الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الفلسفة ..

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2018 / 10 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لنتذكر معاً مقولة هيراقليطس الشهيرة : (لا يسبح المرء في ذات النهر مرتين) والمقصود – حسب فهمي - من تلك المقولة الهيراقليطيسية :
أن العالم أو الوجود في حالة تغيّر وصيرورة وتدفق مستمر، وأن لا شيء يبقى على سيرته الأولى ، أو حالته التي كان عليها..
ممّا يعني أنّ الهوية والثبات ينعدمان باستمرار ، وأن الاختلاف وسرعة الزوال والتغيّر الصرف ، هو أصل الوجود برمته وهو حالته الدائمة.
حسب زعمي ، الصيرورة هي اولُ فكرة عينية ذات ثقل إدراكي حقيقي ، أمّا الكينونة والعَدَمْ فهما - بالنسبة لي - مُجرد تجريدات فارغة ، قد يأتي بها حال الفهم أحياناً لمحاولة حفظ الإتساق في التفكير لا أكثر ..
والوجود الوحيد الذي أقرُّ به ، فهو ما كان في الزمان والمكان ، وكل ما عدا ذلك ، إنما هو تخرّصات تاريخية قديمة ، لها أسبابها النفسية والرغبوية الواضحة ..
والتخرّصات الأسوأ - بالمناسبة - هي أحاديثنا الواثقة حول أشياء غير معلومة متخيلة ظنية ، وحاجات موهومة غير مستيقنة ، بعيدة كل البعد عن الواقع العياني ،
ولا تألفها أبسط قواعد المنطق السليم ، كما ولا تضمها أية صورة من صور التفكير أو مبادئه .
بمعنى آخر ، هي شكل من أشكال الهروب من عبئ المعرفة وعناء السؤال ، وبالتالي تسليم مقاد العقل خوفاً وجهلاً لما يُسمى بـ الموجودات الفكرية المحضة، والتي يُزعمُ أنها تقع خارج الزمان والمكان ..
لكن ما يهمني في الامر ، أن اصرارنا في هذا العصر على جعلها حقائقاً معينة ومقدسة، واستمرار إعتقادنا القطعي الجازم بأنها ذات منفصلة مُطلقة ، ومُتعالية على أي نقد منطقي أو تساؤل جوهري حولها ،
هو إرهابٌ ذهني متوارٍ ، و خسرانٌ ضمني فينا ، ومضادٌ قوي لفعاليتنا الانسانية التواقة دائماً للبحث عن الحرية ، والتي تشكل هي بحد ذاتها جوهر النماء الحقيقي لأي فهم إنساني عميق نبتغي به التطور والتقدم ..
يبقى في زعمي أيضاً ،
أن انشغال أولادنا بترّهات تلك التفاسير الجوفاء ، وحشو أفهامهم بركام لا ينضب من التأويلات الموهومة للقدماء ،
ثم الاستمرار في العزم ، والإصرار على جرم تلقينهم الماضي بأنه القبلة الأمثل ، والمستقبل الأجمل .
وبأن الأحكام اليقينية المسبقة على تلك التخرّصات المقدسة والمتهافتة ، هي عين الرضى والهدى والفهم والصواب والعلم والتقدم ..
هو بمثابة منح أجيالنا رخصة خبيئة وسامة ، ذات صلاحية مطولة للعنف المُبجّل ضد أنفسهم وضد الآخرين ..
أو دعونا نقول - على الأقل – هو بمثابة الحكم بالإعدام المتجدد على حوافز التفكير ووثبات الإرادة لديهم ، و للأجيال القادمة من بعدهم ..
للحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح