الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انعكاس الثقافة القومية على الموقف من المرأة

طلعت رضوان

2018 / 7 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أعتقد أنّ السماح للسيدة السعودية بقيادة السيارة فى يونيو2018رسالة دامغة ولايستطيع أحد تكذيبها.. وهذه الرسالة تــُـوضح الفارق الحضارى بين شعب وآخر..وبغض النظرعن ظروف الموافقة على قيادة السيارة للسيدات: هل القراركان بتوجيه خارجى؟ أم بتأثيرالتطورالطبيعى للمجتمعات الإنسانية؟ فإنّ دلالته كشفتْ المسكوت عنه فى الثقافة المصرية السائدة، التى بدأتْ بعد يوليو1952حيث دأب إعلام النظام ودأب المتعلمون الكبارمن باحثين وروائيين وشعراء ، الترويج لمقولة أنّ شعوب المنطقة العربية تنتمى لتراث ثقافى واحد، بالمخالفة لحقيقة التاريخ الاجتماعى لكل شعب..والتى أكــّـدتها أبحاث علم الأنثروبولوجيا.
ولكى أدلــّـل على كلامى سأضرب بعض الأمثلة عن نظرة المجتمع المصرى للمرأة: هل هى إنسان أم نصف إنسان؟ فإذا كانت المرأة السعودية ستقود السيارة فى عام2018فإنّ الفتاة المصرية "لطيفة النادى" قادتْ طائرة فى عام1932ولعلّ القارىء يـُـدرك الفرق بين الطائرة والسيارة..ويتوقف عند المسافة الزمنية بين التاريخيْن..وفى نفس العام"1932" ارتدتْ الفتاة المصرية "نعيمة الأيوبى" روب المحاماة ووقفتْ فى ساحات المحاكم لتدافع عن موكليها..مثلها مثل زميلها الرجل.
وفى عام1921 قالت السيدة صفية لزوجها سعد زغلول ((ألم يحن الوقت كى أنزع البُـرقع)) فقال سعد ((هذه ثورة. إرفعى حجابك)) فوقفتْ لأول مرة بوجه مكشوف وإذا بالنساء يتشجّعن ويرفعنه..وقبل ثورة 19إهتمتْ الأهرام بنشرأخبار(جمعية تحريرالمرأة برفع الحجاب) وفى يوم 24/2/1915نشرتْ سلسلة مقالات للقارىء حسن الشريف فتـفاعلتْ معه إحدى الفتيات فنشرتْ لها الأهرام سلسلة مقالات بدأتها يوم10مارس فكتبتْ ((التربية هى أساس الأخلاق ونموذج الطهارة. أرونى فتاة مُهذبة أصرّح لكم ألاّتــُـقـيّدوها بهذا الحجاب. يُـعجبنى بنت الريف الفطرية بردائها البسيط ووجهها الصبوح وهى تــُحيى عارفيها)) ودعا الشاب النساء إلى خلع الحجاب فورًا..وطالب بأنْ تطول فترة الخطوبة ليمتحن كل من الخطيبيْن حقيقة مشاعره تجاه الآخر. وردّ على المُحافظين الذين (ينصحون بمحاربة الرذيلة ويُهاجمون دعاة السفور..وتعجّب من الذين يطلبون أنْ نـُـربى المرأة على مبادىء الحرية، ثم لانحترم حريتها..وأنْ نـُـعلمها العفاف ولانثق فى عفافها) وزعم المحافظون أنّ السفوريعنى تقليد أوروبا فقال (إنّ البديل هوالسفورعلى نمط فلاحات القرى) وكتبتْ الفتاة ((كفى عبودية سبعة قرون))
وبعد ثورة19تشكلتْ (لجنة حزب الوفد للسيدات) التى طلبتْ من البرلمان الموافقة على تعديل الدستورحتى يكون مُطابقـًا للدساتيرالحديثة وإصلاح القوانين الخاصة بحرية الاجتماعات والصحافة..وضرورة سن قانون يمنع تعدد الزوجات إلاّ للضرورة كأنْ تكون الزوجة عقيمًا أومريضة بمرض يمنعها من أداء وظيفتها الزوجية..ويجب أنْ يُثبت ذلك الطبيب الشرعى. وسن قانون يُـلزم المُطلق ألاّيُطلق زوجته إلاّ أمام القاضى ومحاولة التوفيق بحضورحكم من أهله وحكم من أهلها (مذكرات هدى شعراوى-ج3ص36) وفى عام 25تــُـصدرمنيرة ثابت مجلة (الأمل) وكتبتْ ((هل من الشرع أنْ تقعد الزوجات لمحض الإمتاع؟)) وطالبت بإحالة جميع القضايا الزوجية إلى المحاكم المدنية للفصل فيها بما يتماشى مع القوانين الحديثة..وكتبتْ سعاد الرملى ((إنّ الأصوات التى ترتفع بالاستنكاركلما ظفرتْ المرأة بحقوقها..هذه الأصوات الرجعية هى أصوات الفاشيين الذين يُريدون عودة المرأة للبيت))
ورغم أنّ نبوية موسى (1886- 1951) كانت محافظة فى زيها كتبت ((أردتُ السفورفلم أكتب عنه..والعادات لاتتغيربالقول. لهذا عوّلتُ على أنْ أدعوللسفوربالعمل فكشفتُ وجهى وكفىّ)) ورغم تدينها ردّتْ على أحد الشيوخ الذى قال إنّ الصيام فوائده تحسين الصحة. فعارضته وكتبتْ ((إنى أومن بكل فوائده الأدبية والدينية. أما أنْ نصوم لتصح أجسامنا فهوما لا أستطيع أنْ أومن به. لأنّ الغربيين لايصومون رمضان ومع ذلك فهم أصح أجسامًا منا)) (تاريخى بقلمى- ص63)
وكتبتْ الآنسة منى عبدالحميد أنها تهوى الموسيقى والرسم والأدب وتُجيد أكثرمن لغة. ومُعجبة ب جوهان فولفانج وفريدرش شيلروغيرهما..وتهوى الطيران وتود أنْ تــُـصبح طيارة. وأنها تأثرتْ بقضية حقوق المرأة السياسية..فقرّرتْ أنْ تدخل كلية الحقوق لتتولى الدفاع عن المرأة (مجلة الأمل- عدد 6مايو52) فى هذا المناخ ظهرتْ أسماء أكثرمن فنانة تشكيلية وبعضهنّ اشتركنَ فى الحركة الوطنية ضد الإنجليز(إنجى أفلاطون التى تم اعتقالها عام1950 ثم إعتقالها فى معتقلات عبدالناصرعام 59نموذجًا) وفى عام1946 تنتخب الحركة الوطنية الفتاة (لطيفة الزيات) لتكون سكرتيرعام لجنة الطلبة والعمال..ولطيفة الزيات كانت تنتمى للحركة الماركسية، التى ضمّـتْ شتى فصائل اليسارالمصرى..وأبدعتْ فى مجال الرواية.
إنّ جدودنا (مسلمين ومسيحيين) يُـقـدّسون معتقداتهم الدينية..ولكنهم- أيضًا- أبناء حضارة لها خصوصيتها، التى قـدّستْ المرأة..وذكرعلماء المصريات الكثيرعن مكانتها الرفيعة فى الحضارة المصرية..مثل ماكس ميلرالذى كتب ((لم يكفل أى شعب قديم أو حديث للمرأة مركزًا قانونيًا مماثلا فى سموه كما كفله لها سكان وادى النيل))
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا


.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج




.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف