الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مثقف السلطة والحزب

صاحب الربيعي

2006 / 4 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نجد في الدول ذات الأنظمة الشمولية أن المثقف يتملق للسياسي إما تحاشياً لبطشه أو لخدمته لقاء المال وإما لبحثه عن مظلة حماية، لأن المجتمعات في ظل الأنظمة الشمولية مهددة بشكل دائم في حياتها طالما أنها ليست جزءً من نظام الاستبداد.
هذا الشعور بالتهديد المتواصل يدفع الإنسان في اللاوعي للبحث عن مظلة حماية حتى لو كانت كاذبة ليقنع نفسه بأنه في مأمن عن الأذى طالما هو ينتمي لها، وغالباً ما تكون مظلة الحماية (السلطة أو الحزب) وبخلافه في الدول المتحضرة فإن الإنسان يشعر بالأمان لأنه ينتمي إلى الدولة باعتبارها مظلة الحماية للجميع.
لذا نجد أن عدد المنضوين تحت عباءة الأحزاب السياسية محدود قياساً بعدد المنضوين للكيانات الحزبية في الدول ذات الأنظمة الشمولية. فالإنسان المذعور، الخائف الذي يشعر بالتهديد المتواصل في لقمة عيشه وحياته يعيش حالة من الهياج والرعب تجعله في اللاوعي يرفض الانتماء لذاته لأنها ذات فردية، ضعيفة خاضعة للتهديد والفناء بشكل مستمر. لذلك يهرب بها إلى الجماعة بحكم الغريزة الفطرية حيث أن الجماعة قوة، يستمد من خلالها الأمان لخلق حالة من الوعي الكاذب لذاته بأنها في منأى عن الأذى!.
يعتقد ((أريك فروم))"أن الفرد الخائف والمذعور يبحث عن شخص ما أو شيء ما يربط به ذاته، فهو لم يعد يطيق أن يكون ذاتاً فردية فيحاول وهو في حالة هياج شديد أن يتخلص منها بالانتماء للجماعة ليشعر بالأمان".
المثقف المنضوي تحت عباءة سلطة أو كيان حزبي لن يتخلص نهائياً من هاجس الرعب والخوف وعدم الثقة بالنفس فهو لايرغب أن يكون ذاتاً مستقلة ضمن جماعة يقوم بمهامه دون خوف وخشية من التهديد، لذلك نجده بالرغم من أنه انتهازي يبحث عن مصالحه في مظلة الحماية ولايتوانى عن إلحاق الأذى بأقرانه من المثقفين أن أمرته السلطة أو الحزب بذلك.
هكذا مثقف وذات مهزومة تحتمي بسلطة الاستبداد ينتابها الخوف وتشعر أنها مهددة من السلطة ذاتها عند عجزها في الدفاع عنها، فالسلطة لاتتوانى عن استخدام العنف والبطش ضد مثقفيها لأنها تدفع لهم لقاء ذلك مالاً.
وهذا الأمر ينطبق بدرجة أقل على مثقف الحزب الذي يشعر هو الأخر في اللاوعي أنه مجبراً للدفاع عن سقطات وتوجهات قيادة حزبه وإلا فإن مصيره الطرد، وحينئذ يفقد مظلة الحماية اللازمة لإنقاذ نفسه من حالة الخوف والذعر من أن يصبح ذاتاً مستقلة ومنفردة ودون حماية!.
يرى ((خليل فاضل))"أن المثقف المزيف يخاف خوفاً مرضياً يقترب من حد (الفوبييا) من نقد السلطة له أو توجيهها اللوم لتقصيره أو عجزه عن الرد على مناوئيها ويؤدي هذا إلى تقوقعه لتفادي كل ما يمكن أن يحدث".
عموماً مثقف السلطة والحزب لهما وجهان: وجه سلطوي- حزبي لتحقيق الذات ووجه مزيف لخداع الذات وغالباً ما يكون الوجه الأول انتهازياً بشعاً يلبس لبوس إنساني وفكري لخداع السلطة والحزب معا لتحقيق ذاته. والوجه الثاني يجاهد في الدفاع عن الوجه الأول لإيهام الذات بأنها ذات سوية تخدم فعل إنساني وليست ذاتاً وضيعة تؤتمر بأوامر الآخرين، وغير قادرة على اتخاذ قرارها المستقل وممارسة مهامها الإنسانية الأساس في الدفاع عن مصالح المجتمع.
إن زيف أدعاء مثقف السلطة والحزب بالفكر الإنساني لايعود فقط لهشاشة ذاته، وأنما لخلوها من الثقافة الإنسانية التي تجعله متعدد الأوجه عند مواجهة ذاته والمجتمع معا.
يقول ((شكسبير))"أن الله منحك وجهاً وحداً، وصنعت لنفسك وجهاً أخر".
لايمكن لمثقف السلطة والحزب أن يتخذ موقفاً محايداً من الأحداث والقضايا الاجتماعية الراهنة، بمعزل عن قرار السلطة والحزب الذي ينتمي إليه. وبهذا فإنه عديم الموقف لأن المواقف تصنع له ليتبناها، معطلاً بذلك تفكيره لقياس صدق المواقف السلطوية والحزبية مع الواقع. وبمجرد أن يبدأ التفكير بمواقف وتوجهات سلطته أو حزبه لقياس صدقها مع الواقع يجد نفسه خارج مظلة الحماية، فيعود صاغراً إليها لعدم قدرته على أن يكون ذاتاً مستقلة القرار والموقف في المجتمع!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟


.. احتراق ناقلة جند إسرائيلية بعد استهدافها من المقاومة الفلسطي




.. بعد فرز أكثر من نصف الأصوات.. بزشكيان يتقدم على منافسه جليل


.. بايدن في مقابلة مع ABC: كنت مرهقاً جداً يوم المناظرة والخطأ




.. اتصالات دولية لتخفيف حدة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل ومخاو