الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقباط المهجر والاخوان

رفعت عوض الله

2018 / 10 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أقباط المهجر والأخوان

فى يوم الثلاثاء الثاني من أكتوبر 2018 جمعني لقاء مع استاذنا الفيلسوف الكبير د/مراد وهبه ، والمفكرة التنويرية د/ مني أبو سنة ، ود/ حسن البيلاوي امين عام المجلس العربي للطفولة ، وشخصيات اخري بمقر المجلس العربي للطفولة بمدينة نصر ...... هذا اللقاء هو لقاء دوري لمؤسسي منتدي ابن رشد التنويري ، والذي اسسه ويرأسه استاذنا د/ مراد وهبه .
يهدف المنتدي لخلق تيار علماني يؤمن بالعقل والعلم ونسبية الأمور لمحاربة الأصولية التي تتوهم امتلاك الحقيقة المطلقة ومن ثم تقول بان المطلق في مقدور عقولنا معرفته .
هذه الأصولية التي تذهب في ايمانها الجازم القاطع بامتلاكها للمطلق ،أقول تذهب لحد الإرهاب والقتل ، قتل كل من لا يؤمن بما تؤمن به . فهذا الإرهاب الأسود القاتل والذي أحال حياة البشر المسالمين إلي جحيم انما هو نتيجة مترتبة علي وجود وشيوع الأصولية .
في لقاء اليوم تحاورنا وتناقشنا في قضايا عدة تدور حول التنوير وإعمال العقل والاصولية ، والسياسة العالمية .
تطرق الحديث عن ما يسمي بأقباط المهجر ، وهم بعض من المصريين المسيحيين الذين هاجروا إلي الولايات المتحدة الامريكية .
بدأت الهجرة باعداد ملحوظة في ستينيات القرن الماضي في فترة حكم الزعيم جمال عبد الناصر. .....أسباب هجرة أولئك تعود إلي قرار التأميم ، والذي يعني تحويل الملكيات الخاصة لتكون ملكية للدولة . وقد بدات بتأميم شركة قناة السويس لتصير شركة مصرية خاصة . وطالت ممتلكات الأجانب من مصانع وشركات ومتاجر . وأيضا الرأسمالية المصرية سواء اكانت كبيرة ام متوسطة ام صغيرة . وكان من ضمن أولئك المصريين بعض من المصريين المسيحيين الذين تحولوا بعد التأميم لفقراء ليس لديهم امان اقتصادي .
فضلا عن قانون الإصلاح الزراعي الذي أطاح بالملكيات الزراعية الكبيرة ، ومنهم ايضا مصريون مسيحيون .
بالإضافة إلي تعمد قادة يوليو 52 تهميش المصريين المسيحيين واخراجهم من الفاعلية في المجال العام ،سياسة واقتصاد واجتماع وثقافة ، بعد ان كانوا فاعلين ومشاركين فيه علي مدي عقود منذ ثورة المصريين الخالدة في 1919 وحتي يوليو 52.
فضلا عن سياسة القمع والتنكيل التي اتبعها عبد الناصر مع معارضيه وخصومه .
كل هذه الأسباب او بعضها دفع جمهورا عريضا من المصريين المسيحيين للهجرة طلبا للحرية والتماسا للامن والأمان .
رفع عبد الناصر لواء القومية العربية التي تستند لوحدة التاريخ ووحدة اللغة ووحدة الدين .
وهكذا لحق الدين "الإسلام " بالقومية العربية وصار احد ركائزها الكبيرة .
فلما هُزم المشروع الناصري في يونيو 67 احتمي الناس والمجتمع بالإسلام ، فيه يجدون عزاءا عن الواقع المعيش البائس ،وعن مرارة الهزيمة .
مات عبد الناصر في 1970 وخلفه الرئيس السادات الذي استلهم الأصولية الإسلامية ليؤسس عليها دعائم حكمه حتي انه صرح بانه رئيس مسلم لدولة مسلمة .
لذا عمد لأسلمة الدولة والمجتمع المصري فسمح للإسلاميين وخاصة الاخوان ان يسيطروا علي المدارس والجامعات والمساجد والاعلام والنقابات المهنية ، بل والشارع المصري ،خاصة بعد ذهاب اعداد كبيرة من المهنيين والعمال المصريين للعمل بالخليج حيث الاحتياج للعمالة والوفرة الناتجة عن الأرباح البترولية ومن ثم أجور مرتفعة نسبيا لتلك العمالة المتعطشة للمال .
عاد أولئك المصريون وجيوبهم متخمة بالريالات والدنانير وعقولهم ونفوسهم مؤمنة بالوهابية ،ومن ثم انتشر الحجاب وبعده النقاب وشكليات التدين والحرام والحلال ومعاداة العقل والحضارة ،وتكفير المواطنين المصريين المسيحيين ، والكفر بمفهوم المواطنة وحقوق الانسان .
وإزاء هذه الأحوال شرع جمهور عريض من المصريين المسيحيين في الهجرة التماسا للحرية والامن والأمان .
مات السادات مقتولا بيد من فتح لهم الأبواب ومكنهم من الدولة والمجتمع المصري . خلفه الرئيس حسني مبارك الذي ناصب الإخوان المسلمين العداء ظاهريا ،وفي الخفاء عقد معهم اتفاقا غير مكتوب يقضي ان لا يغتالوه كما إغتالوا السادات ،علي ان يترك لهم الهيمنة علي مرافق المجتمع المصري ،ويأسلموه ،وذرا للرماد في العيون أُطلق علي الاخوان لفظ " الجماعة المحظورة ".
ترتب علي نشاط الاخوان من جهة والسلفيين والجماعات الجهادية من جهة اخري شيوع الإرهاب الذي طال مرافق الدولة وأيضا المصريين المسيحيين فحدث عدوان واسع خصوصا في قري الصعيد ضدهم مستهدفا الكنائس والممتلكات ، واحيانا الأرواح "احداث الكشح الاولي والثانية علي سبيل المثال ".
في كل حوادث العدوان والحرق والنهب والسلب وتدمير الكنائس وقتل الناس لم يُعاقب جان واحد .
كل هذا دفع بالمزيد لطلب الهجرة .
عُزل مبارك نتيجة لإنتفاضة المصريين في 25 يناير 2011 وجاء حكم المجلس العسكري والذي فيه حدثت مجزرة ماسبيرو بحق المتظاهرين المسيحيين ،وأيضا تدمير وحرق عدد من الكنائس ،وإغلاق السلفيين لكنائس اخري .
بفعل كل العوامل السابقة وبتواطؤ من المجلس العسكري ، وإدارة الرئيس الأمريكي أوباما وفاعلية الاخوان ونشاط السلفيين تم اسلمة المجال العام في مصر ...... وتواري صوت العلمانية والعلمانيين . انطفأ وهج القومية المصرية . دُفن مفهوم المواطنة " غزوة الصناديق ".
في ظل ذلك المُناخ صعد الاخوان وتسلموا حكم مصر ، من اللحظة الاولي عمل الاخوان وبوتيرة متسارعة علي اخونة كل المجالات والمرافق في مصر .
انعكس كل هذا غضبا ورفضا في صفوف المصريين والمصريات ، فخرجت المظاهرات المليونية تنديدا ورفضا صريحا لحكم الاخوان .
كان الجيش الحريص علي مصر الدولة يراقب ويعمل في الخفاء ، فكان القرار البطولي بعزل الرئيس مرسي وتسليم الحكم لقيادة مدنية مؤقته .
كان في مقدمة من خرجوا ضد الاخوان وحكمهم المصريون المسيحيون .
نظر المصريون جميعا للفريق عبد الفتاح السيسي علي انه بطل قومي مصري ،حمل روحه علي كفه ، وغامر بحياته ليخلص المصريين من حكم الاخوان .
هذه كانت نظرة المصريين في داخل مصر وفي خارجها للسيسي .
بعد ان اُنتخب السيسي رئيسا تفاءل المصريون ،واعتبر حكمه عهدا وبداية جديدة فيها تترسخ قيم المواطنة والحقوق والحريات .
ولكن استمرار عصف السلفيين بالمصريين المسيحيين وخاصة في قري الصعيد وعلي وجه اخص في قري المنيا ،حيث ينتهك ويُداس حق اصيل من حقوق الانسان والمواطن ،إلا وهو حقه في العبادة وبناء دور العبادة .... فكلما شرع سكان قرية ليس بها كنيسة في بناء واحدة ،وتقدموا بطلبات الترخيص ، سوفت وماطلت وعطلت الأجهزة الحكومية في إعطاء الترخيص .
وحين يسمع الجيران من المصريين المسلميين يقفون ويروعون ويحرقون وينهبون بل ويقتلون ويغلقوا الكنيسة او البناء .
امر كهذا حدث ويحدث عشرات المرات ، ولا حس ولا خبر من قبل الدولة وأجهزتها المدنية ،ولا عقاب لمعتدي ، مما يدفعه للاستمرار وتكرار العدوان ، في غياب تام للقانون وسلطة المحافظ المدنية.
مأساة المصريين المسيحيين في وطنهم ، واخبار معاناتهم تصل إلي اقباط المهجر ، لذا منطقيا ان تهتز وتتشوه صورة السيسي الذي كان بالأمس القريب بطلا في نظرهم . أصبحت صورته الحالية مجرد حاكم من خلفية عسكرية لا يعبأ ولا يهتم بل لا يقوم بمهام وظيفته نحو إقرار المواطنة ، وتطبيق القانون وحفظ الحقوق والحريات ، وكأنه يمالئ السلفيين المكفرين للمسيحيين ويحلهم محل الاخوان .
لذا ينظم اقباط المهجر مظاهرات تنديد بالسيسي والحكومة المصرية كلما ذهب هناك .
ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو فكرة طرحها احد الحاضرين للقاء اليوم وهو شخصية اكن لها تقديرا كبيرا وهي اهل لهذا التقدير ،الفكرة تقول بان هناك ارتباط بين اقباط المهجر والاخوان فكل منهما مدفوع بكراهية السيسي .
نعم ان الاخوان رافضون للسيسي واقباط المهجر رافضون لسلبية وعدم اكتراث السيسي بمأساة المصريين المسيحيين ، ولكن هذا لا يعني ان هناك ارتباط وتنسيق بينهما . اقباط المهجر رافضون للسيسي لانه خيب امالهم ، ورافضون للاخوان لانهم اصوليون لا يريدون غيرهم في مصر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زفة الأيقونة بالزغاريد.. أقباط مصر يحتفلون بقداس عيد القيامة


.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: شفاعة المسيح شفاعة كفارية




.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: المسيح متواجد معنا في كل مكا


.. بدايات ونهايات حضارات وادي الرافدين




.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا