الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الليبرالية بين لعبتي كرة القدم والحوكشة

كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)

2018 / 10 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نعرف لعبة كرة القدم بقوانينها الصارمة، التي تتيح للاعبين حرية اللعب، بشرط الالتزام بقوانين، يتعرض مخالفها ‏لعقوبات متدرجة حسب نوعية المخالفة، تبدأ من الإنذار، وصولاً للطرد من المباراة. ‏‎"‎الحوكشة" تعبير دارج ساخر ‏مصري، عن أسلوب لعب متخيل يتسم بالفوضوية، ولا يمت للرياضة أو للنظام بصلة. لاشك يتوفر بالحوكشة قدر ‏عظيم من حرية اللاعب، لا يتوفر مثيله بالألعاب الجماعية التي نعرفها. لكنها الفوضى التي تربأ بنفسها عنها قطعان ‏الحيوانات السائمة. الليبرالية التي أعرفها وأعتنقها مثيلة لما يسود في مباريات كرة القدم. والليبرالية اليسارية التي يدفع ‏باتجاهها يسارجية العالم الغربي الآن مثيلة لحالة لعبة "الحوكشة". أنهم يدفعون العالم باتجاه الفوضوية، ويذهبون ‏بالحضارة الغربية الإنسانية إلى الخراب والزوال. فالحرية التي تستعصي على الانتظام تنتظر منا تسمية أخرى غير ‏مسمى "حرية‎"‎‏. ‏
الليبرالية ليست نزعة تسامح أخلاقية، لأن الرأي الآخر لا يكون من حيث المبدأ جريمة نتسامح معها، ما لم يكن بالفعل ‏كذلك من حيث المضمون. سماحية الليبرالية بتعدد الآراء تأتي في حالات غياب المطلق الصالح ليكون مرجعية ‏للصواب والخطأ. فشتان بين الليبرالية وبين اللاأدرية، التي تحيل الحياة فوضى مطلقة، وتجعل إعمال العقل جهدا عبثياً ‏لا يصل إلى ما يستدعي ثقة. فالإسراف غير الرشيد في النهج الليبرالي الذي تتساوى في نظره كل الأفكار والمواقف، ‏يفقد الإنسان قيمة ووظيفة أم من مياميزه وهو العقل، القادر على الفرز بين الثمين والغث، وبين المفيد للإنسان والضار ‏المخرب لحياته.‏
لليبرالية في الحقيقة نوعان مميزان من المرجعية:‏
أولهما المرجعية العملية البرجماتية، وهي مرجعية تحقيق الفائدة العملية للفرد والمجتمع والإنسانية مجتمعين.‏
والثاني مرجعية الحقائق العلمية التي توصلنا إليها عن عالمنا الفيزيقي والبيولوجي.‏
تجاهل هذين المرجعين يحول الليبرالية إلى فوضوية. فالإنسانية ليست شيئاً هلامياً بلا جلد يحدده ويحميه. جلدها من ‏نوعية المحتوى، وليس صلداً كصدفة حلزون. يمنع اختراق الميكروبات التي نبيدها بالمضادات الحيوية، لكنه لا يعوق ‏تطور وتفاعل ما بداخله مع الوسط الخارجي. فالإنسانية والليبرالية ليست فوضى التسامح مع ما يطيح بالإنسانية ‏والإنسان. ليست لاأدرية تساوي بين السمكة والثعبان، وبين الثائر الحر والإرهابي، وبين التحرر الجنسي والتحول ‏الجنسي، الذي يذهب بالإنسانية إلى البهيمية.‏
قابلت في نيويورك رجلا يرتدي فستانا بتسريحة شعر وماكياج. هي حريته، كما حريتي ألا أستطيع التغلب على ‏اشمئزازي في سريرتي.‏
موقف الليبرالية التي أعرفها من المثلية تحدده النقاط التالية:‏
• الممارسات المثلية أمر شخصي للمثليين، لا يحق لأحد التدخل المتطفل فيه.‏
• الميول المثلية يرجع بعضها للتربية.‏
• والبعض لاختلال في عمل الغدد وهرموناتها، ولتشوهات جينية خَلْقية.‏
• العلاقات المثلية شذوذ مجتمعي عن النواة الأولى للمجتمع وهي الأسرة.‏
• الاعتراف بالثنائيات المثلية كأسرة يخرب شبكة العلاقات المجتمعية التي تتأسس عليها الحضارة الانسانية.‏
• ينبغي أن يكون المثليون محل تعاطف باعتبارهم ضحايا تربية غير سليمة، أو ضحايا أخطاء الطبيعة في الخلق. ‏ويجب توفير العلاج الممكن لمن أراده منهم.‏
• رفض السلوك الجنسي العشوائي البهيمي رغم اندراجه ضمن الحرية الشخصية، تمسك بارتقاء الإنسان قمة المملكة ‏الحيوانية. فالبعض باسم العلمانية والحرية يخرب ما وصلت إليه الحضارة الإنسانية. فنزعة العلمانيين للتحرر من ‏الثوابت الدينية وتحديها، دفعت كثيرين للذهاب أقصى اليسار، ليقوضوا البنية الاجتماعية للحضارة ونواتها الأسرة.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah