الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة العقل في ظل أزمة النقل

عمرو المصري

2018 / 8 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


خرافة قطعي الدلالة التي يدفع بها الأزهر وشيخه ومعه دار الإفتاء وإشهار سيف خرافة "لا اجتهاد مع نص" في وجوه كل من يقترب من نصوص القرآن هي نوع من الإرهاب الفكري، ومحاولة لخطف الإسلام واحتكاره داخل مؤسسة الأزهر، الذي يسعى جاهدا لأن يصبح دولة داخل الدولة بما يمثل فاتيكانا إسلاميا يسيطر على عقول المسلمين في شتى بقاع الأرض، وهو وهم لن يتحقق أبدا.

وهذه الجملة لا اجتهاد مع نص في الواقع لم ينزل الله بها من سلطان ومع ذلك يعتبرها المسلمون قدس الأقداس ولا يقبلون حتى نقاشا عقلانيا حولها برغم أنها ليست آية في القرآن، بل مقولة قال بها أحد ممن يسمونهم ب "الفقهاء" وكلامهم أولا وأخيرا مجرد آراء وليست ملزمة لأي مسلم ببساطة لأن أعمالهم بشرية وليست وحيا مقدسا من عند الله.

ولم يذكر القرآن أنه من الواجب علينا اتباع كل ما قال به أبو حنيفة وابن حنبل والشافعي والمالكي ... وهم بشرا لجهدهم كل التقدير والاحترام ولكنني كمسلم لست ملزما بها على الإطلاق ... أقول ذلك في ضوء الضجة التي يثيرها الأزهر وشيخه ودار الإفتاء ووراءهم عصابة من الأرزقية منغلقي العقل والروح الذين يتربحون باسم الدين حول قضية المساواة في الإرث منذ أن أعلنت تونس المساواة بين الجنسين ف المواريث بنص القانون المدني، حيث يحتج هؤلاء بأن الآية التي تتحدث عن أن للذكر مثل حظ الأنثيين قطعية الدلالة قطعية الثبوت.

وهو كلام يطرح تساؤلات حول إمكانية الاجتهاد في النصوص قطعية الدلالة، فالرأي الغالب في مصر هو أنه لا يجوز، ولا أعلم أي سند (من القرآن) قالوا به حتى يحتجوا بهذا الأمر، وكأنه وجب علينا أن نسير خلف ثقافة مجموعة من البشر كانوا يركبون الحمير والإبل ويحاربون بالسيوف والرماح ويقضون حاجتهم في الصحراء وفي الخلاء حتى آخر الزمان وأن ننسى العصر الذي نعيش به في القرن الحادي والعشرين ونستحضر عصر الصحراء والبادية بكل مفرداته وأدبياته والذي طواه الزمان منذ 14 قرنا.

وأثق أن شيخ الأزهر وباقي المشايخ يعلمون جيدا أنه لا حدود للاجتهاد وأن مقولة لا اجتهاد مع نص هي مجرد خرافة أو سيفا يرفعونه في وجه أهل العقل ويرهبونه بهم، ولكن لا شيخ الأزهر مقدس ولا أزهره مقدسا ولا رجاله مقدسون حتى نسير خلفهم مغمضي العينين، فلنا عقولا تستوعب ولسنا ممن نسير عميانا خلف أشخاصا فقط لمجرد أنهم يرتدون ثوبا دينيا.

وأثق أيضا أن شيخ الأزهر ورفاقه يعلمون جيدا أن عمر بن الخطاب قد عطل نصا قطعي الثبوت قطعي الدلالة في القرآن وذلك في عام الرمادة أو المجاعة وهو حد قطع يد السارق، وها هو عمر بن الخطاب نفسه قد اجتهد في نص قطعي الدلالة وحد ثابت من الحدود في الإسلام، ولم يمر على وفاة الرسول سوى بضع سنوات، لماذا؟

ببساطة لأن الظروف ومقتضيات الحياة والمعاملات وفقه المستجدات أجبرت عمر على الاجتهاد في نص مقدس وأمر قرآني واضح كل الوضوح.

كما أثق أيضا أن شيخ الأزهر ورفاقه يعلمون جيدا أن عمر بن الخطاب مرة ثانية قد اجتهد في نص قرآني آخر قطعي الدلالة قطعي الثبوت كما يقولون، ولكن هذه المرة لم يعطله ... بل ألغاه تماما من القرآن ولم يصبح له وجود إلا بلفظه فقط، ألا وهو الأمر القرآني بإعطاء سهم المؤلفة قلوبهم.

حيث تقول كتب التفاسير المعتمدة في هذا الأمر أن هؤلاء المؤلفة قلوبهم - والذين كانوا يقبضون الأموال نظير دخولهم في الإسلام - قد ذهبوا لعمر لتلقي تلك الأموال التي أمر لهم بها القرآن، فقال لهم عمر "لا حاجة لنا بكم فقد أعز الله الإسلام وأغنى عنكم، فإن أسلمتم وإلا السيف بيننا وبينكم".

ومنذ ذلك الحين، تم إلغاء آية واضحة في القرآن وتكليف واضح من السماء للمسلمين بإعطاء المؤلفة قلوبهم سهمهم، وهو الأمر الذي لم يعترض عليه أحد حينها، على الرغم أن عمر لم يكن خليفة للمسلمين بعد، أي أن ذلك وقع في عهد الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق والذي أقر عمر على رأيه، ولم يعترض، وأيضا لم يكن قد مر على وفاة الرسول سوى سنوات قليلة استدعى معها المجتمع الإسلامي الجديد أن يكون له قوانينه حتى لو كانت على حساب قطعية النصوص القرآنية كما فعل عمر وكما أوضحنا في حادثتين شهيرتين!

إلا إذا كان شيخ الأزهر ورفاقه يحاولون إقناعنا بأنهم أكثر حرصا على الإسلام من رجاله الأوائل أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب!

لقد أصبحت المجتمعات في قرننا الحادي والعشرين أكثر تعقيدا ولها متطلباتها التي يجب أن ينظمها قانون مدني يخضع له الجميع، وهكذا وبغض النظر عن نصوص القرآن التي نوقرها ونحترمها جميعا، إلا أننا يجب أن نقر بأن هذه النصوص نزلت لتنظيم حياة مجتمع قبلي بدوي له ظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية الخاصة به، أما استدعاء عصر ما مر عليه عشرات المئات من السنوات وفرضه على مجتمع القرن الحادي والعشرين فذلك ليس له مسمى سوى أننا نراوح مكاننا بل نتراجع في حين أننا يجب أن نخطو للأمام في عالم معاصر متسارع الخطى يأتي كل يوم بالجديد من الاكتشافات العلمية المبهرة ونصيبنا منها في أمتنا العربية والإسلامية صفرا كبيرا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دوله داخل دوله
على سالم ( 2018 / 8 / 27 - 06:53 )
الازهر الغير شريف ميزانيته السنويه تقترب من خمسه عشر مليار جنيه ؟؟ الم يحن الوقت لااغلاق هذا الصرح الشرير الشيطانى والقبض على شيوخه وايداعهم السجون وذلك لدورهم الارهابى المجرم فى تسميم عقول الشباب بناء على مقررات دمويه اجراميه داعشيه يفرضها الازهر فرضا على الطلبه , المفروض انفاق هذه المليارات على نواحى التعليم والصحه والاسكان ومكافحه الفقر المدقع بين ابناء الشعب المنكوب , الازهر يلعب دور خطير فى خلق الارهابيين والقتله والدواعش

اخر الافلام

.. ترمب يغازل المانحين اليهود بالورقة الفلسطينية ويطلق سلسلة من


.. حلمي النمنم: فكر الإخوان مثل -الكشري- | #حديث_العرب




.. 40-Ali-Imran


.. 41-Ali-Imran




.. 42-Ali-Imran