الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول خرافة ان الانسان يقوده عقله ومصالحه؟! الانسان ضمير ونفس وعواطف، قبل ان يكون عقل ومصالح..

سليم مطر، جنيف

2018 / 11 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ـ لو كان العقل والمصلحة هي الاساس، لماذا إذن تختلف وتتناقض سلوكيات واخلاقيات الاشخاص الذين يحملون نفس العقيدة والثقافة والتربية والمصالح؟!

أن أي تمعّن في سلوكنا الشخصي، وفي الناس الذين يحيطونا وفي عموم العالم الحالي، سيكتشف لنا كم هي خاطئة وساذجة تلك الفكرة المكررة والمعروفة القائلة:
ان الانسان بطبعه اناني ولا يفكر الّا بمصالحه...

لو كانت البشرية تفكر فعلا بمصالحها وعقلها لاصبحت الارض جنّة لا مثيل لها في السلام والراحة والمحبة. هاكم بعض الامثلة الكبيرة والمعروفة التي تتحكم بالبشرية حاليا وسابقا:

ـ ما معنى ان تصرف دول العالم، الغنية والفقيرة، ما يقارب ثلث ثرواتها وطاقتها وعقلها، من اجل تجييش الجيوش وانتاج اسلحة دمار و خراب وحروب!!
لو ان نُخب هذه الدول تُفكّر حقا بعقلها ومصالحها، لاتفقت على السلام، وهي قادرة فعلا لو تريد، والتركيز على بناء العالم وحل مشاكله بدلا من خلق الحروب والمؤامرات. لكنها من الصعب ان تتحرر من النزعات الفحولية والعنترية لزعماء وجنرالات وقتلة وأثرياء لا يهمهم غير ممارسة بطولاتهم بمتعة وحماسة مثل لاعبي الكرة والصبيان في لعبهم. ولتبرير هذه لعبته الجهنمية والاستمرار بها، فهم يجندون حولهم الاعلاميين والسياسيين والمثقفين وحتى الفلاسفة والفنانين، لتمجيد هذه النزعات الفحولية والصبيانية، باسم مصالح الأمة والحزب والدين والسلام العالمي وضرورات الاقتصاد، وغيرها..

ـ ما معنى ان يقضي الاثرياء والملياردية، في الشرق والغرب، جلّ حياتهم في لهاث وصراع وخداع وحتى قتل وتجويع للفقراء، بل حتى اشعال مؤامرات وحروب، فقط فقط من اجل زيادة ثرواتهم ومليارداتهم، التي لا يمتلكون الوقت للتمتع حقا بها. وفي النهاية بعد موتهم يتركونوها ورائهم سالمة لورثتهم الذين ربما لم يلتقوا بهم!؟
لو كان هؤلاء الحمقى يفكرون حقا بعقلهم ومصالحهم، لاقتنعوا ببضعة ملايين تكفيهم لأن يعيشوا بمحبة وسلام وبحبوحة مع عوائلهم ومقربيهم، وبنفس الوقت يكونوا كرماء وعادلين مع مستخدميهم. لكنهم ظلوا مدفوعين بمشاعر صبيانية من غيرة ومنافسة وحماسة لتحقيق انتصاراتهم وزيادة أهدافهم(الكروية) أرقام العابهم(البورصية) ضد منافسيهم.

ـ خذوا مثلا مثلا، لو كانت نُخب إسرائيل تفكر فعلا بمصالح دولتها وسلامة شعبها، لكان من المعقول جدا جدا ان تكسب الفلسطينيين وتقنعهم بالتعايش والتفاهم بين الشعبين، وبنفس الوقت كسب الدول العربية من اجل الاستفادة من ثرواتها وطاقتها، ليستفيد الجميع من السلام والاستقرار والسياحة والبناء.
لكنهم ظلوا مثل المراهقين المجروحين مدفوعين بمشاعر انتقام من تاريخ عذابات وإبادات تعرضوا لها طيلة الفي عام في اوربا، وآخرها مذابح الهتلرية. نعم ظلّوا خاضعين لنفوسهم الجريحة المشوهة المنحرفة التي لا تستطيع التحرر من تقديس سادتهم وجلاديهم الاوربيين وخدمة مصالحهم الاستعمارية بأبقاء المنطقة بتوتر وحروب دائمة.
أما حاجتهم الطبيعية للتعويض النفسي ورد ماء الوجه عن تاريخ الذبح والاذلال الاوربي، فقد وجدوه بتحقيق بطولات وإنتصارات ومذابح وتشريد ضد اخوتهم"الضعفاء" الفلسطينيين وباقي الشعوب العربية، الذين عاشوا معهم طيلة التاريخ بسلام وتآخي! إذن ليس العقل والمصالح هي التي تقود نُخب إسرائيل، بل النفس المُعذبة المشوهة، المازوشية ـ السادية.

الانساس ضمير ونفس وليس مصالح!
ان مثل هذه الامثلة التي يُضحّي فيها البشر بمصالحهم العقلانية والشخصية والخضوع لـ(قناعتهم النفسية) المشوهة، يمكننا ان نشاهدها حولنا في كل مكان وزمان، في دولنا وإداراتنا ومدارسنا واصحابنا، بل حتى في عوائلنا واخوتنا وأزواجنا.
نعم، انها اكبر اكذوبة وخرافة، الاعتقاد بأن الانسان تقوده مصالحه وعقله، بل هي قناعاته النفسية التي قد تتوافق احيانا مع مصالحه المعقولة او لا بالعكس ضدها:

ـ أن الأم التي تحمل طفلها وتنجبه وتبذل كل جهدها من اجل رعايته، فأن(قناعاتها النفسية)، تتوافق مع عقلها وضميرها ومصلحة طفلها وعائلتها، بل مصلحة البشرية جمعاء من اجل استمرار الحياة.

ـ ان الانسان الذي يمضي حياته في محبة واحترام نفسه واهله وناسه وبلاده والانسانية، بلا احقاد وخداع وانانية وعنصرية، فأنه (قناعاته النفسية) تتوافق مع عقله ومصالحه ومصالح الآخرين.

ـ لكن الانسان الذي بسبب جروح طفولته، يمضي حياته في حقد وانانية وغيرة وفساد وخداع مع نفسه ومع اقرب ناسه، حتى مع ابنائه وعائلته واصحابه، والاتعس من هذا انه لا يربح من هذا لا ماديا ولا اجتماعيا ولا حتى نفسيا، بل يمضي حياته في حالة حرب وإشعال نيران خصام وعذاب وامراض، فأن (قناعاته النفسية) لا تتوافق مع العقل ومصالحه الطبيعية والناس حوله.

ـ شخصيا تعرفت على اشخاص، شرقيين واوربيين، نساء ورجال، حتى وهم على فراش الموت، فأن آخر كلماتهم الى ابنائهم وبناتهم، هي لتحريضهم ضد بعضهم البعض!!

ان العقل خادم مطيع للنفس وقناعاتها، وليس العكس. ويتساوى في هذا الكبار والصغار، المتعلمون والأميون، الدينيون والملحدون، الشرقيون والغربيون..
نعم ان الانســـان ضمــــير ونفس وعواطف، قبل ان يكون عقـــل ومصالح..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي