الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أقطاب المعرفة

صاحب الربيعي

2006 / 4 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هناك فرق شاسع بين ممتهن السياسة وممتهن الثقافة في الدول المتحضرة، لأنها ترتكز على أنظمة مؤسسية في إدارة شؤون الدولة والمجتمع. ويعي كلاً منهم دوره ومهامه وسلطانه وغالباً ما يسعى السياسي لإيجاد لغة مشتركة بينه وبين المثقف لتجييرها في كسب أصوات الناخبين للفوز بالسلطة.
وبخلافه في الدول المتخلفة فإن جميع أفراد المجتمع لهم الفسحة في امتهان السياسية بأشكالها المبتذلة لانعدام الأنظمة المؤسسية للدولة والمجتمع. وهذا ما يفسر سيطرت الجهلة والأميين، فهناك فسحة أكبر للجاهل والأمي للفوز بالمركز الحزبي والسلطوي لأن آليات الفوز تحتكم للعنف والاستبداد والإقصاء لتحقيق المصالح الذاتية وعلى حساب مصالح الآخرين.
وحين يحكم الجهلة والأميون قبضتهم على شؤون الدولة والمجتمع يتكشف جهلهم بإدارتها فيلجأون لاستخدام العنف والاستبداد وشراء الذمم وتأجير أقلام المثقفين لإدامة سلطتهم. ويأتي كل ذلك على حساب أقطاب المعرفة من المثقفين والمختصين والكفاءات العلمية، وتغرق المجتمعات أكثر في الجهل والتجهيل وتتخلف عن ركب الأمم المتحضرة.
يدفع ضغط المعيشة والخشية من الاضطهاد والعنف العديد من الكفاءات العلمية والمعرفية للانخراط والعمل صاغرة في أجهزة السلطة الاستبدادية التي يقودها الأميين والجهلة من منتسبي الكيانات الحزبية الشمولية تحديداً. ويصبح المثقفين وأقطاب المعرفة رهن إشارة وتوجهات السياسي الجاهل الذي لاهًّم لديه سوى تحقيق مصالحه الذاتية، فتضيع المقاييس الاجتماعية وتتداخل الثقافة بالسياسة والجهل بالعلم.
يرى ((رونيه أوبير))"أن العالم وأقطاب المعرفة والشعراء والفلاسفة.....يعملون من أجل الحياة الاجتماعية-الإنسانية بعكس رجال السلطة والغزاة الذين يسعون للسيطرة على العالم".
يسعى السياسي في الدول المتحضرة جاهداً لاستقطاب رجال العلم والمعرفة لإدارة مؤسسات الدولة بغرض تحقيق برنامجه السياسي-الاجتماعي للفوز بثقة الناخب في المجتمع. وغالباً ما يتفاخر السياسي بعلاقاته الوثيقة مع رجال الثقافة والمعرفة في البلد ليلمع صورته باعتباره ممتهناً للسياسة التي تعكس في الغالب وجه الخداع والتدليس للفوز بالسلطة.
يقول ((جورج واشنطن))"أني فخور بأن ينظر إليًّ أقطاب المعرفة كفرد منهم لما يتمتعون به من سلطات ونفوذ على الأفكار والأخلاق والعادات والدولة والقوانين والحرية وأقر بفقر إنتاجي المعرفي الذي لايجعلني وأسع السلطات مثلهم".
إن المثقف السياسي هو الذي يتفاخر بانتمائه لسلطة المعرفة باعتبارها تمثل جميع الأنماط الثقافية، فالسياسة هي إحدى الأنماط الثقافية وليست الثقافة نفسها بأعراف وأحكام المجتمعات المتحضرة. ولاتمثل الأشكال المبتذلة من العمل السياسي الممثلة بالكيانات الحزبية في الدول المتخلفة نموذجاً يحتذى به بل أنها أصبحت مرتعاً للأميين والجهلة وحثالات المجتمع الساعين لإحكام السيطرة على شؤون الدولة والمجتمع فتسبب ذلك في تخلف المجتمعات.
ومن المستحيل أن تلحق المجتمعات المتخلفة بركب المجتمعات المتحضرة في العالم دون أن تنبذ مرجعياتها السياسية غير المؤسسية السائدة، واعتماد أساليب حضارية ومؤسسية لانتخاب مرجعياتها من أقطاب المعرفة والعلم والثقافة لإدارة شؤون الدولة والمجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستارمر يتولى رئاسة وزراء بريطاينا بعد 14 عاما من حكم المحافظ


.. اشتعال النيران في منزل بكريات شمونة شمال إسرائيل إثر سقوط صو




.. ما دلالات تقدم المرشح الإصلاحي بزشكيان على منافسه المحافظ جل


.. هل يرغب نتيناهو بالتوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب على غزة؟




.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟