الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرمز ومحنة الزمن

مثنى راضي فرهود
(Muthna Reda)

2018 / 10 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


جدلية الخلود التي راودت الانسان منذ لحظة الوعي الاولى للكون والزمن والانا والوجود والعدم ’ طالما كانت ملهمه لنفس التواقه لعبور محنة وقيود الزمان والمكان ,ان التوق الذي بدى مزمن للخلود ولَد الكثير من الوعي الرمزي في الاسطوره وفي الاديان والعلم فهو طُعم رحلة كلكامش نحو جبل الارز وهو مفتاح رمزية الوجود الانساني في الارض , بعد ان حاول الانسان وصدق المحاوله اعلن خيبته ببلوغ الخلود الجسدي لكن مالبث ان وجد عزوته بحيلة اخرى احتال بها على شبح الموت والفناء العدو الاصيل للانسان فأعاد تعريف الوجود الانساني على انه معنى ومبدأ وحين ذاك صار ان الانسان سيبقى بصوره المعنويه حتى وان نجح الدهر بزول حيزه المادي وعند ذلك بدأعصر السعي لاجل القيم وثارت ثورتها ونمت نبتتها حتى بلغت مستويات متقدمه.
لم تعد فرضية خلود الصوره المعنويه تستوعب المتغيرات والجدل القائم حول وعي الانسان ذاته الذي افترض انه حامل لتلك الصور فالثابت ان المعني ايضا متغير وفق سمات الوعي في العقل الواعي له والمحيط والمكان المؤثر ,فلايمكن ان تنتقل صورة الرمز من زمن الى زمن اخر بصوره مجرده عن مفاهيم المتلقي الجديد او الحامل للصوره الجديده فعادةً ماتنتقل الصور عن طريق نصوص او روايات شفويه وبكلا الحالتين فان ثبات النص الروائي او اللفظ لايعد حصن لنقل الصور بماتثيرها الرموز اللفظيه والحرفيه من معاني اُفترضت لها في زمن مغاير ,حيث مع ثبات اللفظ والنص فان الصور المعنويه بالنسبه للمتلقي تتاثر بقواعده الفكريه وحجم وعيه الثقافي وقدرته التخيله واطلاعه وتجربته الحياتيه وهنا تكون السمه السائده في هذه القواعد هي السلبيه فأن زيادة الوعي للمتلقي الجديد لاتعني انه سيشكل صوره قريبه للصوره الحقيقيه للصوره المنقوله من زمن بعيد لكن حجم الاسقاط وتطويره يختلف ايجابيا بنسبه لترويض هذه الصوره لتتلائم مع البيئه الجديده وهذا الاسقاط يجعلنا امام نصوص وحوادث ورموز تاريخيه تتطور وتتخلق حسب وعي المتلقي وبمرور الزمن ربما تصبح صورة الرمز مناقضه لصورته الحقيقيه على الرغم من ثبات النص الناقل لها وهذا بسبب تطور المعني والبيئه المحيطه المنتجه للمعاني فالرمز مهما كان ساميا فربما ينحط انحطاط فضيع بسبب وعي المتلقي وربما يكون الرمز منحطا لكنه يرقي رقي رهيب بسبب وعي المتلقي الحامل له .وبالتالي فان المتلقي هو من ينتج رمزه لا العكس وهذاالذي يحدث عندما تحاول ان تجد قيم الرمز في وعي اتباعه لكن تجد صورهم وحياتهم هي الطاغيه على فهمهم له والمشكله حتى هذه محاولتك هي محاوله للبحث عن وعيك الخاص لهذا الرمز ولايمكن ان تكون معبره عن الرمز المجرد .هذه الحاله ممكن ان تحل مشكلة عدم وجود تاثير فعلي للرمز على حياة الناس الا اذا اقترن مع ملهم معاصر يجسد هذا الرمز عن طريق فهمه الخاص ويعيد انتاج نفسه للجماهير تحت عنوان ذاك الرمز .وعندما تحاول ايجاد فهم لهذه الحركه تجد ان هذا الشخص الذي هو صاحب هذه الحركه وهو قائدها وهو ملهمها فكريا من متبنياته الشخصيه لكن تلون بلون ذاك الرمز كقناع شرعيه .ومشكله الشرعيه والمشروعيه مشكله قائمه في عملية صناعة الفكر وحركة التاريخ .وبهذا نصل الى نتيجه مفادها ان القول بخلود رمز معين قول لايملك من القوه ماكان يملكها سابقا مع الاثبات ان الشخص هو من يؤثر ويصنع رموزه ووشخوصه لا العكس كما هو من يحدد طريقة اقامة الطقس وطريقة اقامة الشعائر لتعبير عنه , وبهذا نجد ان الرموز الاجتماعي هي حبيسة الوعي وغير خالده ولايمكنها الخلود بنفس الصوره التي ارادت ان تكون عليها والحقيقة هذه صفه ايجابيه جدا فالخلود الذي يريده البعض خلود سلبي ترفضه سنن الفكر وسنن الحياة حيث سيعاني هذا الخالد حالة اغتراب تام اذا لم يتولي الواعي له عملية تطويره واقلمته للظروف الجديده . وهكذا يقول هيرقليطس "كل شيء في تغير مستمر ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها