الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة کوردية الى واشنطن

نزار جاف

2006 / 4 / 10
القضية الكردية


تهديدات السيد رجب طيب أردوغان الاخيرة بشأن إستهداف"الاطفال و النساء"المتظاهرين في عقر دارهم و على أرض آبائهم و أجدادهم، تمثل إتجاها سياسيا إستثنائيا و غير مألوفا في عصر العولمة و ثورة المعلومات.
السيد أردوغان، الذي يصفه العديد من الکتاب و المحللين السياسيين بإنه و حزب العدالة و التنمية ذو الخلفية الاسلامية، يمثلان إنعطافا نوعيا في الموقف السياسي من الشعب الکوردستاني في ترکيا، بل وقد صارت هذه السمة بمثابة "حق نقض" ضد کل من رفع عقيرته وتناول سياسة الحکومة الترکية الحالية و رئيسها بالنقد و حتى مجرد التحفظ، ورغم أن أولئک يتناسون بأن مايفعله السيد أردوغان ليس بمنة أو هبة يرميها في وجه الکورد وإنما هو حاصل تحصيل حرکة الاحداث السياسية التي سترسم ملامح التأريخ وأن ترکيا و عالم اليوم، هو غير ترکيا و عالم الامس.
التطورات الاخيرة في الشمال الکوردستاني و تفاقم الاحداث بشکل غير عادي دفع الحکومة الترکية و الماکنة العسکرية لجنرالات أنقرة بالتحرک ضد هذه المتسجدات على الاصعدة السياسية و الامنية و العسکرية، والمثير في الامر أن ساسة حزب العدالة و التنمية لا يتورعون عن التشبث بأي ذريعة أو حجة واهية لتبرير تحرکهم العسکري شبه البربري ضد المواطنين الکورد العزل وهو أمر يبدو أن لعبة المصالح الدولية وفق قاعدة"شيلني و أشيلک"، باتت أنقرة تمارسها بصورة جيدة مع الغرب الذي يحاول جاهدا أن يعامل الشأن الکوردي في ترکيا بطريقة تکاد تشبه في العديد من الاحيان تلک النعامة التي تخفي رأسها وهي تظن بإنها بذلک تکون في حل من مطاردة خصومها.
إن الولايات المتحدة الامريکية و دول الاتحاد الاوربي حين يبرعون في إيجاد المسوغات و التبريرات لساسة حکومة حزب العدالة و التنمية، عليهم في مقابل ذلک أن يعوا جيدا أن قضية الشعب الکوردستاني في ترکيا ليست عبارة عن شماعة"PKK"کي يعلقون عليها کل الجرائم الترکية بحق المواطنين الکورد العزل و خصوصا الاطفال و النساء الذين باتوا يشکلون هدفا عسکريا للسيد أردوغان و جنرالات ترکيا المتحاملين على کل ماهو کوردي، وإن دول الاتحاد الاوربي يجب أن تعي جيدا إن محاولتها تبرير التطرف و العنف العسکري لحکومة ترکيا من خلال إرجاع العلة الى حزب العمال الکوردستاني ، فإن ذلک لن يفيد أحدا بقدر ما يزيد في إضرام نار الحقد العرقي للحکومة الترکية ضد الشعب الکوردي.
وإذا کانت الحکومة الترکية قد برعت في إرجاع کل فعل عسکري مناهض لها الى حزب العمال الکوردستاني وکانت أوربا و أمريکا ترددان ذلک من ورائها، فإن إرجاع التظاهرات و حالات الغضب الجماهيري أيضا الى ذلک الحزب أيضا، هو أمر يجب أن تدرس تلک الدول تداعياته و خلفياته بحثا عن الحقيقة التي تسعى أنقرة لتمويهها أو حرفها عن إتجاهها الصحيح و الواقعي، وعلى تلک الدول أن لاتکتفي بترديد عبارات هذه الحکومة المتحاملة على کل أمر يقود الى إنشاء دولة کوردية حتى ولو کانت"في آخر العالم"، وأن ترجع الى صوابها و تنظر الى الامور بنظرة واقعية کي تستشف حقيقة الامر.
وإذا کانت الولايات المتحدة الامريکية قد مارست هي الاخرى سياسة"توافقية" في مسايرتها لما ترتکبها الحکومة الترکية من جرائم ضد الشعب الکوردستاني، فإن کلمة ال"لکن"التي تضعها بعد کل عبارة إنتقاد للکورد کنوع من الاستدراک لضمان عدم إنجرافها خلف العنجهية العسکريتارية الترکية التي يظهر أن عصر تحرر الشعوب و إحقاق حقوق الانسان لا يمثل لها شيئا فلاتأبه لتهديد"الاطفال و النساء" وعلى لسان أرفع مسؤول سياسي في حکومتها، هي غير کافية إطلاقا.
واشنطن التي تدرک أکثر من غيرها خبايا الامور و حقيقة و ماهية الاجندة السياسية و الامنية، يجب أن تعلم جيدا أن مصداقيتها بخصوص إشاعة مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان سوف تکون في دائرة الشک و حتى المسائلة فيما لو إستمرت بالسير أکثر خلف الاوهام الترکية بإسکات شعب قوامه أکثر من عشرين مليون فوق أرضه من المطالبة بحقوقه المشروعة، کما إن من واجب دولة تدعي إنها ترعى و تحفظ النظام و الاستقرار الدوليين، أن تبحث في تلک الدعوات الجادة التي تطرح من قبل حزب العمال الکوردستاني و أن تدرس حقيقة و ماهية أهداف و سياسة هذا الحزب وليس تکتفي بترديد عبارات أنقرة بهذا الشأن، وأن وصول الامر الى"الاطفال و النساء"، خصوصا وأن أطفال کورد قد سقطوا في المظاهرات الاخيرة في المدن الکوردية و لاسيما في مدينة"دياربکر"، هو إنعطاف خطير في سياق التکتيکات العسکرية التي تستخدمها ترکيا بحق الشعب الکوردي.
وإذا کانت حالة"الکراهية و معادات"أمريکا في الشارع الترکي قد بلغ مستويات غير عادية بل وحتى إستثنائية، کما وإن الحکومة الترکية تساير في أغلب الاحيان ذلک الاحساس الجماهيري وتحاول ترجمته في تحرکاتها السياسية، فحري بالولايات المتحدة الامريکية أن تتذکر أن الشعب الکوردستاني مازال ينظر لها کمحررة للشعوب وليس کمشارکة أو مساهمة في قمعهم کما تحاول أن تفعل بها أنقرة من خلال جر قدمها الى مستنقع تورطها في الشمال الکوردستاني.
ترکيا التي لاتخجل حتى من إرجاع سبب الاحداث التي تشهدها المدن الکوردية الـى"ذلک القابع في إيمرالي"، يفترض بواشنطن أن تعي ماهية هکذا دولة في تعاطيها مع قضيـة شعب بأن تحرفه وتجعله قضية حزبية ضيقة، ولکن حتى لو إفترضنا جدلا أن حزب العمال الکوردستاني کان هو المحرک و السبب الحقيقي وراء تفاقم الاوضاع، فلماذا لا يلتفت العالم المتحضر الى اليد المسالمة لهذا الحزب وهي تلوح بغصن زيتون أخضر بحثا عن مخرج سلمي للازمة؟ إن الشعب الکوردي برمته ينظر بحنق الى جرائم الحکومة الترکية بحق النساء و الاطفال في المدن الکوردية، وکلها ترنو صوب واشنطن في إنتظار موقف سياسي مشرف لدولة أثبتت مصداقيتها في حسم العديد من ملفات شعوب عانت من الاظطهاد على يد حکومات مستبدة، وإن قتل أجهزة الامن الترکية في الاحداث الاخيرة لطفلين کورديين هما(فاتح تکين) و(عبدالله دوران)، قد تکون رسالة کوردية واضحة جدا لواشنطن على أمل أن لاتترجم تهديدات أردوغان الاخيرة بقتل المزيد من الاطفال و النساء على أرض الواقع و أن لاتنسى تلک الدولة التي سحبت البساط من تحت أقدام ميلوسوفيتش و الملا عمر و صدام، إن ما يحدث في ترکيا شئ لا يختلف کثيرا عن الذي حدث في تلک الدول!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر