الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهرمنيوطيقا : القوة والحاكمية : بين جدل السلطة وجدلية النص !! الهرمنيوطيقا وجدل الذات والواقع والنص - الفصل الثاني -

محمود الزهيري

2018 / 8 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الهرمنيوطيقا وجدل الذات والواقع والنص

ستظل العلاقة الجدلية بين الذات والواقع والنص ملتحمة وتشكل علاقات مشتبكة لحد التصارع بين الذات والواقع ومحكومية النص وسلطاته اللانهائية في فرض سطوته علي الضمير والأخلاق بل والتعدي إلي نطاق العقل ليلتئم مع النص ويندمج به إندماجاً كلياً , إلا أن النص يتغيا أن يخرج من إطار السيطرة والهيمنة علي الأجساد والأرواح ليأخذ هدنة زمنية / تاريخانية , في منطقة جغرافية معينة سبق أن سيطر علي أجساد ونزوات ورغبات وشهوات الموجودين بها , وكذلك سبق أن سيطر علي أرواحهم لدرجة إستعدادهم الأمثل للتضحية بالأرواح فداء للنص , وحماية له , وذوداً عن أعدائه والمتربصين به _ إلا أنه وخلال هذه الهدنة _ يتغيا النص أن يكون له منظومته التشريعية والقانونية التي تنسب إليه هو , وحده , من غير مشاركة من أي غير من الأعيار أو آخر من الأخرين , فالغير والآخر أعداء دوماً للنص ودعاة حمايته والدفاع والزود عنه , حتي إذا كانت المنظومة التشريعية مكتملة الأركان وأصبح هناك من يعمل خادم للنص , في تطبيقه علي المخالفين له , هنا يستريح النص مؤقتاً , أي راحة ليست نهائية , ولكن وهو في طور الكمون / الراحة , تراه يفكر في توسيع دوائره حتي تلتحم كلها مستقبلاً , ويشكلوا إمبراطورية النص الحاكمة والمهيمنة علي المكان والموجودات والكائنات التي تعيش علي أرض المكان / الأمكنة , وتكون إمبراطورية النص لها الهيمنة والسيطرة علي الزمان , ومن خلال الجعرافيا والزمن , يتسيد النص علي كل القوي الموجودة , ويتسيد حتي علي النباتات والأعشاب , والطيور والعصافير والفراشات , فإن شاء كانت , وإن لم يشأ كانت كذلك , ولكن في مكان وزمان آخر غير المكان والزمان المتربع عليهما سلطان النص ..
وفي هذه الحالة يتغيا النص الحياة الكاملة بكافة ألوانها وألوان رفاهياتها , علي حساب موجودات وأشياء وبضائع وسلع ومزروعات ومنتوجات الأغيار / المخالفين للنص في كافة الأوجه , وكلما نضبت هذه الأشياء كلما إستعد النص للسيطرة علي مكان آخر وإستلاب خيراته ومزروعاته وتجارته ومنتوجاته , وكذا الإستلاب والإستيلاء علي كل الكائنات الحية , وأولها الإنسان , وخاصة نون النسوة , من الجميلات الحسناوات , ليتخذهم بضاعة للبيع في أسواق النص المذدهرة أو إتخاذها ملكاً له يتصرف فيها كيف يشاء / وبما شاء , لدرجة القتل , فهي حسب منطوق ومقروء ومسموع النص سلعة للبيع والشراء في السوق , وإذا أراد مالك السلعة أن يهلكها , كان له ماكان , بلا ثمة عقاب !!

كل الصراعات الدائرة في الكون الظاهر بما يحتويه , والكون اللاظاهر / المجهول / الغيبي / الغير معروف , بكافة دلالاته ورموزه وإشاراته , تخضع لشروط الهرمنيوطيقا بإتصالاتها أو إندماجها مع العلوم والمعارف الأخري , للبحث عن تأويل للعديد من الظواهر / الفينومينولوجيا , وما يتصل بها من وصولاً لراحة العقل القلق المضطرب الحائر وسط هذه الدلالات والإشارات برمزيتها المجهولة والتي تستوجب إعمال التأويل , وإذا كان التأويل أو الهرمنيوطيقا , يتم توظيفه للوصول في نهاية المطاف لإخضاع النص لشروط السلطة أو إيجاد / صناعة / تجهيز البيئة الملائمة لكي يتم هذا الإخضاع ليصير متلائم ومتوافق مع إرادة السلطة , أياً كان هذا النص , سواء كان نص دستوري أو قانوني أو نص ديني , ليكون خادماً مطيعاً للسلطة , ومن ثم يتحول النص من الآمر إلي المأمور , والملزم إلي ملزم به / عليه / له , ويصير منزوع السلطة لإنتقالها في النهاية إلي السلطة التي صارت لها قوة وسطوة تمتاز بصيغة الأمر والنهي ومتوجبة الطاعة بإستخدام أدوات القهر كالإعدام / القتل , كعقوبة تنهي الحياة , أو بالحبس مع الأشغال البدنية الشاقة التي تقيد حرية الجسد وتخنق الروح وترهق كاهل الجسد , وتصير الروح التي تسكن هذا الجسد منهكة / متعبة / للتوائم مع تعب وإنهاك الجسد , وهذه كذلك عقوبة للبدن والنفس والروح , وتقييد الحرية في المكان وزمان محدد ومعين , أو الحكم بالغرامات المالية , والإقتصاص من الثروة وإنقاصها كعقوبة مالية تفرضها السلطة علي المخالف لأوامرها ونواهيها , ولم يرتدع إلي أدوات قهرها , وفي سبيل ذلك تكون السلطة حسب أنواعها وحسب الإيديولوجيا التي يعتنقها القائم علي رأس السلطة ومجموعات الموالاة من الطيعين له والموثوق فيهم لدي رأس السلطة أياً كان مسماه , وأياً كان الحكم ديني / كهنوتي , أو ديني / مختلط , مراوغ بمرجعياته , أو عسكري يحكم بالسلطة الممنوحة له بالغصب وقوة السلاح عبر الإنقلابات أو الثورات , أو سياسي / مدني / ديمقراطي / علماني حر ’ يؤمن بالتعددية والمساواة والمواطنة والحريات الفردية والإجتماعية وثقافة ماقبل الصندوق الإنتخابي وأثناء التصويت والقبول بنتيجة التصويت , مع وجود أغلبية حاكمة وأقلية معارضة , وهذا الصنف من الحكومات , يخرج عن نطاق سلطة النص أو نص السلطة , لأن الحكومة / السلطة , والشعب ينتجان النصوص الدستورية والنصوص القانونية وكافة التشريعات واللوائح والنظم لتسيير حياة المواطنين وتسيير الدولة / الحكومة / السلطة وخضوع السلطة والشعب / المجتمع إلي النصوص المتوافق عليها والآتية عبر الصندوق الإنتخابي , وهذه تكاد تكون النموذج الأمثل للحكومات وللسلطة وللشعب في آن واحد , حيث السيادة للشعب وللدستور والقانون ..
وكافة الصراعات الإنسانية تتغيا هذا النموذج الأخير والمخالف / المغاير للسلطة الدينية والسلطة العسكرية , فالأولي تحكم بسلطة حماية السماء , والثانية تحكم بسلطة حماية الأرض / الوطن , وتستخدمهما كأداتان للقمع للمخالفين والمعارضين لهما , ويغيب في هاتين السلطتين الدستور والقانون وتنعدم الرقابة علي تطبيق القوانين وتصير كافة السلطات مدمجة في شخص وذات رأس السلطة ..
ففي باديء الأمر يتم توظيف سلطة النص للتخديم علي الإيديولوجيا , وتعلي سلطة النص من هذه الأيديولوجيا وتصنع منها جنات ومدن فاضلة تنعم بأساليب الرفاهة والرفاهية , وكأن ماتسعي إليه هذه الإيديولوجيا هو الإنسان وسعادته ورفاهيته , والنص يقوم بتوظيف كافة أدواته للقيام بهذا الدور , سواء بإستخدام الإشارة أو الرمز أو الدلالة أو إستخدام الصوت عبر أساليب حديث الضعف والهوان والمذلة والإستكانة أو حديث الخجل وضياع الحياء والرغبة في إزاحة مسببات هذا الخجل والحياء من الواقع المزري المعاش أو بلغة القوة والتهديد وإستخدام أسلوب الأنا تارة , وتارات أخري أسلوب الــ نحن للتحفيز والتشجيع وإثارة الهمم والحماس الجمعي عبر توظيف النص حسب كل موقف من هذه المواقف , وهذا عبر الخطابة في الشعب / الجمهور / الدوجما / الغوغاء , لأن الجمهور في هذه الحالات والمواقف يمثل نص يتوجب كذلك تأويله وفهمه وسبر أغواره لإيصال مراد النص وغايته عبر التوظيفات السلطوية الساكنة في النص , سواء كان نصاً أمراً أو ناهياً أو نصاً محفزاً مشجعاً أو مخوفاً مرهباً أو نص تحذيري أو إرشادي أو تعزيري أو تنبيهي , وهذه النصوص ذات الأدوار الوظيفية تصنع للنص سلطة يستخدمها مالك النص في تأويلها حسب الوجهة المتغياه للوصول في النهاية إلي إنتقال سلطة النص إلي سلطة الحكم / الحاكم / الحكومة , وهنا تبدأ مرحلة أخطر في توظيفات النصوص بسنها دساتير وقوانين وتشريعات عبر نص السلطة , بعد التحول , وبذلك وفي نهاية المطاف تقوم كل إيديولوجيا بإنتاج دساتيرها وقوانينها عبر هويتها المركزية الشمولية للوصول بالنص إلي مرحلة مابعد الدولة إلي مرحلة الإمبراطورية , أو هكذا يريد النص عبر سلطته أن يكون مبتغاه , إلي أن يجد من يحمله ويرعاه ويحافظ عليه ويعطيه الولاء الكامل , ويسلم له قياد روحه وعقله وجسده , إلي أن يكون النص في النهاية متبرعاً بسلطة لتنتقل إلي السلطة / الحكومة عبر القهر للمخالفين للسلطة في الأوامر والنواهي والإرشادات والتحذيرات وغيرها مما تمليه السلطة عبر النص من لوازم الحفاظ علي السلطة والدولة والمجتمع / الجمهور / الشعب !!
وكما قال فريدريك نيتشة بأن "كل الأشياء خاضعة للتأويل , وأياً كان التأويل , فهو عمل القوة لا الحقيقة "
فالقوة هي من صنع التاريخ , وتصنع الجغرافيا , وهي من تدون التاريخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال