الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


31 آذار: ذكرى ميلاد حزب ديمقراطي علماني..

عزيز الحاج

2006 / 4 / 1
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


في مكتبتي، وبجنب صور الوالدين وبقية الأهل، صور لعبد الكريم قاسم، وجعفر أبي التمن، وفهد، وسلام عادل.
لكل من هؤلاء الزعماء الوطنيين مكانة خاصة في قلبي، ولكل منهم دوره المرموق في الحركة الوطنية العراقية، نتذكرها أكثر بحسرة في هذا الوضع العراقي القاتم والمحمل بعوامل الانفجار.
عندما علقت في العام الماضي على الهجوم على مقر الحزب الشيوعي في بغداد، مدينا للجريمة، أرسل لي بعض الصحفيين العراقيين رسالة استغراب لموقفي. وقد أجبتهم بأن الإدانة واجب وطني يسمو على كل خلاف قديم وعلى سحب ماضية. ولو كان المعتدى عليه أي حزب وطني آخر لكان واجبا على كل الوطنيين التعبير عن الإدانة والغضب والتضامن لأن الحرية لا تتجزأ.
في مختلف مراحل الحركة الوطنية لعب الحزب الشيوعي العراقي دورا هاما، برغم المطبات والأخطاء التي تعرض لها الجميع؛ وكان المؤسس والقائد الحقيقي للحزب، يوسف سلمان يوسف ـ فهد ـ، وطنيا عراقيا في الصميم وبكل ذرات كيانه، وكانت الشعارات الكبرى للحزب شعارات وطنية وديمقراطية بحتة. أما سلام عادل فهو، فضلا عن صداقة قوية كانت تربطنا وتربط بين عائلة أم إيمان وعائلتنا، قد كان رمزا وطنيا ومناضلا حتى النخاع.
إن أهم مآثر الحزب الشيوعي في العراق منذ تأسيسه عام 1934 الربط بين الأماني الوطنية والهموم الديمقراطية، والدفاع عن العلمانية، وعن حقوق المرأة. ومن المآثر الكبرى تجاوز كل العقد الدينية والمذهبية في تركيبه ونشاطه العام. وكانت عضوية الحزب تضم المسلم، والمسيحي، واليهودي، والصابئي المندائي، والسني، والشيعي، ولم يكن أي مناضل شيوعي حتى ليفكر ثانية فيما إذا كان هذا الرفيق أو ذاك سنيا أو شيعيا، وما هو دينه. كان الشيوعيون يترجمون الضمير الوطني المشترك لمجتمعنا قبل أن ينشر العهد الصدامي فيه خرابا شاملا. أصبح اليوم خرابا مضاعفا. لم يكن أي مناضل وطني من الجنسين، يعمل لمصالح خاصة، بل من أجل الصالح الوطني العام. هكذا كان جعفر أبو التمن، وسعد صالح، وفهد وسلام عادل، وغيرهم، وهكذا كانت مواقف الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم، الذي كان تجسيدا للوطنية ولروح التسامح والتعايش بين مختلف مكونات شعبنا، وفي هذه الأيام، التي صارت الهيمنة فيها أولا وأولا للولاءات الطائفية والحزبية والعرقية، وعلى حساب الخيمة العراقية المشتركة، نتذكر تلك العهود ونتحسر على ثورة 14 تموز، ونشعر أكثر من أي وقت بالفراغ الذي تركه عبد الكريم قاسم وكم يحتاج العراق لحاكم مثله.
نحن اليوم في وضع عصيب حيث الإرهاب الدموي الشامل، والتدخل الإقليمي الواسع، وتشبث بعض القوى الإسلامية بروح الهيمنة والتعالي، وحيث تسيطر فيها على الساحة السياسية أطراف الإسلام السياسي، وحيث تدهور الأوضاع العامة، ولا أرى مخرجا من الظلمة غير تحالف كل القوى العلمانية بمختلف الاتجاهات ومن كل الأطياف العراقية، في البرلمان وخارجه، إن مثل هذا التحالف يمكن أن يلعب دورا مهما لخلق نوع من التوازن السياسي بما يسمح بتعديل الدستور، وقطع الطريق على مساعي إقامة حكم ديني، سيمثل الدكتاتورية الدينية والمذهبية بعد أن كان نظام صدام هو الدكتاتورية السياسية الشمولية. إن التجارب الإيرانية والسودانية وغيرها تقدم لنا أدلة قاطعة على كون الاستبداد السياسي الديني لا يقل دموية عن كل استبداد سياسي يدعي العلمانية زيفا ونفاقا.
في ذكرى ميلاد الحزب الشيوعي تمر بي مجددا ذكرياتي مع أصدقاء راحلين أعزاء من الرفاق الشيوعيين. ومعظمهم هم من شهداء الحركة الوطنية، صفا مع بقية شهداء الحركة الوطنية. إن الواحد منهم كان يعمل ويضحي لا لغايات شخصية أو فئوية بل من أجل العراق، وهذا بالضبط ما صار اليوم "عملة نادرة" في الحركة السياسية؛ ولن ترتاح أرواحهم ما لم تستطع القوى العراقية الديمقراطية والمدنية الحية الانعطاف بالمسيرة السياسية نحو بناء الدولة الديمقراطية العلمانية الفيدرالية، وذلك مهما كان الطريق طويلا وشاقا ومهما كان الأعداء كثيرين.
تحية لذكرى جميع شهدائنا، وتحية ليوم 31 آذار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية بفرنسا.. ما مصير التحالف الرئاسي؟


.. بسبب عنف العصابات في بلادهم.. الهايتيون في ميامي الأمريكية ف




.. إدمان المخدرات.. لماذا تنتشر هذه الظاهرة بين الشباب، وكيف ال


.. أسباب غير متوقعة لفقدان الذاكرة والخرف والشيخوخة| #برنامج_ال




.. لإنقاذه من -الورطة-.. أسرة بايدن تحمل مستشاري الرئيس مسؤولية