الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدارس إسلامية .. وأخرى عامة

واصف شنون

2006 / 3 / 25
المجتمع المدني


حقق الشاب الأسترالي جون ستيفنسون والبالغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما ً فقط، إنجازا ً رياضيا ًعظيما ً في دورة ألعاب الكومنويلث في ملبورن ،فقد إقتنص الذهب من منافسيه الأخرين ذوي الخبرات الطويلة في المسابقات الدولية والاولمبية السابقة ،وجون هو مهاجر من جنوب أفريقيا ومن عائلة بسيطة ملونة وليست إنكلوسكسونية ،طار جون من الفرح وطار مع سروره كل الأستراليين البسطاء ..ليس لأنه كسب الذهب لأستراليا في دورة تشارك فيها أكثر من سبعين دولة ....،بل لشبابه وإندفاعه وحيويته وثقته بنفسه وإيمانه بتحقيق إنجازات رياضية إخرى ،كان جون في مدرسة حكومية استرالية حينما إنتبه اليه البعض لسرعته بالعدو ...!!.



في بداية العام الدراسي الحالي ،إضطرت إحدى المدارس الإسلامية الإسترالية المعروفة في سيدني إلى إستئجار حراس أمنيين ولمدة أربعة أيام أثناء الدوام الرسمي خوفا ً من تصرفات بعض إمهات وأباء بعض الأطفال والتلاميذ الذين رفضت إدارة المدرسة قبولهم أو الأحتفاظ فيهم في مقاعد صفوفها .. ،وبالفعل تجمعن الأمهات أمام المدرسة محتجات على الأدارة وقامن بإطلاق شتائم بالعربية من الصعوبة بمكان ترجمتها الى اي ٍ من اللغات الحية ...،إدارة المدرسة تحججت بعدم توفر مقاعد كافية لأحتواء اعداد التلاميذ في صفوفها ،بينما الأهالي يصرون على إن علاقات المحسوبية والمنسوبية هي الضمان في قبول التلاميذ في تلك المدرسة الذهبية ......،وتم تجاوزالمشكلة بعد تدخل بعض رجال الدين من الجالية الإسلامية بين إدارة المدرسة والأهالي ...

طبعا ً المشكلة لم تحلْ جذريا ً..فسوف تتكرر العام القادم ،والمعلوم إن تلك المدرسة هي الأعلى أجرا ً بين شبيهاتها من المدارس الإسلامية والخاصة ....، والتي من أولياتها الأساسية غطاء رأس الطفلة التلميذة ...، لذا تجد الكثير من المهاجرين ذوي الخلفيات المسلمة يتبارون في تسجيل بناتهم واولادهم في تلك المدارس ويستنكفون من ذكر المدارس الحكومية الاسترالية العامة التي خرّجت معظم رؤساء وزارات استراليا المتعاقبة منذ أكثر من مئة عام ،فهذه المدارس حسب رأيهم لا تستوفي أدنى شروط الأخلاق والإنضباط وطرق التعليم ...خاصة المتعلقة منها في السباحة والرقص والرياضة ..،كما وان بعض المدارس الحكومية توفر دروس لتعليم أنواع الرقص والجمناستيك والغطس ورياضات البلاج ..إضافة الى الرياضات التقليدية مثل الكرة الطائرة والسلة ....ومعظم هذه الرياضات تعرض السيقان والأفخاذ ولو كانت مستورة ...!!



لكل مهاجر كامل الحقوق حسب الدستور في فرض خياراته الأثنية في تعليم أبنائه ،وهذا مكفول حسب القانون الاسترالي الفيدرالي وقوانين الولايات ،فهناك مدارس يهودية وكاثلوكية وارثودوكسية وبوذية وهندوسية ....الخ،لكن كل هذه المدارس تشترك مع المدارس الحكومية الاسترالية العامة في المفاصل العامة لتربية الاجيال ، سوى المدارس الإسلامية التي أُجبرت حكومة نيو ساوث ويلزكبرى الولايات الاسترالية بسببها ومتعلقات اخرى لفرض قرارات جديدة تتضمن التشديد على القيم الاسترالية في جميع المدارس العامة والخاصة ...فبدأت جميع مدارس الولاية بعزف النشيد الوطني الاسترالي يوميا بدلا ً عن يوم الجمعة .



يصلُ المهاجر أو اللاجىء العربي أو المسلم أو الشرق أوسطي الى استراليا وبكل السبل الممكنة وفي اغلب الاحيان لايطمع بشيء إلا الأمان والكرامة الإنسانية والاستقرار والرعاية الصحية ،وما أن يتوطن قليلا ً حتى يستعيد كل عنتريات القبائل السالفة والسنّن البائدة ،ويبدأ في إعادة فحص فصيلة دمّه العشائري القبلي أو القومي والديني والطائفي ..ثم ينعكف على التفريق بين جنس الأولاد وجنس البنات ..الذي يؤدي أوتوماتيكيا ً الى ربط مفهوم الأخلاق حصرا ً بإناث العائلة فقط ...فالذكور الأولاد تعد أفعالهم العدوانية والعاطفية و الجنسية إنتصارات على مجتمع غربي مثل أستراليا ...!!!!.



هناك مدارس حكومية في المناطق التي تقطنها اغلبية من الأثنيات المسلمة وغيرها مثل الصينية والفيتنامية والروسية في سيدني ،إكتسبت سمعة سيئة بين المهاجرين المحافظين على الخصوص ،ولو دققنا بالأمر فان تلك المدارس إكتسبت سمعتها تلك بسبب المهاجرين أنفسهم ،لكن ليس كل ما يقال صحيح فمدرسة حكومية في ضاحية (كابراماتا) ذات الإيجارات المنخفضة ُتعد من أفضل مدارس ولاية نيوساوث ويلز الحكومية والأهلية والدينية ...،كما إن ادارات المدارس الحكومية هي تحت أكثر من مجّهر للمراقبة ومن عدة جهات مختصة ...،فقد ربحت فتاة مسلمة عراقية قضية رفعتها ضد ادارة إحدى المدارس بسبب إصرارها على إرتداء ملابس ثقيلة تخالف قوانين الزي الموحد لتلك المدرسة الحكومية بحجة طريقتها الدينية في إرتداء الملابس وذلك في العام الماضي ...!!



إن المدارس الحكومية العامة في استراليا تمثل الخلطة الإنسانية الفائقة في التسامح والإنسجام في تخطي ملابسات الدين والجنس والعرق واللون والطائفة والطبقة ...، إنها نموذج عالمي أممي لبني البشر ،أطفال من كل بقاع الدنيا يلهون ويتعلمون سوية نفس التعاليم ...تعاليم الحرية واحترام الانسان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحيفة لومانيتيه: -لا وجود للجمهورية الفرنسية دون المهاجرين-


.. السلطات الجزائرية تدرس إمكانية إشراك المجتمع المدني كمراقب م




.. جلسة مفتوحة في مجلس الأمن لمناقشة الوضع الإنساني في غزة وإيج


.. أحداث قيصري.. اعتقال المئات بتركيا وفرض إجراءات أمنية إثر اع




.. المغرب.. المجلس الأعلى لحقوق الإنسان يصدر تقريره لعام 2023