الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنفسي ثم للذكري

عمر عزيز النجار
(Omar Aziz Elnaggar)

2018 / 10 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقولون أن الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم ، وإذا أدبرت علمها كل جاهل ، ويؤسفني أنني كنت أحد هؤلاء الجهال الذين لم يستضيئوا بنور البصيرة ولم يلجأوا إلي ركن شديد ،
كم من الرجال تراجعوا عن كلامهم بعد ما تبين لهم أنهم على باطل ، وكم من العلماء قاموا بتغيير نظرياتهم بعد ما صح لهم نقيضها ، وكم من الساسة والقادة قد تبدلوا في مواقفهم بعد معطيات استجدت ، وحقائق تبينت ، وخفايا تم اكتشافها ، وأنا إذ أكتب هذه الكلمات فإنني أعرض لنفسي أولا ثم للذكري ، أكثر المواقف التي خانني فيها الحظ والتوفيق ، وكنت فيها بمنأى بعيد عن الحكمة والرشد ، بل والانسانية ايضا .
وبعيدا عن المقدمات المستطيلة ، والطلاسم المبهمة ، أدخل في صلب الموضوع ، في عام 2012 ومع اول انتخابات تعددية صحيحة صريحة قمت في الجولة الأولى بانتخاب السيد / حمدين صباحي ، لأنني وجدته الأقرب الأنسب ، بعيدا عن ممثل التيارات الدينية والعسكرية ، وجدته كما كان رافعا شعار ( واحد مننا ) ، وجاءت النتيجة المبدئية مخيبة للآمال ، حيث وقع الاختيار في الجولة الثانية بين د/محمد مرسي ، ممثل جماعة الاخوان ، والفريق / احمد شفيق ، ممثل جماعة الفلول ، حتي يتسني للشعب حرية الاختيار بين من يرفضه ومن لا يريده ، ، ، ،
بدون تردد او تفكير قمت بانتخاب الفريق / شفيق ، وقلت حينها أنني علي استعداد ان انتخب الشيطان ، ولا انتخب احد ممثلي تلك الجماعات ، وجاءت النتيجة غير ما كنت أحلم وأرجو ......
وفاز الدكتور / محمد مرسي
في مثل هذه الحالة كان يجب علينا جميعا أن ننصاع ونمتثل لإرادتنا و أصواتنا ، وأن نترك الرجل يخوض مهمته التي أسندها له الشعب بالطريقة التي ارتضاها ، وأن نقف جميعا بجانبه مؤيدين ومعارضين ، دولة وشعبا، بالمميزات والعيوب بما له وما عليه ، لكن ما حدث كان غير ذلك ما ان تسلم الرجل مقاليد الحكم حتي انفض عنه كل من حوله بل وصاروا معاول هدم في كيان الدوله حتي يسقطوا الرجل ، واستخدموا ضده كل الأساليب ، المؤامرات تارة والسخرية تارة أخرى ، وغير ذلك من الأساليب التي ينأي عن مثلها الشرفاء ، وكالعادة في مجتمع تعلو فيه نسبة الأمية ، وتنعدم فيه الثقافة السياسية ، ظهر فصيل معارض بقوة لهذا النظام ، مكتسبا كل يوم أرضا جديدة في الواقع السياسي الضحل ، حتي وقع صدام شرس بين الجهتين ، ولم يدر الطرفان ان هناك من يراقب الوضع عن كثب متحينآ الفرصة كي ينقض بأنيابه وينشب فينا مخالبه ، مثل الكلب البري العقور ، الذي يظهر في اخر المشهد في صورة المنقذ المخلص الأمين ، وهذا ما كان ، ظهر المشير حينذاك / عبدالفتاح السيسي ، ليمنع الطرفين من الصدام المفتعل اصلا من البداية ، وهنا ثبت اصحاب الحق علي موقفهم ، مدافعين عن قضيتهم ، معتصمين علي مرأي ومسمع من العالم كله ، ليطل علينا الكلب العقور ممهلا الطرفين مدة يومين أن يعود كل إلي رشده وصوابه ، وانقضت المهلة ، وبطبيعة الحال دخلت الذئاب الجائعة بيوت الأغنام ، وعاثوا فيها فسادا ، وخضبت الأرض بدماء الأبرياء ، وسط أجواء من الفرحة والبهجة من الطرف الاخر ، ولم لا يفرحون وقد انتصروا على عدوهم اللدود !!!!!!
ولم يكتف الأمر عند هذا الحد ، بل وصار القاتل بطلا يحتذي به وعلما تعلق صوره في الميادين وعلي واجهات البيوت ،
والمؤسف في الأمر أنني كنت أحد هؤلاء ، اااااااه يا عمر كيف ارتضيت لنفسي أن أكون بهذا القدر من الخسة والدناءة ،
وللعلم ، انني حين رفضت حكم التيارات الدينية فقد كان كل ما أخشاه ، هو تضييق الخناق على حرية الفكر ، والاعتقاد ، والدين ، والفن ومثل تلك الأمور ، اما كعقول إدارية سياسية ، أو احتواء للمواقف او تعامل مع الأزمات ، فإن أي اتجاه سيكون افضل بلا شك من جماعة العسكر التي لا تعرف الا لغة القوة والسلاح ، ولكي تعرف الفرق بين المدنيين والعسكر في كل مجالات الحياة، ألق نظرة علي الكوريتين الشمالية والجنوبية ، خيط جغرافي دقيق يفصل بينهما ، الا أنهما يعيشان حياتين مختلفتين تماما كما لو كانت كل دولة تعيش في كوكب اخر ، فشتان الفرق بين دولة وجهت كل اهتمامها للنهوض بشعبها اجتماعيا وثقافيا وصحيا وتعليميا وماديا ، ودولة جعلت من الرئيس آلهة ، وصبت كل مواردها في محاولة ارضاء غروره وجنونه حتي ولو عاش الجميع تحت التراب
ما حدث خيانة بل وجريمة سيحاسب عليها التاريخ كل من شارك فيها وأنا معهم ، وإني وإن لم أكن شاركت فيها ماديا او جسديا او عسكريا إلا أنه يكفي أني رضيت بما يحدث ، بل وشعرت بالنشوة والبهجة والانتصار ، الأمر الذي أعده حقيرا بكل معني الكلمة ، هذا الرجل الذي استمد قوته من الشعب الغافل والاعلام المنافق ، وشيوخ الضلال وكهنة الإجرام ، هذا الرجل الذي أراق الدماء ونهب الملايين ، واستولي علي مدخرات الشعب الطيب المسكين ، وأجهض أحلام الشباب ، أنا لا انتمي إليه ،،،،،
وبماذا يفيد الندم والاعتذار ، هل الكلمات كفيلة بأن تمحو ما أثبتته الأيام ، وصيرته واقعا مريرا ، نشاهده ونعيشه في كل يوم وليلة ، بالطبع لا ، ولكن كما قيل (معذرة إلي أنفسكم ) ، وكما قلت فى البداية ، لنفسي ثم للذكري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأب الروحي لـ-بيركينغ باد-يعود بمسلسل غريب تكتمت عليه طويلا


.. عظة الأحد - القس يوسف مجدي: سيدنا المسيح ضنع الكثير من المعج




.. ما هو التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية؟ • MCD


.. الجامعة الإسلامية.. من قاعات الدراسة إلى مخيمات النزوح




.. لماذا نطلب فتوى في كل شيء؟ إبراهيم عيسى يجيب