الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتاوي القهاوي وضررها البالغ ..

عمرو اسماعيل

2006 / 4 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل انتهت مشاكلنا و أصبح كل شيء علي خير مايرام .. هل انتهي الفقر من بلادنا وأصبح كل مواطن يحظي بفرصة متساوية في التعليم والعلاج والحصول علي وظيفة ..
هل اصبحنا دولة دستورية لا يوجد بها قانون طواريء ويتم انتخاب ممثلي الاحزاب بشفافية ويتم فيها تداول السلطة دوريا وسلميا ..
هل انتهي الغش والنفاق وتهريب الأموال من مصر والتهرب من دفع الضرائب بل وتهريب المتهمين بالتلاعب بأرواح المصريين وأموالهم ..
هل كل شيء أصبح علي مايرام حتي يشغلنا سيادة المفتي بفتواه الأخيرة عن تحريم استعمال التماثيل كزينة في البيوت ويضيف بعدها في ندوة أن صحيح البخاري ومسلم نصّا علي تحريمها، وأن الملائكة لا تدخل بيتاً به كلاب أو صور... وتصبح مثل تلك مثار حديث الناس والصحف والبرامج التليفزيونية وخاصة برنامج البيت بيتك والذي حاول سيادة المفتي أن يفهمنا شيئا عن فتواه فزادنا حيرة واثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه غير قادر علي الاجتهاد وأنه لا يزيد عن كونه شارحا لاجتهادات السابقين من يحرم ومن يجيز .. فيزيدنا حيرة علي حيرة .. هل انتهت مشاكلنا ولم يبقي منها الا التماثيل والصور والكلاب ..
لقد شغلنا الفقهاء قبله بمثل هذه الفتاوي عن التماثيل والصور والغناء والموسيقي .. فهل أدت الي نتيجة ..
الفن سواء عبر النحت والرسم والتصوير والغناء والموسيقي لن ينتهي بل سيستمر في الانتشار والتطور لأنه فطرة إنسانية وكل آثار العالم وأولها آثار مصر الخالدة دليل علي ذلك ..
مهما أتحفنا المفتي أو غيره بمثل هذه الفتاوي وما تثيرة من بلبله فكرية ودينية .. فلن يتغير شيئا ..بل كل ما تفعله مثل هذه الفتاوي أنها تثبت أن رجال الدين للأسف يعيشون في وادي وباقي البشر الا قلة مغيبة عقولهم في وادي آخر .. يعيش المفتي وصحبه في زمن ونعيش نحن في زمن آخر .. تماما مثل العبقري الذي أفتي أن ممارسة الجنس بين الزوجين بدون ملابس تبطل الزواج .. مجرد فرقعات من شيوخ يعيشون خارج الزمن .. مجد فتاوي ليس لها موقع من الإعراب يحدثون بها فرقعة إعلامية تلحق أكبر الضرر بالدين الاسلامي .. وتثبت أقاويل الغير عليه .. أنه دين يحارب الابداع والفن بل والتطور الانساني في مجمله ..
هل نسي سيادة المفتي أن التماثيل هي عصب السياحة في مصر وهي مصدر رزق الملايين من الشعب المصري بل هي أهم مورد اقتصادي رئيسي للدولة المصرية وأن صناعة التماثيل في خان الخليلي وغيره من الأماكن السياحية تفتح المئات بل الآلاف من بيوت العائلات المصرية ..
وهذه الفتوي هي امتداد لفتوي الشيخ يوسف القضاوي في تحريم النحت وعمل التماثيل والتي امتدت الي تماثيل الفلاعنة قائلا :
فالإسلام احتاط وحرم كل ما يوصل إلى الوثنية أو يشتم فيها رائحة الوثنية.. ولهذا حرم التماثيل. فتماثيل قدماء المصريين من هذا النوع .. وفتوي المفتي و القرضاوي هي امتداد لفتوي الشيخ بن باز من قبلهما ..
فلنتخيل مثلا تأثير مثل هذه الفتوي في عقل شاب قد يتأثر بهم جميعا و يقرر تقربا لله أن يفجر تماثيل قدماء المصريين التي تملأ ربوع مصر .. من سيصبح مسئول عندها .. الشاب المسكين .. أم شيوخنا الأفاضل .. من الذي ستقبض عليه الشرطة ويخضع للمحاكمة وقد يقضي بقية عمره خلف القضبان .. هذا الشاب أم الشيخان القرضاوي وجمعة ..
إنها نفس المشكلة التي أدت الي ما يعانيه العالم الاسلامي بل والعالم أجمع من فوضي فتاوي الجهاد والتحريض علي العنف ورفض الآخر بل واستحلال دمه وماله .. وماهو تأثير أراء الشيخ في شاب قرر عقاب كل من يقتني كلبا في عمارة يسكنها لأن الكلاب تمنع الملائكة من دخول هذه العمارة .. رغم علمنا جميعا أن الكلاب هي من مخلوقات الله مثل الملائكة تماما وهي قد تكون أكثر وفاءا من الانسان نفسه ..
إن مثل هذه الفتاوي العجيبة مصدرها دائما البخاري ومسلم وغيرهم من كتب الحديث والتراث وقد حان الوقت لإعادة دراسة وتقييم مثل هذه الكتب وتنقيتها من كل ما يخالف عقل الانسان في القرن في القرن الواحد والعشرين وظاهر القرآن ... أو وضعها جانبا تماما واعتبارها كتبا تاريخية تصلح فقط لدراسة فترة مليئة بالفوضي من حياتنا ولا تصلح لتأسيس أحكام ووضع قوانين تحرم وتحلل ..
أما منصب مفتي الديار المصرية .. فلا أدري ما هي ضرورته بالضبط .. القوانين في مصر والتي هي اساس التقاضي والقضاء تصدر عن مجلس الشعب وهذا المجلس فقط هو من يجب أن يكون له لجان استشارية اسلامية ومسيحية .. أما دار الافتاء التي تصدر فتاوي ليست ملزمة لأحد .. لا للمواطن ولا للحكومة فهي تكلف دافعي الضرائب وميزانية الدولة الكثير دون أي فائدة تذكر إلا إحداث البلبلة في المجتمع وعملها يتضارب مع الكثير من لجان الأزهر الأخري..
الفتاوي الشخصية يستطيع أن يأخذها اي مواطن من اي شيخ يثق فيه إن هو كان حائرا .. أما إن قررنا الابقاء علي دار الإفتاء فيجب أن تكون مصاريفها ومرتبات أعضائها يمولها الأفراد الذين يدفعون مصاريف الحصول علي الفتوي بصفة شخصية ولنرفع قيمة الحصول علي فتوي من دار الإفتاء للشخص من جنيه واحد الي عشرة جنيهات مثلا حتي يحظي سيادة المفتي بمرتب كافي !!..
وكم كان جمل الغيطاني محقا عندما قال بعد هذه الفتوي وما أثارته من جدل :
"آن الأوان للذين يضعون تعارضا بين الإسلام والحياة المعاصرة أن ينتهوا من حياتنا خصوصا وأن هناك اجتهادات لشيوخ كبار في القرن الماضي تجاوزوا التفاصيل السخيفة فما بالك الآن ووجودنا نفسه يتعرض للتهديد ونحن بحاجة لشيخ مثل محمد عبده لإنقاذ الإسلام من هذه الضحالة".
إن الفوضي التي تحدثها مثل هذه الفتاوي والفتاوي التي تشجع الشباب المغرر بهم علي القيام بعمليات ارهابية انتحارية تحت مسمي الجهاد تسبب ضررا بالغا بالاسلام وبمجتمعاتنا .. فهي تستعدي علينا العالم وتدفع الكثير من الشباب إما الي الغلو والتطرف أو الي الابتعاد تماما عن الدين لأن مفهوم رجال ديننا الأفاضل مثل المفتي والقرضاوي للإسلام يتعارض تماما مع لغة العصر والابداع والفن والثقافة بل والعلم .. إن تدخل رجال الدين وفوضي الفتاوي في كل شيء من قضايا العلم كالاستنساخ وزرع الأعضاء ... الي قضايا السياسة والحكم .. وقضايا الفن والأدب والابداع بصفة عامة .. سيدفع الجميع الي التمرد ضد الدين .. هذا ما دفع أوروبا الي التمرد علي الكنيسة ورجالها في عصور التنوير .. فأضر الدين نفسه وانزوي هناك في الكنيسة.. وهو للأسف ما سيحدث بنفس الطريقة في مجتمعاتنا بسبب مثل هذه الفتاوي ..
فهل يعقل رجال الدين وهل يعقل المفتي هذه الحقيقة ..
لنا الله ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن: يجب أن نقضي على -حماس- كما فعلنا مع -بن لادن-


.. يحيى سريع: نفذنا عملية مع المقاومة الإسلامية بالعراق ضد هدف




.. عشرات اليهود الحريديم يغلقون شارعاً في تل أبيب احتجاجاً على


.. بابا الفاتيكان يحذر من تشريع المخدرات ويصف التجار بـ-القتلة-




.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: المسلمون خائفون واليهود منقسم