الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يعنيه الاعلان العالمي لحقوق الانسان هو ان الانسان فوق القران وفوق أي نص يدعي القداسة لا تحته

انور سلطان

2018 / 11 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


علق أحد رجال الكهنوت الاسلامي، وهو علي الجفري، في حسابه على تويتر، على ما حدث في تونس من مساواة المرأة في الميرات بالقول: (موضوع المواريث والضجة المقامة حوله ما هو إلا أحد نتائج الأحادية الثقافية الإقصائية التي صيغ على أساسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
 فعلى حكوماتنا الموقعة على ذلك الإعلان البحث عن مخرج آخر غير إخضاع نص القرآن لنص الإعلان).  انتهى.

هل يدرك معنى كلامه فعلا؟ لا أدري.

 لكن المعنى الأول لكلامه هو أن القران يجب أن يكون فوق الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وهذه ثقافة داعش والقاعدة وكل الجماعات الارهابية، وموقف الجماعات الأم للجماعات الارهابية الحديثة وهما الاخوان والوهابية. وهذه ثقافة المسلمين طوال تاريخهم. جعل القران فوق الاعلان العالمي لحقوق الانسان معنى هذا جعل المسلمين فوق غيرهم.

والمعنى الثاني هو أن القران مساو للاعلان العالمي لحقوق الانسان، ليس أحدهما أصح من الاخر وفق مبدأ النسبية الثقافية ونسبية الرأي. ولا أعتقد أنه يريد المعنى الأخير، لأنه هو نفسه لا يقر به من ناحية، ومن ناحية ثانية هو مبدأ ساقط في القيم العامة الكبرى مثل حق المساواة، والا سيتم تبربر العبودية.

حجة الجفري حجة مخادعة. حجته لاسقاط الاعلان العالمي لحقوق الانسان هي التعدد الثقافة ولكنها في القيم الكبرى الأساسية، وهي من حقوق الانسان أيضا. والخداع هنا له وجهان، الأول هو أنه يستند على حق من حقوق الانسان لينقض الحق الاساسي والجوهري وهو المساواة بين البشر  التي تنبع من القيمة المتأصلة للانسان، والثاني هو أنه لا يقول أن هذا هو موقف الاسلام بل يلصقها بالشعوب العربية والاسلامية بالزعم أنها ثقافة عامة، فهو لا يضع القران والاسلام في مواجهة حقوق الانسان بل ثقافة الشعوب التي تتبنى القران كثقافة، ليصور أن حق المساواة مجرد رأي لبعض الشعوب، وليس حقا أصيلا اكتسبته الشعوب الحرة بنضالها وتضحياتها الكبيرة مقابل الشعوب المستعبدة التي ترزح تحت حكم ديكتاتوريات لا انسانية حتى اليوم.

ثم اذا كان الجفري يرى القران ثقافة تبنتها شعوب ومن حق الشعوب تبني ما تشاء وعلى الاخرين احترامه فهو في نفس الوقت انما يجعل القران نفسه تحت رأي الشعوب ورأيها حاكم على القران وليس العكس. وهذا اسقاط للقران نفسه. فاذا كانت هذه مكانة القران فلماذا لا يخضع نصه لنص الاعلان العالمي لحقوق الانسان؟ المفروض أن يطالب بعدم اخضاع الأصل وهو ثقافة الشعوب العربية والاسلامية لنص الاعلان العالمي وليس القران.

الاحادية الثقافية هي الثقافة العنصرية وليست الثقافة التي ترى جميع الناس سواسية. ان الاسلام نفسه يشكل أحادية ثقافية لانه عنصري يسقط القيمة عن بقية البشر الذين لم يسلموا، ويخيرهم بين الخضوع ودفع الجزية أو القتل، ولا يعطي الوثنيين حق حرية العقيدة والدين (سورة التوبة).  هذا جانب، والجانب الثاني نسي الجفري ان اسقاط المساواة بين الرجل والمرأة يقوم على أساس أحادية ثقافية ذكورية قديمة تعضم حق النساء  والتي تبناها الاسلام كما هي، والتي تشكل اليوم ثقافة رجعية.

ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان يستند الى مبدأ المساواة بين البشر، وهو مبدأ انساني عام، اتفقت عليه كافة الأمم، وأصبح عرفا عالميا،  وليس ثقافة خاصة مفروضة فرضا.

ثم لنقل أن حق المساواة ثقافة غربية خاصة ونتاج لتطور الحضارة الغربية. هل نسقطه لأنه مبدأ خاص بثقافة خاصة، أم لأنه مبدأ سئ لا يكرم الانسان ويحط من قيمته. ما هو معيار الحكم؟ هل هو كرامة الانسان وقيمته المتأصلة التي تفرض حق المساواة أم معيار الحكم هو ثقافة تهدم القيمة المتأصلة للانسان وكرامة الانسان؟ ما الذي يصون كرامة الانسان حق المساواة أم اسقاط المساواة.

وهذا يعيدنا لمقال سابق بعنوان ابراهيم والحج  تمت الاشارة فيه الى أن الاسلام يسقط المعايير الأخلاقية والانسانية ويجعل معيار الصواب والخطأ، والاخلاقي وغير الاخلاقي، ليس العقل والضمير بل الأمر الالهي. فاذا أمر الله بأمر يخالف ضمير الانسان كقتل طفل فعليه قتله. وما فعله الجفري هو هذا بالضبط فقط نسبه للشعوب والثقافة عوضا عن الاسلام، فاذا رأت ثقافة ان المساواة خطأ فيجب أن نحترم هذا. واذا رأت انها صح فيجب أن نحترم هذا. ولا يوجد أي معيار نحكم به على صحة موقف ثقافي من غيره. أي يتضمن قوله هذا  مبدأ النسبية  ليس في الفرعيات (نسبية مقيدة) بل في المبادئ والقيم العامة الأساسية (نسبية مطلقة)، في الوقت الذي يعتبر فيه النسبية الأخلاقية تمثل جوهر الحداثة أو ما بعد الحداثة (يتخبط بين الحداثة وما بعد الحداثة)، ويعتبر الحداثة أو ما بعدها سبب ظهور الجماعات الارهابية الاسلامية (ولا نعرف لماذا الحداثة أو ما بعدها لم تولد جماعات ارهابية من أي دين الا الدين الاسلامي، فهل الاسلام حداثي؟).

ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان يجعل الانسان فوق أي نص. ويجعل أي نص كالقوانين لحماية حقوقه، فهو معيار حاكم للنصوص والقوانين، ومتى ما وضع الانسان تحت أي نص، كما يريد الكهنة والمستبدين، فقد وضعت كرامته في الأرض.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المسلمون في بنغلاديش يصلون صلاة الاستسقاء طلبا للمطر


.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري




.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد


.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ




.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف