الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توحد لغة أنظمة الاستبداد

طلعت رضوان

2018 / 7 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


توحد لغة أنظمة الاستبداد
طلعت رضوان
دخلتْ مظاهرات الشعب التونسى والشعب العراقى فى أسبوعها الثالث..ومن يستمع لتعليقات المسئولين فى الحكومتيْن المذكورتيْن، سيـُـلاحظ التطابق التام فى لغة الخطاب..وبصفة خاصة اتهام المتظاهرين بأنهم: عملاء وخونة ويعملون لصالح دول أجنبية..ومُـنظمات عالمية تدفع لهم الأموال بهدف التحريض ضد حكوماتهم.
يرى المسئولون فى أنظمة الاستبداد أنّ تلك اللغة تــُـحقق لهم هدفيْن الأول: قذف كرة النارفى وجه المتظاهرين، برفع أخطرتهمة ضد أى مواطن، أى العمالة لدولة أجنبية..وبالتالى ينطبق عليه (مواد قانون الخيانة العظمى) وهى المواد التى تقضى بالإعدام. الهدف الثانى: تجاهل مطالب المتظاهرين الذين ركــّـزوا فى شعاراتهم على تطبيق العدالة الاجتماعية والحق فى الحريات السياسية والفكرية والفردية.
ومن المهم ملاحظة أنّ ما يحدث حاليـًـا فى تونس والعراق ضد المتظاهرين، هونفس السيناريوالذى حدث فى أنظمة الاستبداد طوال السنوات الماضية..ولعلّ أقرب مثال على ذلك ما حدث أثناء انتفاضات يناير2011فى تونس وليبيا وسوريا ومصر..وبالرغم من أنّ الطبيب/ الجنرال التونسى (خدها من قصيرها، على حد قول شعبنا المصرى فى أهازيجه البديعة) وهرب وفرّإلى السعودية..فإنّ من جاءوا بعده لم يستجيبوا لمطالب الجماهيرالشعبية. أما فى مصرفإنّ الرئيس مبارك لم يهرب..وظلّ يـُـماطل طوال ثمانية عشريومًـا..ولم يبال بالملايين الذين اعتصموا فى ميادين محافظات مصر..والمطالبة برحيله..ويبدوأنّ الجماهيرفسـّـرتْ عدم استجابته لمطلب الرحيل بما قاله عن نفسه وحصوله على درجة (دكتوراه فى العند) وهوالعند الذى تجسّـد فى أعلى درجات الغباء، لذلك أبدع شعبنا شعاره التوضيحى ((ارحل يعنى امشى.. يا اللى ما بتفهمشى))
جاء طوق النجاة لمبارك بواسطة البيان الذى ألقاه عمرسليمان مساء 11فبراير، وهوالبيان الذى تغافل معطم السياسيين والمفكرين عن تحليله..وبطلانه من الزاوية القانونية..حيث جاء فى بيان التنازل، أنّ مبارك كلــّـف المجلس العسكرى بإدارة شئون البلاد..إلخ. فمن أين جاء البطلان؟ الإجابة من نصوص دستورسنة1971 الذى كان هوالدستورالسارى وقتذاك، حيث نصّ على أنه فى حالة مرض الرئيس أوفى حالة الكوارث الطبيعية أوأى تهديد للدولة..إلخ يتولى الحكم: إما رئيس مجلس الشعب أورئيس المحكمة الدستورية..وتبعـًـا لذلك يتبيـّـن أنّ الدستورلم يذكرالمجلس العسكرى، أضف إلى ذلك أنّ مبارك كان قد سقط بفعل الشعارالأول والرئيسى طوال الثمانية عشريومًـا فى كل ميادين مصر((رحيل مبارك والشعب يريد اسقاط النظام)) وتبعًـا لذلك فإنّ بيان عمرسليمان ينطبق عليه القول المأثورالذى أعقب وعد بالفورالذى أهدى فلسطين لليهود ((من لايملك أعطى لمن لايستحق))
وأعتقد أنّ طوق النجاة الذى ألقى لمبارك حقق هدفيْن رئيسييْن الأول: حفظ ماء وجه مبارك الذى كان يذهب إلى المحكمة على سرير..وهوفعل ـ وفقــًـا لقانون الاجراءات ـ لايـُـسمح به إلاّفى حالتيْن الأولى: لمرضى الشلل الكامل، الثانية للسيدات الحوامل ـ وعلى وشك الوضع ـ ومطلوبات للمثول أمام المحكمة..وبالطبع فإن الحالتيْن المذكورتيْن لاتنطبقان على مبارك، الذى كان يذهب إلى المحكمة كأحد الملوك المُـتـوّجين..وكأنه يـُـخرج لسانه للشعب الذى ثارضده.
أما الهدف الثانى من بيان عمرسليمان فهو(إبقاء الحال على ما هوعليه) ويقول لجماهيرمصرـ بصريح العبارة ـ أنّ نظام مبارك المُـتوارث عن نظام السادات، المُـتوارث عن نظام عبدالناصرهوالنظام الذى سيحكمكم بعد يناير2011.
والسؤال الذى يتبادرإلى العقل الحرهو: ما سرتواجد زكريا عزمى داخل القصرالجمهورى طوال ثلاثة أسابيع، أتاحتْ له التخلص من كل الوثائق التى تــُـدين نظام الحكم؟ وما سرتصريحات سفيرة أميركا فى مصرالمُـرحبة بالإخوان المسلمين؟ ولماذا استجاب المجلس العسكرى لطلبات الإسلاميين فى استفتاء مارس؟ ولماذا وافق على عشرات الأحزاب الأصولية الإسلامية، المعادية لدولة الحداثة والمواطنة..وهى الأحزاب التى ترعاهها وتؤيدها الإدارة الأمريكية؟
كان المُفترض أنْ تكون انتفاضة ينايرانطلاقة للنهضة وللحرية، وإذا بها تتحول إلى كارثة. ولكن ماحدث بعد مجزرة محمد محمود الثانية ومجزرة قصرالاتحادية، غيّررأيى إذْ رأيتُ الشباب الذين كانوا وقود الانتفاضة تعلموا من أخطائهم عندما تركوا ميادين الحرية مساء 11فبراير 2011 الأسود..وتذكروا المؤامرة ضد الإنتفاضة..ولكن رغم الدورالعظيم للشباب فى إزاحة نظام الإخوان المسلمين فى يونيو2013، إذا بالسيناريوالمظلم يتكرّرمن جديد، بعد السماح لحزب الضلمة (الاسم الحركى لحزب النور) بالمشاركة فى الحياة السياسية وخوض الانتخابات البرلمانية، رغم أنّ أعضاء هذا الحزب الظلامى الماضوى، أعلنوا أكثرمن مرة عن رغبتهم فى إلغاء تدريس اللغات الأجنبية وعلى رأسها اللغة الإنجليزية..ورغبتهم فى إلغاء تدريس العلوم الطبيعية..وعلى رأسها الكيمياء والفيزيا والإحياء..وبالتالى تظل مصربعيدة عن روح العصرالحديث..كما أنهم لايعترفون بالمفهوم العلمى لتعريف معنى (الوطن) ويُصرون على تعبير(أهل الكتاب) و(أهل الذمة) على المصريين (المسيحيين) وبالتالى سيظل الاحتقان الدينى قائمًا.
وأتذكرأنه بعد انتفاضة يناير1977العظيمة التى سمّـاها السادات وأبواقه (انتفاضة الحرامية) أنّ من بين التهم المُـوجـّـهة للعمال (قلب نظام الحكم) فقال المحامى/ القديس أحمد نبيل الهلالى لرئيس المحكمة ((يا سيادة القاضى هوّقلب نظام الحكم، عربية بطاطا أى حد يقلبها؟)) ضجـّـتْ المحكمة بالضحك وصدرالحكم التاريخى بالإفراج عن كل العمال والمُـتعاطفين معهم وعددهم 576وهوالحكم الذى أصدره ابن مصرالبارالمستشارمنيرحكيم صليب.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا


.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج




.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف