الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنتمي

محمد الحاج ابراهيم

2006 / 4 / 11
المجتمع المدني


بين الانفتاح والانغلاق مسافة كبيرة جدا بقدر ماهي صغيرة،وبين الخصوصية والعمومية نفس المسافة تقريباً.
الانتماء المنفتح يعتمد الإنسان محوراً فيعيش المنتمي هذا إنساناً،أما الانتماء المنغلق فيعتمد الإنسان الخاص أو ابن العصبية إنساناً وسواه يخضع لشروط تُفقده مقوماته الإنسانية، وتُكسبه المقومات الخاصة التي تجعل منه فئوياً يعيش على حساب الآخر المُغاير له الذي يفترضه عدوّاً بأبسط حال.
يكون الانسان المُنفتح أكثر قبولاً للقانون من الانسان المُنغلق، إذ أن وعيه قائم على قبول الآخر واحترام رأيه وكيانه وثقافته ومكونه النفسي بشكل تحالفي فاقد للتماهي بالأطر الضيقة،بينما المُنغلق أكثر بُعداً عن القانون الذي يُظلل الجميع تحت سقفه،فيخضع للإرادة الفئوية الخاصة التي يُعززها شعوره بحمايتها له أكثر من خضوعه لقوانين يتساوى فيها مع الغير.
الانفتاح ثقافة مُتحولة كما الانغلاق،يتحول المُنفتح نحو الانغلاق حين يعيش إحباطاً من الأوساط المنغلقة التي تُشكّل ضاغطا قويا عليه حين لايجد سنداً لوعيه وثقافته فيعيش تناقضا مُرّاً في ذلك،ويتحول المُنغلق نحو الانفتاح نتيجة العزلة التي يضعه بها هذا الانغلاق، فيفقد حريته وتتجه قدراته باتجاه مُغاير للطاقة التي يملكها.
بنية المُنفتح النفسية شفافة بينما بنية المُنغلق عدوانية تُحلّل لنفسها ما تُحرّمه على الغير،فيُبرّر المُنغلق كسبه الاقتصادي على حساب حرمان غيره منه،ويُبرّر كسب الحرية التي يفترضها قائمة على حساب حرمان غيره منها،وفي الواقع هو ليس بكاسب لها بل موهوم بكسبها، لأنه ما أن ينتقد وضعاً مُعيناً حتى يجد نفسه تحت الطلب الذي امتازت العديد من الأنظمة الاستبدادية بانتهاجه مبدأ للتخويف والترعيب، ورسم سقف الحدود للتجاوزات التي تعتبرها مُخالفة يُحاسب عليها قانون الأنظمة المُستبدة.
على الصعيدين النفسي والاجتماعي يفقد المُنتمي العصبي(المُنغلق) إنسانيته،بينما المُنفتح يُحققها دائماً دون أدنى شك رغم العسف والضغوط لأنه غير مرهون إلا بقناعاته التي يكونها عبر وعيه وتجربته.
ما علاقة الديمقراطية بكل منهما ؟
الاعتراف بالآخر حقوقيا يُشكّل ركيزة أساسية في الوعي فيه وبالتالي بحقوقه،بينما نسفه حقوقيا يُشكّل ركيزة عكسية ينحرف الفرد والمجتمع فيها وتسود الفوضى بدل القانون والحقوق، وهو المناخ المُلائم لخلق العصبيات وتعزيزها.
الاقرار بالاعتراف بالمُغاير النفسي والسياسي والاجتماعي(القبول النفسي للمُغاير السياسي) أساس أصيل في تبييء الديمقراطية لتكون مبدأ تقارب،لأنه يخلق قاعدة الخيارات الصحيحة على ضوء الإمكانات والقدرات والخبرات،بينما إقصائه أو نسفه أساس متأصل للاستبداد والمحسوبيات والولاءات غير المُجدية،ولايتقارب الإلغاء مع الحرية إطلاقاً بل إن فعل الإلغاء يسحق الحرية وإنسانها المُحتاج لها لأخذ مكانه في المجتمع على أساس طبيعي من منطلق حقوقي مهنيا كان أو سياسياً.
كل المُنتمين تأصّلاً لأطر ضيقة يعانون من إقصاء الذات والآخر على السواء،ويبقى الوسط الذي يعيشون فيه يُعاني من اضطرابات خفية تُسمّى الاحتقان تبدوا مظاهره في أول ارتكاس اجتماعي فتفتق قضايا هي أساساً من نتاج هذا الانتماء الضيق، وذلك في غياب المشاريع العامة التي يتساوى فيها أبناء المجتمع في المصالح والواجبات،والانتماء الضيق يتساوى مع التململ حين يغيب القانون وتحل محله النزعات العصبية التي تغيب معها السياسة بمنظماتها الوطنية لتحل محلها المنظمات الأهلية ذات الطبيعة الفئوية التي تُفتت المجتمع وتزرع الخوف الذي يزيد من توجس المواطن فيتحول إلى ثقافة قطيعية وإلى رعية مُستلبة تضيع وتضيع مع الصراعات التي يؤسس لها الانتماء الضيق بأطره المُختلفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط