الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف العربي بين النظام و بين بنية النظام

أحمد التاوتي

2018 / 11 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أقدم إلى زملائي بالحوار المتمدن ملخص البحث الذي نال المرتبة الأولى في جائزة ياسين الحافظ للفكر السياسي، و هو منشور في العدد الخامس من مجلة قلمون، أفريل 2018.

يتناول البحث مسألة محورية في حياتنا السياسية و الثقافية، تتعلق بربط جميع قضايانا بصراع يقوم به الإنسان ضد الإنسان.. فالتقدم مثلا هو صراع ضد التخلف، و لكننا لا نستهدف التخلف في صراعنا أو في مقاومتنا، بل نستهدف من يصادفهم تصوٌّرنا من موقعنا الاجتماعي أو السياسي على أنهم رموزا للتخلف.. و قس على ذلك جميع القضايا الأخرى.

من هذه الزاوية، ينظر البحث إلى المثقف و دوره. و يحاول أن يبرهن على مسؤولية كل الأطراف و الوضعيات و السياقات في صناعة واقعنا الراهن، بما فيها الأطراف ذات المواقف السلبية أو المحايدة.

يستهل البحث تذليل بعض المصطلحات كالتقدم و التطوّر و اختصاص المثقف بالتطور في مقابل التقدم الذي يختص بالسياسي. و يعرض لمفهوم لعبة الجلاد و الضحية في تمثّله السياسي مع إعطاء أمثلة عن مثقفين كبار خرجوا عنها و طوّعوها لأهدافهم السامية بدل أن تجرفهم بعجلتها.

و بمدخل منهجيّ، يرسم الإطار النظري مع مثقفين متميّزين بعالمنا العربي و هما هادي العلوي و علي حرب.. يطوّر مع الأول تصوّره للمثقف الكوني، و يضبط مع الثاني تصوّره للمثقف الوسيط، لينطلق في حدود هذا الإطار النظري إلى التفصيل في مفهوم المثقف كما أُسقط في ثقافتنا و اختلافه عن مفهوم الأديب الممتد في تربتنا منذ عصرنا الذهبي، و مدى الضرر الذي لحق بنا من ذلك الإسقاط. كما يناقش المفهوم في سياقه الغربي مع الإشارة إلى تسببه هناك أيضا في بعض الثغرات التي أحدثها فكانت فرصة للعصر الوسيط للنفاذ منها إلى عصرنا و إلحاقه بعض الضرر به.

في الفصل الأول بعنوان من هو المثقف، يرافق مفهوم الأديب في بعده الأدبي و الفلسفي، و يناقش مسألة حجب المثقف للأديب، و اهتراء قلاع الثقافة و ذهاب هيبتها و منعتها بانفصال النقد الثقافي عن النقد الأدبي، و تسبب ذلك في انتقالنا من عصر المثقف الثوري إلى عصر الداعية الثوري. و على وتيرة التحليل من الاستدلال إلى المثال، يخلص إلى التحديد الإجرائي الذي يعطينا صنفين من المثقف، و هما المثقف الوظيفي و المثقف الطّفري، و يمهّد للتفصيل فيهما تأسيسا على المصطلح عند غرامشي و مناقشة ذلك، ثم اعتماد ما يختص بواقعنا من تصور و تحديد و إجراء.

و مع الفصل الثاني ينتقل البحث إلى تناول معضلة المثقف و الصراع. و ينطلق من تحديد ثلاث دورات للصراع، كبرى بين القوميات، و وسطى بين الطبقات، و صغرى بين التوجهات. و يرصد من خلال هذه الدورات سلوك المثقف و موقفه. و بعد تحليل مسهب، يصل إلى أن المثقف هو من يرافق الوعي الإنساني من محطّات الدورات واحدة فواحدة إلى برّ السلام و التعايش بالتماهي مع الوعي بالذات في ممارسة وجودنا السياسي بعدما مررنا بأنواع الوعي بالأمة، بالقبيلة، بالفئة و بالتوجّه. كل ذلك في تحليل و استدلال مركّز.

يلي ذلك، الفصل الثالث بعنوان المثقف و الأنظمة. و فيه تفصيل في معنى الأنظمة مع تركيز على قوّة نظام المؤسسة الصامتة، و التي تمتلك من الردع ما يوازي أو يفوق سلطة الأنظمة الحاكمة. و بعد تحليل يعرض في محطّاته إلى الربيع العربي و علاقته بالذاكرات الكامنة، و إلى الطبقات الوسطى و علاقتها بالاستقرار الموهوم، و إلى التراث السياسي التقليدي الناشط فينا إلى اليوم و علاقته بالسلم و الأمان الخادع..، يصل إلى توصيف الأنظمة الحقيقية، العاملة فينا خلقا و توجيها، و التي يضمها رباط جامع يتمثّل في نسق الموائم سياسيا. ثم التأكيد على ضرورة استقلال المثقف عن جميع تلك الأنظمة من أجل حماية مسافة القراءة و التقييم معها.

بالفصل الرابع و الأخير، يتناول دور المثقف و مجاله. و يبسط في الموضوع ليصل في ذروة الاستدلال إلى التأكيد على أن مجال المثقف هو السياسات و ليس السياسيين أو الأحزاب أو السلطة.. السياسات الثقافية و الاجتماعية عموما. و هو الواقع الراهن و ليس التاريخ. و هو المجتمع المحلي في سياق تعاطيه مع العولمة الثقافية و ليس العكس.و هو الدولة قبل شكل النظام.. و هو تراثنا الحيّ المحرك فينا قبل المؤسسات. و يؤكد على أنّ عدم مراقبة ذلك أنتج دلينا فلسفة و سياسة لا تاريخيين. و هي معضلة نعاني منها اليوم ليس لها سوى المثقف الذي يتمثل بحق دور فيلسوف السياسة. فيكون من مهامه الأولى و الرئيسة، مواجهة براديغما الصراع و ليس أطراف الصراع، انطلاقا من تناقض العصور و ليس تناقض الطبقات آو الفئات. و يشير البحث إلى أنّ هذه البراديغما يحميها المجتمع و أنظمته جميعا بما فيها نظامه الحاكم. و هنا يقابل بين الحق الدستوري للسلطة كمصدر في استعمال العنف المادي الذي يحمي النظام العام و بين الحق التاريخي للمجتمع كمصدر في استعمال العنف المعنوي لحماية البراديغما العامة. ممّا يزيد من خطورة مهمة المثقف و مجازفته.
يختتم البحث جولاته بحاجتنا إلى المثقفين، الكوني و الوسيط معا، و يدلي بفرضية حول البراديغما الحالية و الأدوات التي تستعملها لإطالة عمرها مع إعطاء مثال من تلك الأدوات و هي ثنائيات مادي/مثالي، مقدس/ مدنس.. و يٌبقي على السؤال مفتوحا إعلانا عن نهاية فصل أخير ببحث لم يغلق قوسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها