الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الإنسان حيوان مادي ؟؟

عبدالله انوينة

2018 / 9 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الإنسانُ ذاتٌ مفكرةٌ، وهو في الوقتِ عينِه طارِئٌ مادي، تتحكم فيه عوامل مادية ودوافع طبيعية. إن الإنسان مذ وجد، وهو في صراع مفتوح مع الطبيعة. تساءل بداية الأمر عن سرّ هذا الكون، وعن سرّه هو كإنسان باعتباره كائنا (راغب) تساءل عن ماهية الدهشة التي تفطر قلبه، وعن الغضب، وعن الفرح، تساءل عن ماهية النَّار والماء والتراب، ولم يكن يملك إجابات شافية. اعتبر الإنسانُ البدائي الطبيعةَ عدوا، فاحترس منها، وذلك باختراع النار عن طريق محاكاة الطبيعة نفسِها، وبصنع السيوف والرّماح لمواجهة الغاب، وابتدع من جلد الحيوانات، ثيابا تقيه حرَّ الصيف، وقرَّ الشتاء، بل جعل من بعض الحيوانات، عن طريق التدجين، من تساعده في الصيد والحراسة والألفة. الإنسان البدائي، ما كان ليستمرَّ لولا صراعه هذا؛ حبًا في البقاء، وحبا في الانتصار؛ الانتصار على الطبيعة بالذات!! رغبته في أن يكون سيدًّا للكون، لم تكن واعية حينها؛ لأنه كان يؤمن بقوة خارقة تحكم الطبيعة هي من تتحكم في كل شيء، كان يؤمن بأن هناك آلهة فوقه، تراقبه، وترى كل أفعاله. وكان يبني كل ما يحدث في الطبيعة على هذا الأساس. رسم الإنسان البدائي الآلهةَ، في حدود خياله، فكانت شبيهة به، وإلى أبعد الحدود، كانت على هيئة حيوان أو طائر. ينحتون الآلهة بأيديهم، كتجلٍّ للآلهة في السَّماء التي تتورع عن الظهور، ثم يعبدونها في طقس مليء بالإيمان والروحانيات..
هذا الإنسان البدائي، الذي هو حسب داروين حيوان كامل، الفرق بينه وبين الحيوان العادي في الدرجة وليس في النوع أو الجندر، كيف صنع إلها، بل كيف توصل إليه ؟؟ كيف جاءته فكرة الإله والإيمان مادام حيوانا كما تدعي الفلسفة المادية ؟؟ لم يستوعب الماديون هذه المسألة. فحتى المحاكاة، تزيد الأمر تعقيدا، إذ لا يوجد في الطبيعة نموذج يمكن لإنسان تلك المرحلة أن يحاكيه فيفطن إلى عبادة الإله. قد أتفق مع الماديين في أن الإنسان طارئ مادي، لكنني أنفرد بفكرة، أنه لا يعود كذلك من بعد أن ينوجد. في البدْء كان الإنسان مادة، نتيجة لسلسلة من المراحل البيولوجية، وبعدها أصبح ذات تشعر، تحلم، تتألم، تحب، تعبّر، تخاف، تتطلع، تفكر... الإنسان البدائي لم يكن حيوانا ماديا صرفا كما تقول بعض فلسفات الانثروبولجيا الحديثة، إننا لا ننفي ذلك جملة وتفصيلا، لكننا نؤكد أنه كان ذاتا في نفس الوقت. كان ينهمك في النهار، بحثا عن قوته، عن طريق نصب المكامن والفخاخ، وفي الليل يشعل النار، ويبدأ في الرقص والغناء. سؤال : ما الذي يجعله يفعل ذلك إن كان ماديا ؟؟ لو كان بالفعل حيوانا ماديا، فما معنى أن يرقص ؟؟ كيف نفسر الرقص ماديا ؟؟ الفلسفة المادية تقول صراحة : كان الأولى أن يكتفي بالأمور المادية، البحث عن الطعام، والاحتراس من الطبيعة، وتلبية مطالب الجسد، أما الغناء والرقص والتعبد فهذه أمور مضحكة. قد أسلم بمنطق مرتاح أن إنسان القرون المتأخرة حيوان مادي إذا ما نظرنا إلى المجتمع باعتباره يدمج الإنسان، ضمن التقاليد والطقوس والعبادات، وإلى كل ما له صلة بالجانب الروحي، قد أسلم أن هذا الإنسان المتأخر في الزمن، أصبح ماديا بشكلٍ محرج للغاية؛ لأنه مقلد فقط، فالغناء والمسرح والرقص والرسم.. كل هذه الفنون لم يكن هو من أبدعها، وبالتالي فإنها لا تعزو ممارسات مادية صرفة فقط، أما الإنسان البدائي، فلا أستطيع تقبل كونه حيوانا ماديا صرفًا !!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق