الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع المدني المغربي ودوره في التنمية

فاطمة واياو

2006 / 4 / 11
المجتمع المدني


شهد المجتمع المغربي منذ بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي، انتشارا ملحوظا لمنظمات و جمعيات حكومية و غير حكومية، حيث غدا المجتمع المدني المغربي من أكبر المجتمعات المدنية في الوطن العربي من حيث الكم و التنوع.
فهناك منظمات حقوقية غير حكومية، و جمعيات مختصة بالتنمية و جمعيات الطفولة و الشباب إضافة للجمعيات النسائية.
و لعل المتتبع لمسيرة تطور المجتمع المدني في المغرب، سيلاحظ دون شك أن الجمعيات النسوية هي الأكثر ذيوعا و انتشارا على امتداد الخارطة المغربية ،على اعتبار النساء الفئة الأكثر تضررا من الوضعية المتأزمة التي تعيشها البلاد.
إن هاجس التنمية هو المحرك الأساسي لكل المنظمات و الجمعيات بمختلف مجالاتها و لبرامجها المحلية، انطلاقا من مقاربة حقوقية أساسية و هي أن التنمية هي حق من حقوق الإنسان، يجب العمل من أجل إقراره و نشره بين كل المواطنين في الشمال و الجنوب.
فهل يريد عالم الشمال أن ينمو عالم الجنوب؟
و ما هي أشكال التنمية المقدمة من طرف هذه الجمعيات والتي تدعم غالبا من طرف منظمات في دول الشمال ؟

التنمية المستدامة:

كثر الحديث عن التنمية المستدامة، وغيب الموضوع الأهم و السؤال الجوهري: لمن نريد هذه التنمية؟ من المعني بالتنمية؟ و هل حقيقة نشرك هذا المعني بأمر التنمية في الخطط و البرامج الهادفة لتحقيق المشاريع التنموية؟ سواء كانت مقررة من طرف الحكومات أو من طرف جمعيات المجتمع المدني؟
إن أي حديث عن التنمية، يجب أن لا يغفلنا عن حقيقة هامة و هي أن هذا الحديث يجب أن يستهدف بالأساس التركيز على أحد الحقوق الإنسانية الهامة و الأساسية.
فالمادة الثانية هي" إعلان الحق في التنمية " يشير إلى أن" الإنسان هو الموضوع الرئيسي للتنمية، و ينبغي أن يكون المشارك النشيط في الحق في التنمية و المستفيد منه".
فالتنمية المستدامة يجب أن تستهدف بالأساس الإنسان من حيث هو الموضوع و المعني الأول بالتنمية. فعندما نتحدث عن الإنسان فإننا نتحدث عن كيان له مجموعة علاقات تحيط به و يتفاعل معها. فهل يمكن الحديث عن إنسان يعيش تنمية، دون الحديث عن ضرورة تنمية محيطه البيئي و تنمية قدراته و مهارته المختلفة، بالإضافة إلى تمتعه بصحة جيدة و بحقوقه من كرامة و استقلالية و حرية؟
وهل يمكن الفصل بين الحاجيات الأساسية و الحقوق الأساسية للإنسان؟
إن مثل هذه التساؤلات تضعنا مباشرة في صلب الموضوع ، وهل تكرس هذه المشروعات التنموية مفهوم الحقوق الإنسانية وتعمل على تحقيق كرامة الإنسان (المواطن) ؟
قد لا يختلف اثنان حول أهمية دور المجتمع المدني في ترسيخ مفهوم و مقاربة جديدة للتنمية باعتبارها حقا من الحقوق الإنسانية الذي أصبح يكتسي أهمية بالغة في تقييم مدى نمو و تقدم مجتمع من المجتمعات خصوصا في دول الجنوب.

ونظرا لهذه الأهمية فإن السؤال الذي يمكن طرحه هنا: إلى أي حد ساهمت جمعيات المجتمع المدني في تكريس تنمية اجتماعية، اقتصادية تراعي الجانب الحقوقي للإنسان في مجتمعات العالم الثالث أو ما أصبح يصطلح عليها بدول الجنوب؟
إن أية مقاربة من هذا النوع يجب أن تراعي ما تحقق على أرض الواقع و ما استطاعت بعض الجمعيات العاملة في حقل التنمية الاجتماعية أو التنمية المستدامة تحقيقه من أجل بلورة تصور واضح و متكامل عن الأهداف و الوسائل و أيضا كيفية التقييم الموضوعي للتجربة أو التجارب.
إن أهم ما يميز أغلب المشاريع التنموية التي تنفذها الجمعيات، هو أنها تستهدف فئة معينة واحدة هي النساء، انطلاقا من معطى أن هذه الفئة هي الأكثر تضررا بالوضع المتأزم الذي تعيشه التنمية ببلادنا.

تنمية بصيغة المؤنث أية مقاربة؟

إن المقاربة التي تعتمدها بعض الجمعيات لمفهوم التنمية لا تراعي مقاربة النوع الاجتماعي في إنجاز و صياغة المشاريع و كذا في تنفيذها. حيث أنه غالبا ما ينظر لهذه الفئة باعتبارها متلقيا فقط و ليس مشاركا في كل مراحل إنجاز المشاريع. مما يعيق الاستفادة الحقيقية من المشاريع التنموية.
فأغلب مشاريع التكوين المهني التي تقدمها هذه الجمعيات كانت عبارة عن عملية إنتاج لعاطلات متعلمات بدل عاطلات أميات غير مؤهلات، إضافة لذلك فالدورات التكوينية التي يتلقينها خاصة في مجال التكوين المهني تجعلهن مؤهلات للعمل في قطاع واحد هو قطاع النسيج، و الذي يعرف ترديا و استغلالا بشعا لليد العاملة الرخيصة.
من هنا يمكن القول أن مثل هذه المشاريع التكوينية لا يمكنها أن تكون ناجعة دون وجود متابعة من طرف الجهة المكونة و هي هنا الجمعية، من خلال الضغط و التوعية و التحسيس لفائدة كل المتدخلين في عملية التنمية. فالأخطر في مثل هذا الوضع هو أن تصبح الجمعيات بدورها مكرسة لوضع الاستغلال البشع للنساء باعتبارهن يدا عاملة رخيصة، دون التنبيه لدورها في عملية المقاربة التي يجب أن تراعي إشراك الفئة المستهدفة و الدفاع عن حقوقها الإنسانية و من بينها الحق في التنمية.
ذلك أن الحق في التنمية هو حق إنساني لكل المواطنين و المواطنات، و لا يجب على أية جهة أن تعتبره عطاء تمن به على المستهدفين منه. وهو ما نلاحظه و للأسف في بعض المشاريع التنموية التي تنفذها بعض الجمعيات، مما جعل أغلب هذه المشاريع تبدو وكأنها صدقة لا تسمن ولا تغني من جوع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كم عدد المعتقلين في احتجاجات الجامعات الأميركية؟


.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين




.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في


.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال




.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال