الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوة الفكرة

محمد ابداح

2018 / 9 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حينما ظهر الإسلام جعل من كل ما مضى على مدار أكثر من ثلاثة آلاف عام من علوم الأديان شيئا غير ذي بال، والإضطراب اللاهوتي والإجتماعي المُضاد ( بكافة أطيافه المؤثرة) لازال يضرب هذا الدين منذ ظهوره وإلى اليوم، لذا فلا ندهش من إعتراض أصحاب شريعة موسى على الدين الجديد وهم من قام بحث نيرون على قطع رأس شاول الطرسوسي ( القديس بولس) مُدّعي النبوة، وصاحب رسائل العهد الجديد، ومؤسس الديانة النصرانية، فهم على حق أن يعترضوا، كما هم على حق أن يغضبوا، فمالذي يُميّز خطابا أيديولوجيا قابل للرفض عن أي خطاب سياسي قابل للتكذيب؟
لاغرو أن القابلية للرفض ضمان لعدم المسؤولية؛ من هنا تكمن قوة الفكرة؛ فإن لم يكن التديّن يتمّ على طريقة التنويم المغناطيسي، أو على طريقة قريش ( ساحر أو مجنون..) فهو بالأحرى يتم من خلال خطاب غير قابل للتكذيب أو التصديق بل ببساطة قابلا للرفض ( لكم دينكم ولي دين...)، قد تفضي هذه المقابلة إلى نتيجة مبدئية؛ هي أن الأفكار اللاهوتية (مدار الجدل) وإن كانت غير قابلة للإثبات علميا؛ إلا أنها حاسمة في تأثيرها بالجمهور، لأنها تُسهم في تغيير حالة الواقع، والمعيار هو الأثر؛ فالفكرة مهما بغلت خطورتها إن لم تستطع تحريك ساكن فهي والعدم، فالقيمة تتأتي من الأثر الذي تنتجه الفكرة، لذا فالعقل السّياسي يختار أبلغ الأفكار تأثيرا موضوعا له، إذن فحال النهج الديوسياسي( ديني- سياسي) يقول: مادام ينطلي على الجمهور فهو يهمّنا، وبالتالي تعنينا أدقّ تفاصيل الأساطير والأوديسيات التاريخية فكرا وعقيدة، ولا ضير بأضافة قصة كفاح هتلر والكتاب (الأخضر) للقذافي.
إن دراسة مراحل تشكل وتطوّر التكوينات الكهنوتية والطفرات الأيديولوجية العميقة التي طرأت عليها، فيما يسمى اليوم جعرافيا: بالعالم العربي؛ تمثل سلسلة الحمض النووي (DNA) للعقل العربي، فما عرضه تاريخ المجتمعات الديوسياسي خلال مايزيد عن ستة آلاف عام مضت؛ يتركز بأبشع صوره وبشكل متوالي في أنظمة الحكم العربية المعاصرة، وسيُقال للإستعجال في تثبيت الحقائق المُزيّفة، أن الساميّين عرفوا طعم الراحة منذ زمن ابراهيم، لكن العرب تحديدا عرفوا الراحة منذ زمن محمّد، وربما أن الحقيقة الوحيدة تقول بأن تلك الراحة ومنذ ظهور الإسلام؛ اقتصرت على السلاطين والملوك والزعماء العرب. فليبق إذن علمُ رجال الكهنوت المفصّل على هوى الزعماء العرب؛ هو المكان الوحيد تاريخيا الذي يلتقي فيه النقيضان (الشك واليقين) حول النتيجة ذاتها: تحييد العقل العربي واستعباد الشعوب العربية.
لدينا في الوطن العربي الحبيب- رغم أنف الغرب- سوق سوداء للأفكار والآراء المتبادلة إلى ما لا نهاية، لأنها كلها بالجملة لاتساوي شيئا، وهي بالرسم البياني تمثل اختصارا لجميع الإحتمالات الممكنة التحقيق، يستثنى منها فقط : السيادة الوطنية الحقيقية، التفوق التكنولوجي والعسكري، مكافحة الفساد، وغني عن البيان في أن الحظوظ المعرفية ليست متساوية للجميع في ظل الهيمنة السلبية للأنظمة العربية الحاكمة على كافة مخرجات الوسائل التعليمية، فثمة كل الحقائق لشخص واحد، لكن دوما ثمة حقيقة واحدة للجميع، ولأن سياسة الإقصاء هي ضمانة استمرارية حكم الأنظمة القمعية؛ فيكون كل ماليس قابلا للإقرار يُعمد إلى جعله مقبولا عن طريق الرأي العام، وأي بحث عمّا سبق إقراره -مادام ناجعا- يُحتجز البحث فيه عند منابعه.
قد يكون من المنصف القول: بأن للرقابة السياسية عدة أسباب وجيهة؛ فهي تُعرّض العابثين بالأمن الهش للأخطار، وتجعلهم يعملون دوما تحت ضغط شديد، وفي ظل درجات حرارة عالية جدا تحت طائلة الخطأ، كما تضبط سير التحوّلات الإجتماعية المضادة (برسم التأثير)، وتجعل النظام الحاكم قادر على احتواء أي مشروع للتغيير ( العقاب الجماعي)، ويجعل من الواقع فقط ذلك المنظر المطلّ على شرفة قصر الحاكم، والنتيجة أن الحاكم حرٌ في أن يضمّ جرءا كسريا من الكرة الأرضية بما عليها من بشر إلى تركة أمواله، دون أن يغيّر ذلك شيئا من موضوعية المسمّى الأرض والبشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية


.. 110-Al-Baqarah




.. لحظة الاعتداء علي فتاة مسلمة من مدرس جامعي أمريكي ماذا فعل


.. دار الإفتاء تعلن الخميس أول أيام شهر ذى القعدة




.. كل يوم - الكاتبة هند الضاوي: ‏لولا ما حدث في 7 أكتوبر..كنا س