الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوظيف والاستخدام لمكونات اللغة

صاحب الربيعي

2006 / 3 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تتكون اللغة من سلسلة غير منتهية من الكلمات والمرادفات والمصطلحات التي يمكن استخدامها في الحديث للتعبير عن الفكرة والمعنى الذي يبتغيه المتحدث ويمكن توظيفها في الكتابة لصياغة الفكرة ومدلولاتها بشكل متسلسل ومعبر عن جوهرها. ولايمكن الاستدلال عن المعنى من خلال مكونات اللغة المنفصلة بعضها عن بعض، فالمعنى يحتاج لربط بين مكونات اللغة لصياغة جملة مفيدة تدلل على الفكرة المراد التعبير عنها.
وهذا الربط هو الذي يخلق العلاقة المتجانسة بين مكونات اللغة للوصول إلى صياغة لغوية توجز المعنى، وتلك العلاقة تعبر عن ثقافة المتحدث أو الكاتب ومدى قدرته على توظيف مكونات اللغة في الكتابة واستخدامها في الحوار.
إن عملية التوظيف والاستخدام وإيجاد الرابط والعلاقة بين مكونات اللغة، هي حالة إبداع تؤشر مستوى ثقافة المبدع وأبعاد مكتسباته المعرفية واللغوية. وهذا ما يفسر مدى الاختلاف بين مستويات النتاجات الإبداعية للمبدعين وقدرتهم على إيصال الفكرة للقارئ، بأسلوب متقن وخالي من المسوغات اللغوية التي تضعف الفكرة وتضيع المعنى.
يقول ((أدونيس))"يبدو أن الكلمات ليس لها معنى وأنما تكون لها أو تكتسبها في سياق استعمالها ويبدو أن المعنى ليس في الكلمة بل في علاقاتها. وهي إذاً لاتقدم لنا في حدود حروفها معنى وأنما تحرك بسياقها وعلاقاتها أصداء لاحتمالات ما، أو تدفعنا في أفق اكتشاف معنى ما".
الإبداع في التوظيف لمكونات اللغة، يعني الإيجاز في استخدام الكلمات للاستدلال على المعنى. وكلما كانت الجملة تقتصر على كلمات محددة في التعبير عن الفكرة لإيضاح المعنى، كلما كانت سهلة الفهم والاستيعاب لماهيتها، وكلما أندست كلمات جوفاء وفارغة في الجملة كلما تشوهت الفكرة وضاع المعنى. وفن الإيجاز في استخدام مكونات اللغة، هو إبداع يعبر عن ثقافة المبدع وقدرته على توظيف أقل عدد ممكن من مفردات اللغة للتعبير عن الفكرة لتوضيح المعنى واستخدامه في لغة الحوار.
يعتقد ((توفيق الحكيم))"إن كثيراً من الكلمات الجوفاء تندس أحياناً كالغوغاء في موكب المعاني".
الإبداع ذاته يحتاج إلى فضاء من الحرية وبدونها، لايمكن خلق كائنات إبداعية تمارس مهامها المفترضة في الحياة وتسهم في رفد الحضارة الإنسانية. انشغال المبدع في البحث عن الكلمات والروابط والتوظيف والاستخدام لمكونات اللغة بما لايتعارض وتوجهات سلطات القمع، يعني زجه في سجن محدد من مكونات اللغة لتحديد توجهات إبداعه.
وبالتالي تصبح اللغة ذاتها عبارة عن مطبات أمنية وسلطوية للإيقاع بالمبدع عند تخطيه حواجز اللغة التي تفرضها أجهزة القمع السلطوية التي تصدر لائحة بالمفردات والكلمات والمرادفات والصياغات الممنوع استخدامها في الأدب والصحافة.......لأنها قد تنال بصورة مباشرة أو غير مباشرة من توجهات السلطة القمعية أو من الحاكم بأمر الله في الأرض!.
يرى ((أدونيس))"أن اللغة العربية اليوم أصبحت فضاء مليء بالسجون، وسجون مليئة بالكتب والأفكار والأحلام والتطلعات".
حين تسجن اللغة في سجن السلطة، فإنها تصبح عاجزة عن التعبير عن ذاتها. وينشغل المبدع في انتقاء مكونات اللغة المسموح بها لخلق كائناته الإبداعية التي تحتاج لتصريح أخر من السلطات لسماح لها بممارسة مهامها في الحياة.
إن الكائنات الإبداعية التي تولد في سجون السلطة القمعية وتوجهاتها غالباً ما تكون مشوهة مقارنة بأقرانها من الكائنات الإبداعية الأخرى المولودة في فضاء من الحرية، وبالتالي فإنها لاتعبر، تعبيراً صادقاً عن ذات المبدع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟


.. احتراق ناقلة جند إسرائيلية بعد استهدافها من المقاومة الفلسطي




.. بعد فرز أكثر من نصف الأصوات.. بزشكيان يتقدم على منافسه جليل


.. بايدن في مقابلة مع ABC: كنت مرهقاً جداً يوم المناظرة والخطأ




.. اتصالات دولية لتخفيف حدة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل ومخاو