الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسيون والإسلام : نظرة سريعة

كريم عزيزي

2018 / 11 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قوة الدين جبارة لا تعادلها قوة على سطح الأرض ، قوة استمدها الدين من عمره الذي تجاوز القرون ومن مواصلة استعمال الأيديولوجيات له ، وحتى الماركسية تراجعت عن معاداتها الصريحة له والتي نجدها في أدبيات مؤسسيها وصارت تحاول بطريقة مزرية مهادنته ولم لا استعماله لمصالحها ، وفي بلداننا نرى المهادنة صريحة ودون خجل بل نرى أبعد من ذلك ما يصل إلى حد التذلل والتملق للدين وأصبحنا نسمع أن الماركسية لا تعادي الدين بل هي مع حرية العقيدة ومع احترامها ووصل المسخ بنا إلى مستوى فظيع صارت فيه القيادات الماركسية "مسلمة" (سنة أو شيعة حسب البلد) ولا تساوم على إسلامها وتراه متوافقا مع ماركسيتها ومبادئها الثورية وربما استشهدت في ذلك بموقف لينين "الإيجابي" من الإسلام ومعتنقيه موهمة عوامها بأن لينين "الماركسي الأصيل" لم يكنّ عداء للإسلام غير أنها تتناسى أننا لم نسمع بأحد من قيادات البلاشفة كان "متدينا" مسلما وبالخصوص "مسيحيا" فالإسلام عند لينين لم يكن المغيب الأول لوعي شعبه بل كانت المسيحية الأرثوذكسية التي منعها منعا باتا ودعا لمحاربتها في وعي العمال بل وللقضاء عليها ، أما الإسلام فكان "حليفا ظرفيا" استغله لينين لإنجاح ثورته مثله مثل كل مستغلي الإسلام والمسلمين قبله وبعده ونحن لا نزال نشهد تنزيه القادة الغربيين للإسلام عن الإرهاب ودعمه بكل قواهم مع علمهم بخطره، وبه استطاعوا منع تقدم الاتحاد السوفياتي إلى ما بعد أفغانستان وبه استولوا على ثروات الشعوب التي تعتنقه ولعل أبرز دليل مشيخات الخليج التي تدعمها أمريكا اليوم دعما مطلقا وأيضا دعم روسيا والصين لإيران الملالي . وبذكر الصين وروسيا نرى موقفهما الرسمي والحقيقي مع الشيشانيين والهيغور حيث نرى فهم الروس والصينيين للإسلام الصحيح فقط على أراضيهم وعندما يهدد أمنهم القومي ومصالحهم بل وبلدانهم بالتقسيم والباكستان ويوغسلافيا دروس "فقهية إسلامية" لا تنسى.

صدق العوام أم كذبوا عندما قالوا أن الشيوعيين ملحدون ؟ من المفروض أنهم صادقين ، لكننا نرى عكس قولهم اليوم والمسألة تجاوزت "عوام" الماركسيين بل وصلت إلى كوادرهم . كنت أظن أن الكثيرين منهم عندما يتكلمون عن الإسلام يفعلون ذلك لأنهم مجبورون عند مواجهة شعوب مغيبة الوعي لكني اكتشفت أن الكثير منهم "مؤمنين" حقيقة ، فيهم الكثيرون يجمعون بين الماركسية والدين لأستطيع تشبيههم بمسلم منفصم يدافع عن إسلامه بكل قوة رافضا أن تكون داعش نسخة من صحيح الإسلام . بعضهم وليبرروا لعبهم على الحبلين يدعون أن الماركسية ليست دينا متحجرا بل هي متطورة ولا قداسة فيها لرموز أو لتاريخ وينسون أن الماركسية فكر علمي ومادي بالدرجة الأولى لا وجود فيه للعالم الميتافيزيقي سبب تغييب وعي الشغيلة الكادحة عن مصالحها وعن عدوها الأول الذي يستغلها ويسرق منها تعبها ، فإذا كان هذا حال أعداد كبيرة من اليساريين وأضف إليهم الإسلاميين والفريقان هما الفاعلان الأساسيان في الحياة الثقافية والسياسية لكل شعوبنا فكيف لا يزال يتساءل الكثيرون عن أسباب تخلفنا ويتصورون أننا سننهض والاثنان هما الحاكمان الأوحدان ؟

أعود وأتساءل عن اليساريين المرتمين في أحضان الإسلام وإسلامييه : هل هم انتهازيون خانوا طبقة العمال ؟ أم هم "واقعيون" "جدليون" علموا جيدا "قوة" الدين واكتشفوا أن لا مفر منه ؟ وما قيمة المبادئ التي لا يزال يدعو إليها غيرهم من الشيوعيين وأولها حلمهم الطوباوي "الشيوعية" ؟ وكيف يؤمل في تحقيقها وقد تجاوزها الكثير من الماركسيين غير المتحالفين مع الدين ؟ لينين لم يكن الدين موجودا "في" قادته فكيف سيفعل أتباعه في بلداننا مع رفاقهم "المتدينين" وغيرهم ممن تجاوزوا بعض شعارات الماركسية "الأصيلة" ؟ أيطلب من شعب مغيب وراء المارد الديني ووعوده الوهمية ما لم يتوفر في القادة والكوادر ؟ إنه حقا لأمر عجيب يجيب عنه البعض بأن اليساريين ليسوا دينا توحيديا بل هم فرق كثيرة ، ومن نقطة "التطبيع" مع الدين نكتشف نفاقهم وكذبهم لأن الأصول من المفروض لا تمس وتكون خطا أحمر لا يتجاوز لأزعم أن "التطبيع" مع الدين أولها ولأسأل هؤلاء من الأخطر يا ترى "التطبيع" مع إسرائيل أم مع الدين / الإسلام والإسلاميين ؟

أليس "التطبيع" مع الدين هو عودة هؤلاء لأصولهم الحقيقية التي ورثوها وتربوا عليها قبل دراستهم للماركسية التي علمتهم أن الدين من أسلحة الرأسمالي الفتاكة للضحك على العمال و-التعليم في الصغر كالنقش على الحجر- ؟ ألا يذكرنا هذا المشهد البائس ببوتين "المسيحي الأرثوذكسي" "المترسمل" اليوم ؟ هل هؤلاء أتباع لينين أم بوتين ؟ لينين الذي دعم الإسلام ليستغله لصالح ثورته وبوتين الذي يدعم الإسلام لصالح "إمبراطورتيه" أيضا والفرق بينهما أن الأول أعرب عن رفضه الصريح لمسيحية شعبه عكس الثاني الذي يدعمها مثله مثل كل قادة العالم الغربي الرأسمالي والكود العجيب لذاك يدعى "حرية العقيدة" أهم مبادئ اللبرالية التي تبنتها البرجوازيات الأوروبية الصاعدة للقضاء على السلطة المطلقة للملوك وحلفائهم قساوسة الدين والتي دعت إلى حق الفرد الطبيعي في الحياة والحرية والملكية التي سحبت منه بحقه في حرية النشاط الاقتصادي الذي أصبح اقتصاد سوق أكلت به تلك البرجوازيات الأخضر واليابس ، أردت أن أقول أن الماركسية خسرت صراعها مع الرأسمالية ولن تربحه بتطبيعها مع الدين "القوة العظمى" التي خبرت استعمالها والاتجار بها الرأسمالية فالدين حليف الرأسمالي البرجوازي وارث الإقطاعي "المتدين!" ولن يكون يوما حليف الماركسي "الكافر" فألا يجدر بهذا الماركسي وإن كان مصيره - في حربه - الموت أن يموت "شريفا" ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أخ Aljawadi Abdelwahed
كريم عزيزي ( 2018 / 11 / 30 - 21:08 )
في المقالين المنشورين لي إلى حد الآن قلت وبشكل مباشر أن الماركسيين مع الإسلاميين يتشاركون مسؤولية تخلف كل شعوب المنطقة وأرجو أن يسمح الوقت بالتفصيل في ذلك في المستقبل.

قلتَ (اذا سلمنا ان الهدف من الدين وكل الافكار هي الانسان فاذا تحققت العداله الاجتماعيه لهذا الانسان بواسطة الاسلامي المتنور او الشيوعي او الماركسي او كلاهما معا ماهو الضرر) وأجيبك أننا لا يجب أن نسلم بذلك لأن الإسلام - والدين بصفة عامة - لم يأت لخدمة الإنسان وتحقيق العدالة بل صنعه واستخدمه أذكياء - أوغاد! - لخدمة طبقتهم والكلام عن (عدالة إجتماعية) في حضور الدين وسدنته وساسته كما لا يخفى عليك ضرب من الخيال ووهم .

تحية لك وشكرا على إطرائك .

اخر الافلام

.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو


.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا




.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس


.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت