الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين النصيحة

عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري

2018 / 10 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


(رفضت صحف اليسار التي أكتب فيها نشر هذا المقال...ولا أعتقد أن صحف اليمين تنشره)

ما الذي نعنيه بالدين هنا؟
وهل ماهية الدين واحدة في كل المجتمعات والثقافات؟
في الحديث "الدين النصيحة" والأصل اللغوي لكلمة نصيحة: التلفيق بين الناس, من النصح وهو الخياطة, وذلك أن تلفق بين التفاريق, أي تجمعها, وتمامه قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله وللخلق خاصتهم وعامتهم. قالت العلماء: النصيحة لله أن يخلص العبد العمل بينه وبين ربه ، والنصيحة لرسوله أن يكون العبد صادق السريرة ولا يضمر خلافها, والنصيحة للخلق أن لا يتمايز عنهم في حال من الأحوال.
1
تعتبر بعض الفلسفات الدين ضلالاً, فلماذا يستمر هذا الضلال؟
ولماذا يفضل الكثير من الناس هذا الضلال على الحقيقة؟ ولا يخفى أنه ليس من الصعب إثبات عدم وجود أية أسس مجربة لدى مثل هذا التصور عن العالم الذي ينبثق في عقول أهل الدين, ولأمكن بالتالي استبداله بصورة علمية واقعية عنه.
المعروف أن أهل الديانات السماوية يرفضون التقييم الذي أعطاه أهل العلم والفلسفة للدين, و يعتقدون أن الدين لا يمكن أن يكون ضلالاً في ضلال, لأنه يعيش طويلاً في أذهان الناس, ويحظى بتأثير كبير في سلوكهم وحياتهم وعاداتهم وتقاليدهم. ولا يمكن غض الطرف عن متعلقات الدين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فتاريخ الشرق هو تاريخ الأديان على حد تعبير كارل ماركس.
2
يعتقد القسم الأكبر من أصحاب الفكر العلماني أن نظام الحكم في "المجتمع الإسلامي" لن يستقيم إلا إذا أخذ بما يظن أنه "نظرية الدولة الحديثة" في الفكر الغربي. والدولة في الغرب تختلف اختلافاً بيناً عن الدولة في الشرق. فهل استطاع فلاسفة الشرق والغرب من أيام سقراط في أثينا إلى زكي نجيب محمود في القاهرة أن يكوّنوا تصوراً موحداً عن شكل الدولة التي تصلح لقيام علاقة تشاركية وعادلة بين الحاكم والمحكوم؟ وهل شكل الدولة الموحد هو مطلب كل البشر في كل المجتمعات على كوكب الأرض؟
3
أكثرية ساحقة من عامة الخلق تؤمن أن "المجتمع الإسلامي" لن يتمكن من الخلاص وتحقيق الأمن والاستقرار والسعادة الأرضية والأخروية إلا إذا نجح في إعادة بناء الدولة على الأسس ذاتها التي قامت عليها في "صدر الإسلام" والتي كانت وراء تحول قبائل بدوية كانت تعيش حياة حرة خالية من كل أنواع السلطة, إلى أمة عالمية, مع تعدد مللها ونحلها الدينية والعرقية انتظمت في دولة مترامية الأطراف امتدت من تخوم الصين إلى شواطئ المحيط الأطلسي.
ثمَّ يؤكدون أن الإسلام انطلق في رسالته من دين المسيح الذي كان فكراً وممارسة وسلوكاً ومصيراً النقيض المطلق للدولة الاستبدادية ومبدأ القهر . فقد حارب المسيح القوة بالرحمة والتعصب بالتسامح والأنانية بالإثار والقهر بالفداء ورفض ما عُرض عليه من مُلك. ورسول الإسلام جعل من الهداية والموعظة الحسنة طريقاً إلى الله والدعوة لدينه والشهادة في سبيل رسالته. وأصحاب هذه الفكرة يؤكدون أن "المجتمعات العربية" بأكثريتها المسلمة لا يزال الدين المصدر الأول إن لم نقل الوحيد للقيم الرمزية والتاريخية والأخلاقية والمعنوية والنفسية والتربوية التي يقوم عليها بناء المدنية والحس الحضاري وهو عملياً أهم مرتكز لهويتهم.
4
أما عن دلالات كلمة دين في الوعي البشري فتتلخص في أن الدين هو صلة الإنسان بخالقه وهو,أي الدين, جمع من الشرائع والسنن والحقائق الإيمانية ومعاير السلوك التي تؤكد ارتباط المؤمن بخالقه.ويتبنى وجهة النظر هذه المؤمنون من الديانات السماوية اليهودية والمسيحية والإسلامية.وهنا تنبثق عن هذا كله صلة عاطفية بين الدين وبين حامله وبالتالي ينشأ عن التصور الديني للحياة رغبات ومساعي وآمال وعواطف. وهذا الجمع من الأحاسيس التي خلقها الدين في النفس البشرية هي التي تجعل منه قوة حيوية مهيمنة.
5
يرجع إلى فيلسوف المعرة كشف النقاب عن سر مجهول يخالف ما عليه الناس. فالدين والروح متخالفان.
كيف ذلك؟
أقول لك: الدين علاقة حسية بإله مجسم, صنم مرئي وملموس عند الوثنيين, ورجل جالس على العرش عند السماويين. ومن هنا الجوهر الحسي البدني للشخصية الدينية. إن رجل الدين يحمل عقيدة دنيوية في مجمل تفاصيلها التي تشمل العالم الآخر, لأن الآخرة نعيم مادي حسي يتمتع به الجسد ويكون مكملاً لنعيم الدنيا أو معوضاً عنه. وليس للروح ما تفعله في هذه العلاقة الحسية.
6
وقد انتبه فيلسوف المعرة إلى المنحى اللذائذي للشخصية الدينية بينما رسم بتجربته الخاصة صورة النقيض الروحي للحكيم. فقد أكد أن التقاء المرء بربه واعترافه به وتقربه منه هو قاعدة التقائه بنفسه وتعرفه على قواه المعنوية وتماهيه مع أقرانه وتفجير عواطفه الايجابية. ومن ثم تكوين الجماعة كمرتكز لقرابة روحية طوعية أخوية ونفي السلطان والشرك أي عبادة الملك أو القوة كمصدر للقهر والاستعباد بمعنى لا سلطان حقيقي لأحد على أحد, لأن بهجة الروح هي الحرية, ولا اعتراف بسلطة إلا لله, ولا عبودية لغير الله. ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وقالوا المالك للشيء مملوك له ومن أراد الحرية فليخرج من ملكوت الرغبة. وهذا يعني نزع الشرعية نهائياً عن أي سلطة. فهل كان الدين حركة ثورية بالمعنى العميق للكلمة؟ الجواب عندك وليس عندي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله


.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446




.. 162-An-Nisa


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - رئيس الوزراء يهنئ الرئيس السيسي و




.. وادي الرافدين وتراثه القديم محاضرة استذكارية وحوارفي الذكرى