الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرب .. أعراب .. المدلول اللغوي والمدلول الديني

عمر سلام
(Omar Sallam)

2018 / 10 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عرب .. أعراب .. المدلول اللغوي والمدلول الديني
ان المدلول اللغوي لكلمة عرب هي للدلالة على قوم، فهم غير العجم أي تعبر عن السكان العرب.
وكلمة أعراب هي جمع كلمة عرب.
فمن أدب الخواص لأبو القاسم الوزير المغربي (المتوفى: 418هـ)
(والأعراب جمع العرب. كالأعزاب جمع العزب)
ومن البديع في علم العربية لابن الاثير
(وأعاريب بوزن قناديل، وهي جمع أعراب، وأعراب جمع عرب في المعنى)
ومن شرح ديوان المتنبي لأبو العلاء المعري
(والأعاريب: جمع أعراب، وأعراب جمع عرب)
أي ان هناك دلالات عديدة بان كلمة أعراب هي جمع كلمة عرب وهذا منطقي جدا في علم اللغة.
وهذا كان شائعا عند العرب، ففي ظل غياب الدولة القومية للعرب كان يقال عرب فلان وعرب فلان، وجمعهم يقال عنهم أعراب. وجمع مجموعات من الأعراب يقال لهم أعاريب. وهذه هي الدلات اللغوية الحقيقية لكلمات عرب وأعراب وأعاريب.
وعند قدوم الدين الجديد لوحظ مجموعة من الشتائم المقدسة لمجموعات الأعراب، مما أثار حفيظة العرب على هذه الشتائم التي جلها أتت بصيغة الجمع والتعريف، أي هذه الشتائم ليست لعرب بعينهم، بل للمجموع الذين هم أعراب.
وهذا يدل ان الدين الجديد قدم من خارج العرب وأخذ يشتمهم، لأن دين العرب كان في العصر الأموي هو الدين المسيحي الاريوسي النسطوري.
بعد ان اثارت هذه الشتائم حفيظة العرب، كان لا بد من تهدئة خاطرهم، بوضع تعريف جديد للأعراب الذين خصهم الدين الجديد بالشتم، وهذا ما أدى لبروز تعريف جديد للأعراب لا يتوافق مع اللغة. اذ اعتبر الاعراب هم سكان البادية. وذلك بعد حرق كافة كتب الامويين، ومن المؤكد ان هذه المكتبة تحتوي كتب البلاغة والنحو في اللغة العربية.
وأول من غير تعريف الاعراب هو سيبويه الفارسي اذ اعتبر كلمة (الاعراب) هو جمع بلا مفرد، وهذا لا يتقبله عقل، ومع ذلك تقبله البعض.
ففي كتاب ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي
(وكان النسب إلى المفرد يوهم تغيير المعنى نحو: أعراب واحده عرب، فينسب إلى الجمع، وجعل السيرافي، وتبعه ابن مالك أعرابًا جمعًا أهمل واحده، فلذلك نسب إليه، فقيل: أعرابي)
من هنا نجد كيف بدأ التلاعب بمعنى كلمة اعراب، واهمال واحد هذه الكلمة (عرب) لتؤدي وظيفة دلالية سيغير المفهوم العام للكلمة.
فقد كان الأعراب (اشد كفرا ونفاقا)، وهي تعني جموع العرب، وقبلها ال التعريف (الأعراب)، وهي لا تدعو مجالا للشك بان العرب اشد كفرا ونفاقا، وهذا يدل ان الكاتب غير عربي، لا بل ومعاد للعرب، وهذا منطقي لان دين اهل خراسان الذين قضوا على الحكم الاموي العربي يختلف عن دينهم.
وهذا ما اثار حفيظة الشاعر الأشهب العكلي:
يسموننا الأعراب والعرب اسمنا ... ونحن نسميهم رقاب المزاودِ

ثم بدأوا باستمالة العرب الى الدين الجديد بان عدلوا بالكتاب المقدس، فبعد ان كان كل الاعراب اشد كفرا ونفاقا أصبح بعضهم، {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ} [التوبة: 99].
وهكذا تم تعديل كلمة اعراب من جمع عرب، الى الدالة التالية وهي سكان البوادي.
واخذ تفسير الذم يتغير من الشمولي الى الاضيق فالأضيق بما يناسب تفسير الدين الجديد وانتشاره بين العرب.
وبدأ الذم يلتصق بالأعرابي، الذي لا أحد يعرف اسمه ولا يعرف عنه شيئا، فطالما حولت كلمة اعراب من جمع عرب الى جمع لا واحد له، فيمكن النسب اليها، فعوضا عن قول عربي أصبح يقال عن ساكن البادية اعرابي وتم التعامل معه على هذا الأساس.
حتى أصبح يطلق اسم اعرابي على بدو فارس او بدو الكرد. وفقدت الكلمة معناها الأصلي واخذت مدلولها الديني.
وهذه امثلة من ذم العرب التي حولت لاحقا الى الاعرابي المجهول.
ففي المثل التالي يوضع الاعرابي وابن الزنا في خانة واحدة
«لَا بَأْسَ بِأَنْ يَؤُمَّهُمُ الْأَعْرَابِيُّ، وَالْعَبْدُ، وَوَلَدُ الزِّنَا إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ»
والمثال التالي يوضح عنصرية قاسية ضد العرب
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى، أَوْ نُهِيَ عَنِ التَّلَقِّي، وَأَنْ يَبِيعَ مُهَاجِرٌ لِأَعْرَابِيٍّ»
اما ما المقصود بالمهاجر فهو حكما المهجر الغريب عن العرب.
والمثال التالي من كتاب الام للشافعي أكبر إهانة للعرب والتي لصقت أيضا بالأعرابي.
«أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -الْأَعْرَابَ أَنْ يَشْرَبُوا أَلْبَانَ الْإِبِلِ وَأَبْوَالَهَا وَقَدْ يَذْهَبُ الْوَبَاءُ بِغَيْرِ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا»، إلَّا أَنَّهُ أَقْرَبُ مَا هُنَالِكَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْ الْأَعْرَابِ لِإِصْلَاحِهِ لِأَبْدَانِهِمْ، وَالْأَبْوَالُ كُلُّهَا مُحَرَّمَةٌ، لِأَنَّهَا نَجِسَةٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ خَمْرًا، لِأَنَّهَا تُعْطِشُ وَتُجِيعُ.
وأيضا من كتاب الام للشافعي
مِنْهُمْ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَغَيْرُهُ إذْ لَمْ يَخَافُوا الْفِتْنَةَ «وَكَانَ يَأْمُرُ جُيُوشَهُ أَنْ يَقُولُوا لِمَنْ أَسْلَمَ إنْ هَاجَرْتُمْ فَلَكُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَإِنْ أَقَمْتُمْ فَأَنْتُمْ كَأَعْرَابٍ وَلَيْسَ يُخَيِّرُهُمْ إلَّا فِيمَا يَحِلُّ لَهُمْ».
اكتفي بهذا القدر من الشواهد بذم العرب التي غير لاحقا مدلول الكلمة لتدل على فئة معينة، وهي التي أتت في فترة انتقالية، من تعميم الدين الجديد، بعد القضاء على الحكم الأموي العربي المسيحي الأريوسي، والذي ابتدأ بذم العرب، ثم محاولة استمالتهم، الى ان تم التخلص من الاثار الخراسانية المؤثرة على الحكام العباسيين بإعدام أبو مسلم الخراساني والقضاء على سدنة مكة (البرامكة) واللجوء الى الاستقرار مع العرب، بعد ترويضهم على الدين الجديد، بدمج مصاحفهم مع تعديلات الخراسانيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال


.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا




.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي