مشيخة الأزهربرقم330بتاريخ15/7/1979..وأضافا ((لايـُـطيقونه لكـِـبرأومرض لايـُـرجى برؤه (فدية) هى (طعام مسكين) ورغم ذلك فإنّ الجلاليْن كانت لديهما درجة من الموضوعية عندما كتبا ((وقيل (لا) غيرمقـدّرة..وكانوا مُـخيـّـرين فى صدرالإسلام بين الصوم والفدية)) ثم تراجعا وتخليا عن الموضوعية عندما أضافا ((ثم نـُـسخ بتعيين الصوم بقوله فمن شهد منكم الشهرفليصمه..إلخ)) (فى تفسيرهما لسورة البقرة) ولكنهما لم ينتبها إلى المـُـغالطة التى وقعا فيها عندما تدخلا فى النص القرآنى بوضع أداة النفى (لا) قبل (يُـطيقونه) ولم يسألا- لاهما ولاغيرهما من المُـفسرين أمثالهم الذين كتبوا نفس الكلام- هل هما أعلم بالمشيئة الإلهية من (الله) الذى أنزل القرآن؟ فإذا كان الأمركما يزعمان..فلماذا لم تأتِ أداة النفى (لا) فى سورة البقرة؟
ولكنهما كانا على درجة من الموضوعية فى تفسيرهما لآية ((أحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ)) حيث كتبا بمعنى ((الإفضاء إلى نسائكم..أى السماح بالجماع..ونزل نسخـًـا لما كان فى صدرالإسلام من تحريمه وتحريم الأكل والشرب بعد العشاء (وهنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ) كناية عن تعانقهما أواحتياج كل منهما إلى صاحبه (علم الله أنكم كنتم تختانون) أى تخونون أنفسكم بالجماع ليلة الصيام..وقد وقع ذلك لعمربن الخطاب وغيره واعتذروا إلى النبى (فتاب عليكم) و(عفا عنكم فالآن) حيث أحلّ لكم (باشروهنّ) أى جامعوهنّ (وكلوا واشربوا) الليل كله (حتى يتبيـّـن) أى يظهر(لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ولاتـُـباشروهنّ..أى نسائكم (وأنتم عاكفون) بنية الاعتكاف فى المساجد.. حيث كان البعض يخرج وهومعتكف فيـُـجامع امرأته ويعود (بعد ذلك للمسجد) (فى تفسيرهما للآية رقم187من سورة البقرة) وهنا تبدوأهمية كتب تفسيرالقرآن..حيث كان الوضع فى صدرالإسلام مختلفــًـا..فأخبرتنا تلك الكتب ومعها كتب (أسباب النزول وهى أهم من الأولى) أنّ (المسلمين) كانوا يبدأون الصيام بعد العشاء..وليس بعد أذان الفجر..فلما ضجر(المسلمون) من هذه الفترة الوجيزة (بين المغرب والعشاء) ليأكلوا ويـُـباشروا زوجاتهم..نزلتْ الآية التى صوّبتْ الوضع..فامتدتْ الفترة الزمنية من بعد الغروب إلى الفجر.
ولكن هل صيام شهررمضان بدأ مع الإسلام؟ أم كان له وجود فى الجزيرة العربية قبل الإسلام؟ الاجابة عند البيهقى فى (دلائل النبوة) وتاريخ الطبرى-ج2والمسعودى (مروج الذهب) وغيرهم حيث ذكروا أنّ نبى الإسلام كان شديد الاعجاب بزيد بن عمربن نفيل وقال عنه أنه دخل الجنة فرآه ((دوحتيْن)) وقال عنه أيضًـا ((رأيته فى الجنة يسحب ذيولا)) وزيد هذا كما كتب المؤرخون (العرب والمسلمون) أنه كان ((حنيفــًـا مسلمـًـا)) وكان ((لايأتى شهررمضان إلاّويصعد إلى غارحراء مُـتحنفــًـا مُـعتكفــًـا يتأمل ويتعبد))
وذكرالمفكرالكبيرخليل عبدالكريم أنّ صيام شهررمضان كان أحد الشعائرالتعبدية الموروثة عن الحنيفية من بين14شعيرة أوطقس أوعادة (الجذورالتاريخية للشريعة الإسلامية- سينا للنشر- عام1990- من ص23- 26)
000
أما عن شعبنا ونظرته لشعائرالعبادات..فهى نظرة شديدة الخصوصية ونابعة من ثقافتنا القومية..أى إيمانه بالتعددية وعدم تكفيرالآخرالمُـختلف عنه دينيـًـا أومذهبيـًـا..وهذا ما تعيه ذاكرتى تمامًـا..حيث تربيتُ فى حارة وسط عمال الفرن (فى أواخرالأربعينيات وأوائل الخمسينيات) وكان أغلب الفرانين لايصومون..ومن بينهم أبى وأعمامى..ولكن ما شدّ انتباهى وظلّ محفورًا فى وجدانى هو: إذا رأى أحدٌ شخصـًـا يأكل أويشرب فى رمضان..كان يقول له وهويضحك ((موش عيب عليك تبقا زى الشحط وفاطر؟!)) أى أنه لم يتناول الموضوع من زاوية (التحريم) الدينية..وإنما من زاوية (البنيان الجسدى) ومع ملاحظة أنّ ما سمعته كان يتم بين الأصدقاء الحميمين فقط..بدليل أننى رأيتُ كثيرين يأكلون ويشربون فى رمضان..ولم أشاهد أى تدخل من آخرين..وكنتُ أرى عمال الفرن وقد جلسوا على المقهى يشربون الشاى ويـُـدخـنون الجوزة فى رمضان..والمقهى أمامه مسجد..ولم أسمع أى كلمة (نقد) أو(توبيخ) ضد هذا السلوك..حيث كان (الإيمان) فى القلوب قبل أنْ يكون فى (المظهر) أى أنّ شعبنا كان مع (التعددية) وضد (الأحادية) وذلك– بالطبع- قبل الغزوالوهابى..وهذا يدل على أهمية النظرإلى الخصوصية الثقافية لكل شعب..كما أنه أكبردليل على وجود أكثرمن إسلام..بتعدد الشعوب التى طــَـبـَـعـَـتْ ثقافتها القومية على الدين.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هي الحكاية تعجيز
ابو محمد ( 2018 / 7 / 4 - 00:41 )
هات كيف خالفوه
يعني عملوا الصيام 15 يوم بدلا من شهر
والسحور صار مع اشراق الشمس
استغرب جدا من عدم وجود ارادة عند الاساتذة الكتاب استيعاب التربية والتدريب كانتا اساس تعليم الناس ميدانيا اي ما نسميها البراكتكا
لو انزلت الاوامر قهرية دون مرحليات وتدريب لقال الناس لولا انزل مراحل كي نستوعبه ونهضمه
وانما انت هنا في حاضرنا هذا والقران امامك محكما كاملا تقول لم يعمل به الفقهاء وعارضوه
فاي فقيه هذا تسميه فقيها افتى بحضرة النبي وقبل ان يكتمل ويتم امر الدين وتحكم نصوصه


2 - مجرد ايضاح
على سالم ( 2018 / 7 / 4 - 07:17 )
اجمعت كل الدوائر الطبيه العالميه ومراكز الابحاث بخطوره مايسمى بصيام رمضان , هذا الصيام له اضرار صحيه قاتله بل وفى بعض الاحيان يتسبب هذا الصيام الرهيب فى وفاه مرضى الكلى وذلك لان المريض يجب عليه شرب المياه بأستمرار , هذا الصيام ليس له اى فائده او منفعه بل هو عذاب وجوع وعطش ونرفزه وكسل ويسبب امراض عصبيه ونفسيه دائمه , فى تقديرى انه من الواجب حظر صيام رمضان بقوه القانون والذى يخالف ذلك يعرض نفسه للمسائله القانونيه والعقاب الشديد بل والحبس حتى يرتدع الاخرين


3 - خلاصة القول
وليد عطعوط ( 2018 / 7 / 6 - 00:02 )
يُطيقونه اى يستطيعونه ، و الحكم منسوخ بآية فمن شَهِد منكم الشهر فليصمه
( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) كما قال معاذ : كان في ابتداء الأمر : من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا
وهكذا روى البخاري عن سلمة بن الأكوع أنه قال لما نزلت ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) كان من أراد أن يفطر يفتدي ، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها

اخر الافلام

.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا


.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج




.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف