الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفصام 1، والاضطراب الثنائي القطب 2: أسئلة بين الرومانسية، وواقعية القبول

مرتضى محمد
(Murtadha Mohammed)

2018 / 10 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


روبرت ج. ريتزيما*
ترجمة مرتضى محمد

(كيسلي هاميلتون/ (Kelsey Hamilton الذي نشر في إحدى مدوناته ما عنونه بـــ (تأملات أمراه مجنونة/ Musings of a Mad Woman)؛ كتب مؤخراً موضوعاً هو: لماذا ينظر المجتمع الى الاضطراب الثنائي القطب، كمزحة؟ حيث شكلت (ايمي واينهاوس3/Amy Winehouse) حالة تعطي دليلا على ما تم السؤال عنه، من خلال السحر في الوسائل الإعلامية عند تناولها مثل هكذا حالة. وقد أشار (كيسلي) أيضا الى أفلام، مثل فلم (المعالجة بالسعادة/Silver lining playbook) والذي كان محوره الدعابة التي تؤخذ على الشخصيات ذات المزاج المضطرب. في مكان آخر (كصفحة بينترست بيج4/Pinterest page) هناك الكثير من الفكاهة التي تستهدف الاضطراب الثنائي القطب وغيره من حالات الصحة العقلية. لماذا هناك سحر مع الاضطراب الثنائي القطب، والكآبة، واضطراب الوسواس القهري، وقصور الانتباه، وفرط الحركة، وغيرها من حالات الصحة العقلية، في حين لا نلمس مثل هكذا سحرية في التعامل مع امراض الاضطرابات الجسدية الأخرى مثل داء السكري، والتهاب المفاصل.
يذكر (كيسلي) أحد التغيرات المحتملة لهذا الاستغراق بالتفكير الذي يقوده الشك ان هذه ليست اضطرابات عقلية حقيقة!! ربما هذه المساهمة (الشكيّة) لها عوامل أخرى تلعب دورها هي أيضاً. فخوفنا قد يشكل أحد هذه العوامل، وذلك من خلال تقديمه الاضطراب الثنائي على أنه يمثل شيئاً خاطئاَ (او قد يحدث خطأ) معنا. جميعنا لدينا شكوك حول ماهية أنفسنا؛ في هذا الشأن يوضح الطبيب والمحلل النفساني (مارتي هورويتز / Marti Horowitz) بوصفه لنا ان لدينا (مخططات ذاتية للرغبة/الذات غير المرهوبة) و (مخططات ذاتية لعدم الرغبة/الذات المرهوبة/الخائفة). حيث تتمثل مخططات الرغبة لدينا: ماذا نريد أن نكون؟ في حين تتمثل مخططات عدم الرغبة/الذات المرهوبة /الخائفة: لما نحن خائفون؟
كل واحد منا لديه مخاوفه الشخصية حول من قد نكون، عاجز غير كفوء، أو طماع ناكر للجميل، أو حتى مشلول عاطفياً. أني أشتبه الى حد ما، ان بعض النفوس الخائفة هي تتمثل بشيوعها لنا جميعا؛ لأنها ترتبط برسائل مجتمعية أكبر حول أي نوع من الناس يفترض ان نكون.
أتساءل عما إذا كان الشكلين (الامراض العقلية/الفصام والاضطراب الثنائي القطب) الأكثر خطورة وجدية، هما إضافة الى كونها اضطرابات فعلية تصيب الملايين من الناس؛ هل هي مخاوف من أننا لسنا أنفسنا، أو لسنا كما يجب أن نكون؟!!. هنا يمكن ان اعطي تبسيط بشكل موسع، فعلى مدى الاربعمائة عام الماضية فان اهم تطوريين فكريين يؤثران على نظرتنا لأنفسنا هما: اولاً عصر العقل /التنوير: الذي يبدأ بالعلم الحديث ويبلغ ذروته في عصر التنوير في القرن الثامن عشر. وثانياً الرومانسية: وهي حركة مثلت ردة فعل على عصر العقل، والتي تؤكد على العاطفة والطبيعة.
في كتابه المفصل والمكثف (مصادر الذات/Sources of the self) يصف الفيلسوف (تشارلز تايلر/Charles Tayler) هذين التطورين ان لهما تأثير كبير على تشكيل هوياتنا من خلال تصفية/ترشيح الثقافة الشعبية حتى لأولئك الذين لا يقرؤون الكتب ولم يسمعوا أبدا عن عصر التنوير أو الرومانسية.
أذن ما هي نوع النفسية التي شجعتها حركة التنوير؟ أنها النفس المستقلة العقلانية بشكل بارز، والتي لها القدرة على ملاحظة ومراقبة العالــَم بعناية كما يفعل العالــِم. تلك النوعية شكلت أجابه لتعطي أسبابها على انها غير عاطفية وخالية من التحيز.
في الجانب الآخر ماذا ستكون الذات الخائفة/المرهوبة لشخص يسعى الى المثلى الأعلى للتنوير؟ هذه النفس ستكون حاملة لمميزات الجهل والخرافات، غير قادرة على مراقبة العالَـــم، غير قادرة على التفكير بعقلانية موضوعية لأنها تعاني من تحيزات هائلة.
ماهي النسخة المتطرفة لهذه الذات الخائفة/المرهوبة؟ هي الشخص المصاب (بالشيزوفرينيا)، والذي تمنعه هلوساته من أي نوع من المراقبة. تلك الهلاوس التي توهم التفكير في ان الفكر العقلاني الموضوعي والهدف منه هو أمر مستحيل (في الواقع معظم المصابين بالفصام أكثر عقلانية في معظم الأحيان، أنا اتحدث هنا عن طرح التصورات وليس الواقع).
أذن ماذا عن الرومانسية، ماذا عن الذات ورغبتها حسب هذا النظام؟ النفس الرومانسية هي تلك النفس التي تختبر وتعبر عن مشاعر قوية من خلال رؤيتها العميقة للواقعية كمحصلة ونتيجة. هي تلك الذات التي تستفيد من الاعتماد على الخيال والحدس، ومن خلال حدسها الفني تمثل تلك الذات الحقيقة الصحية لطبيعة الشخص الداخلية.
وماذا عن الذات التي يخافها الشخص الرومانسي؟ انها تلك التي تستخدم العواطف للتظليل بدلاً من استخدام العواطف كدليل أكيد للحقيقة، انها الذات التي تشكل الفوضى والارتباك نظرتها الداخلية أكثر من الطبيعة الحقيقية، هي التي يتخبط فيها الخيال ويظل الحدس. لهذا ستكون النسخة المتطرفة من هذه الذات الخائفة/المرعوبة: هي الشخص المصاب بالاضطراب الثنائي القطب، والذي سيكون أكثر عرضة لنوبات من العاطفة الشديدة – الهوس والاكتئاب – والتي بدورها ستكون كفيلة بتشويه الحقيقة بدلا ممن كشفها على نفسه؛ وذلك باستحضارها الأوهام من العجائب أو الكوابيس التي تمثل أقصى حالات التطرف في عدم الملائمة لمقاربة الحقيقة المرجوّة (مرة أخرى هذا هو الادراك الشائع وليس تجربة الحياة اليومية لمعظم الناس الذين يعانون من الاضطراب الثنائي القطب).
التمثيل على انها ممكن ان تكون ذواتنا الخائفة/المرعوبة؛ هذا الذي قد يفسر ذهولنا حول الفصام والاضطراب الثنائي القطب. في حين ان الجانب الاخر الذي يمثل ذواتنا الراغبة/غير المرعوبة فالتنوير والرومانسية قد تخبرنا اننا يجب ان نكون.
لقد لاحظت على مدى الأربعين عاما (أو نحو ذلك) اننا أصبحنا أقل افتتانا وبشكل تدريجي تجاه (الفصام)، في حين أصبحا أكثر افتتانا تجاه (الاضطراب الثنائي القطب)، ربما تأتى ذلك من أننا أصبحنا أقل قلقً تجاه تحقيق التنوير، بقدر ما أصبحنا مهتمين أكثر بان نكون رومانسيين جيدين.
هذا التغيير (وهاجس الواقعية) قد يكون أو لا يكون لصالح الخير؛ لكنه العالم الذي نجد أنفسنا فيه.
الهوامش:
1) هو مرض دماغي مزمن يصيب عدداً من وظائف العقل مثل: التفكير، المشاعر، الادراك، السلوك. yasermetwaly.wordpress.com)/الفصام-العقلي-schizophrenia/)
2) هو اضطراب نفسي شديد ناتج بشكل أساسي عن خلل في الموصلات الكيميائية بالمخ ويظهر بصورة تقلب مرضي في المزاج والعاطفة. اعراض الاضطراب تكون شديدة وليست مثل التقلبات المزاجية والشعورية العادية التي تصيب معظم البشر، تلك الاعراض قد تؤدي الى اضرار في العلاقات الاجتماعية والوظائف الحياتية الخاصة بالمريض كالعمل والدراسة والعلاقات الاجتماعية. ألا ان هذا الاضطراب قابل للعلاج، والمريض المصاب به بإمكانه ان يعيش حياة كاملة الإنتاجية. من المشاهير المصابين بهذا المرض هم (الممثلة كاترين زيتا جونز، والفنان فان غوخ، والقائد نابليون بونابرت، والفيلسوف نيتشه).(http://www.mohp.gov.eg) .
3) (14 سبتمبر 1983 -23 يوليو 2011) مغنية وكاتبة أغاني انكليزية. كانت تشتهر بأغانيها المعنوية العميقة، ومزيجها الانتقائي من الأنواع الموسيقية. (en.wikipedia.org/wiki/Amy_Winehouse).
4) www.pinterest.com/explore/bipolar-humor)/).

* Robert J. Ritzema (روبرت ج. ريتزيما)، كاتب الماني-امريكي، حاصل على شهادة التاريخ من جامعة (كالفن)/الولايات المتحدة. حاصل ايضا على شهادات عليا في اختصاص (علم النفس الاكلينيكي) من جامعة (كينت ستيت/الولايات المتحدة) ، والمقال أعلاه ترجم من موقع الكاتب:
((bobritzema.wordpress.com/2016/04/21/bipolar-disorder-and-your-feared-self-or-isnt-it-romantic))/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا