الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوجوديه ... المشكله الاخلاقيه ... بين عاطفيه دوستوفيسكي والعدميه .

احمد البكر
geophysicist

(Ahmed Albakir)

2018 / 10 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نشر الكاتب والروائي الرائع عمران سيروان مقوله للكاتب الرائع ايضا دوستوتفسكيي يقول فيها تفسيرا لعبارته المشهوره الانسان دوده الارض وابن السماء:
هناك مشاكل وجوديه كبرى لا يمكن فهمها عن طريق العقل فقط ، انها تتجاوز حدود العقل ، وبالتالي فلا يمكننا فهمها إلا عن طريق الايمان ، ان الملكه العقلانيه هي جزء من طبيعه الانسان وليس كل شيئ أما الجزء الاخر الذي يلعب دورا كبيرا في الحياه فهو العامل العاطفي وللاعقلاني اي الذي لا يمكن اخضاعه للحسابات المنطقيه والعقلانيه .. (انتهى كلامه)) ..
هنا يشير فيها الى المشكله الوجوديه ويرى انها تتجاوز العقل ، كما يعتقد ان الملكه العقلانيه هي ليست كل شيئ واسمى هذا الجانب بالعاطفي اللاعقلاني (( المقصود هنا هو الجانب الميتافيزيقي الماورائي ))!
برأي الشخصي ان تيودور كان مخطأ في امرين الاول اخراج مشكله الوجود من الملكه العقلانيه وهذه مغالطه منطقيه ، والثاني اعتبار الملكه العقلانيه هي جزء وليست الكل وهذه مغالطه ادراكيه للواقع..
ان الوجود بحد ذاته ومنذ ان ادركه الانسان واصبح قابلا للفهم كان بسبب الملكه العقلانيه ، لنفترض افتراضا بسيطا لو لم يكن الانسان يملك الجانب العاطفي في تركيب نفسيته .
فهل ياترى يمكن الاكتفاء بالجانب العقلاني الأوحد في حل كل تلك المشاكل التي كانت مستعصيه للفهم من مشكله الوجود إلى الاخلاق والقيم انتهاءا بفهم الكون ؟! الجواب نعم بتاكيد الانسان لم ولن يحتاج إلى العواطف والجانب للاعقلاني فيه ليكتشف كل الذي اكتشفه ، ربما هذا الجانب يؤثر في حياه الانسان على المستوى الاجتماعي ،الشخصي وعلى مستوى العلاقات .نعم ولكن يبقى الجانب العقلاني هو المنتج والمجدد .
انا ارى وبوضح اننا نحن البشر لا نحتاج إلى العواطف لنبني عالما متطورا خاليا من الجهل . نعم نحتاج العواطف لكي نجسد انسانيتنا ونعطي الطابع الانساني في تعاملاتنا مع الاخرين فقط ..
يكمل كاتب المقال قائلا :
ان السؤال الذي ارق تيودور ، اذا لم يكن هناك اله فماذا لو حل الانسان محل الاله حينها سوف يسير وجوده كيفما اتفق ؟! يجيب هنا الفيلسوف علي عزت بيجوفيتش عن هذه الاسئله بقوله اذا لم يكن هناك اله فكل شيئ مباح وهي اجابه نجدها مبثوثه في صميم اعمال تيودور مجتمعته .حيث كان تيودور يختار الجانب الايماني بكل ماتحتويه الكلمه من دلاله غيبيه ميتافيزيقيه للاجابه عن السؤال ما الانسان ؟ ما الحياه ؟ (انتهى كلامه )-

ولكن هل هذه هي النظره الصحيحه للواقع !!! الجواب قطعا كلا ، لا ارى انها سوى نظره قاصرة تمثل امتدا خطيا جامدا لا ابداعيا للفلسفه الماورائيه . ان مساوئ الجانب للاعقلاني والعاطفي الذي يعظم منه كاتب المقال وتيودور دوستوتفسكي ، هو ليس إلا تصور عاطفي طفولي صبياني ان جاز التعبير للواقع او للكون بشكل عام ،وانه لايمكن ان يسير بلا اله أو مرشد .في تصوري انها تمثل نظره دونيه عبوديه للبشر ويبدوا هذا واضحا في اصل المقوله ((الانسان دوده الارض وابن السماء)) ،يرى كلا من تيودور وكيركفارد بالاضافه الى الفيلسوف علي عزت بيجوفيتش انه بلا اله لا يمكن ان توجد قيم مثلى ولا اخلاق ،متناسين هنا ان هذه القيم والأخلاق ما هي الا صفات بقائيه تطوريه تخدم بقاء الفرد نفسه قبل المجتمع ، بالاضافه الى انها لا تتعدى حدود الماديه تطورت عبر ملايين السنين من اسلافنا لنرها بشكلها السامي الان . وان اداعاء وجود اخلاق مطلقه هو محض ادعاء كاذب ومفرغ من الحقيقه ..
لكي اوضح كيف يمكن أن تكون اصول وبدائيات تلك القيم والاخلاق التي نعرفها الان ماديه يجب ان نضرب مثالا بسيطا وافتراضيا في نفس الوقت .. اكرر افتراضيا ولكن بنفس الوقت يخضع لمبادئ التطور الداروني وقواعد علم البيئه القديمه ..
سنفترض ان هناك تجمعان جينيان A,B .كلا التجمعين يعيشان في بيئه معزوله ويحيط بكلا التجمعين تجمعات جينيه اخرى صغيره .ّ سنفترض ان التجمع الجيني A يعيش افراده بطريقه التعايش السلمي (( لتذكير فقط الاليه التعايش السلمي هي اليه تطوريه اتبعتها الخلايا في بدايه الحياه على الكوكب )) يعمل افراده بشكل تعاوني ضمن التجمع ومع بقيه التجمعات من حولهم على مستوى نفس النوع ويخضع هذا التجمع الى فرص تزواج لا عشوائيه وغذاء متقاربه .يواجه المخاطر البيئه بشكل جماعي ..
الان لنفرض ان هناك كارثه بيئه حلت على افراد هذا تجمع ضمن نفس النطاق البيئي المعزول وقلت موارد الغذاء .. بطريقه التي يعمل بها هذا التجمع سيعمل على مشاركه مصادر الغذاء المتبقيه بعد الكارثه البيئيه التي حصلت
الاستنتاج :وفقا لقواعد الانجراف الجيني لعده اجيال سينجو عدد كبير من افراد هذا التجمع وستمرر جيناتهم وبتالي سيحافضون على صفاتهم البقائيه ..
نعود الى التجمع الجيني B افراد هذا التجمع يملكون سلوكا عدائيا ضد التجمعات الاخرى المحيطه بهم ، فامن اجل الحصول على المزيد من الغذاء وفرص التكاثر قاموا بقتل كل التجمعات من حولهم واخذ الاناث لغرض التكاثر .. فعند وقوع نفس الكارثه البيئه التي حلت بتجمع A وبعدما قلت موارد الغذاء قام افراد هذا تجمع بقتل بعضهم من اجل البقاء
واصبحت طرق التكاثر لديهم عشوائيه ..
الاستنتاج : بعده مده من الزمن سيموت اغلب افراد النوع بسبب الكارثه وبسب الامراض الناتجه عن التكاثر العشوائي وكذلك بسبب عدم قدرتهم على مواجهه الاخطار من حولهم من مفترسات بسبب النقص الحاصل بعدد الافراد ..
على احسن الاحوال سينجو فرد أو فردين وسيكون الموت بانتظارهم في طريق بحثهم عن الغذاء او بسبب اخر وبتالي فان نسبه انقراض هذا التجمع هي نسبه كبيره ..
اذن من الواضح ان البقاء للاصلح وليس للاقوى .
في هذا المثال نرى كيف ان الاخلاق الساميه البشريه التي نراها الان ماهي إلا نتاج لتطور اوليات او بدائيات الاخلاق ان جازت التسمية ، هدفها مصلحه الفرد أولا قبل المجتمع وتدخم بقائه .

بعدها يكمل كاتب المقال :
يقول دوستوفيسكي في روايه الابله ان جوهر العاطفه الدينيه مستقل عن جميع البراهين وجميع الافعال السيئه ،وجميع مذاهب الالحاد .ان في العاطفه الدينيه شيئ لا يمكن ان تدركه او تنال منه ادله الملحدين في يوم من الأيام وسيضل الامر على هذا النحو ،
ويكمل قائلا: في الايمان يتحقق الخلاص الانساني ويصبح الوجود الانساني مفهوما وله معنى وهدف وبدونه تستحيل الحياة الى شرور ،نزوات ، ورغبات بالنفس البشريه .. (انتهى كلامه) ......

لاعلم لماذا كل مدعي الايمان الغيبي يضعون او يروجون لجانب غامض في الايمان ، يقع تيودور هنا في مغالطه منطقيه ،هو يقول ان هناك شيئ لا يمكن إدراكه في العاطفه الدينيه !!!!اذن كيف استطاع ادراك مالايمكن ادراكه في هذه العاطفه ، بمعنى اخر بمجرد ان قال هناك شيئ ،اصبح هذا شي مدركا لضروره وجوده كشيئ اصلا !!!! ..
يمكننا ان نصف الايمان بانه مبداء انساني لاعقلاني بعقل واعي ،تداخل معقد بحيث يمكن للانسان المؤمن العاقل الواعي ان يتكلم بما يؤمن به وبيقين مطلق بعقل لاواعي ..
اقرب مثال لهذا هو تصرفات العقل الباطن لاواعي الذي يصور لك ان الواقع الذي يفرضه لك هو الحقيقه فيبدا دماغك بالعمل على هذا الاساس .!
أما النزوات ،اصل الشرور ، والرغبات فالاديان او الايمان لا يمكن ان يكبحها بل على العكس تماما في بعض الأحيان يعطيها طابع شرعي واخلاقي مع مرتبه الشرف . الامر مماثل بنسبه لقضيه غايه الوجود الانساني فالاديان ببساطه لا يمكن ان تعطي تفسيرا عقلانيا لهذا الوجود لسبب بسيط انها تفرض ان الانسان و وجوده كان من اجل اختبار ايمانه ، اذن كل الغايات الاخرى وبما فيها الابداع الروائي الذي يقدمه لنا تيودور دوستوفيسكي هو مجرد هراء وهرطقه فارغه وتفاهه فكريه لا فائده منها بما انه حقق غايه وجوده وهي الايمان !.

ختاما ارى ان الجانب الايماني او للاعقلاني او العاطفي سميه ماشاءت ،ماهو إلا انحطاط فكري وانتحار عقلي بالمعنى الحرفي وكلما زاد هذا الجانب زاد تخلف المجتمع وقل نتاجه العلمي وهذا هو واقع العرب ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت