الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات وجودية فلسفية من الريف الألماني (دير بويرون)

نورس كرزم
باحث وموسيقي متخصص في علم الدماغ والأعصاب

(Dr. Nawras Kurzom)

2018 / 7 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مقدمة:

يقع دير بويرون في قرية بويرون في ألمانيا بالقرب من مدينة أولم في جنوب ألمانيا، وهو دير تابع للرهبنة البندكتانية الكاثوليكية، وقد تسنى لي زيارته في الفترة ما بين (19-7-2018 إلى 24-7-2018) كجزء من نشاط تأملي عام لا يرتبط بالدين بالضرورة. وقد أثمر وجودي في الجو الساحر هناك عن مجموعة من التأملات، أوردُ بعضها فيما يلي، والبعض الآخر أنشره لاحقاً.

1- الحاجة إلى عقيدة مهرب من الحياة أم إليها؟

الصمتُ المُطبقُ يكشفُ عن ثرثرة العقل. العديد من حواراتنا الداخلية لاواعية، وتطغى عليها سطوة حضور الوعي اليومي. إن التقدّم السليم في الحياة يستلزمُ تنقيحاً لمكونات اللاوعي، بهدف تصفية الوعي اليومي من شوائبه، وبالتالي الوصول إلى قدرة أكبرعلى الاختيار بحكمة وتعقّل، ومن ثمّ فإنّ ذلك يؤدّي قطعاً إلى مسار حياتي أفضل (مجموعة اختيارات سليمة).
بيدَ أنّي أتساءل، لماذا يحتاج الراهب هنا إلى عقيدة تُسيّره، ويلحأ إليها هارباً من وحدته وتخوّفاته؟ ألا يستطيع الإنسان السير وحيداً مُتسطلعاً دونما أيّ تعلق، فينتهي أخيراً باستنتاجٍ خاصّ به؟

2- القلق من القلق والخوف من الخوف

لقد أتى الفيلسوف كيركيجارد على ذكر القلق الوجودي، وهو أمر مثير بالنسبة لشخص قلق مثلي. حاولتُ أن أسبر أغوار قلقي، فلم أجد له سبباً عينياً فيزيقياً. إذن، لا بُد أن يكون قلقاُ من الوجود ذاته. يدّعي الراهب أنه وجد طمأنينته في المسيح، وفي الوقت عينه، يدّعي البوذي أنه وجد ملاذه في الإيمان البوذي، والمسلم يلجأ إلى القرآن. كيف لي وقد اتطلعتُ على التنوع العقائدي أن ألجأ لأي مما سبق، على أنه عين الصواب، دون أن يساورني الشك؟

3- الإبداع ليس نتيجة مجهود مضنٍ بالضرورة: عودة إلى "الوحي"، "الإلهام"، و "صقل الوعي"

مع التسارع الكبير الذي لا يتسنّى لنا فرملته بيُسرٍ، نعتقد أننا كلما بذلنا مجهوداً مضنياً، أنجزنا أكثر وأبدعنا. إلا أني توصلتُ إلى استنتاج مخالف تماماً: هنالك لحظات قصيرة جداً من اليوم العادي، تلك التي نقضيها في حالة من الشرود التام و "نصفن" في اللاشيء، أو ذلك الشعور الغامر الذي ينتابنا كلما رأينا طفلاً بريئاً يتجوّل، أو عندما نتأمل في مشهد طبيعي خلاب...تلك هي اللحظات التي تمر عابرة، ولكننا لا نعلم غالباً أنها حبلى بشذرات إبداعية. إنها حالة الإلهام والتي قضى العلماء والفلاسفة قروناً في دراستها ومحاولة الإحاطة بها، تحت مسميات مختلفة مثل "الوحي" أو "الرؤية" في المنظور الديني، "الإلهام" من منظور الفنانين، و "حالات الوعي المتغيرة" من منظور علماء الأعصاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في