الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعيون رؤية غير تقليدية 3

سالم حسون

2006 / 4 / 12
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


إعتبرت الدولة العراقية الطائفية الشيوعيين أشد أعدائها خطورة منذ عام 1934، و تفننت بإصدار العقوبات الرادعة على من يتهم بالإنتماء أليه او على من يمتلك مجرد علاقة صداقة معه ، فإضافة الى الإعتقال والتعذيب والسجن كان الفصل من العمل والوظيفة او الدراسة او التسفير والتهجير مسلمات طبيعية لما يتعرض له المنتمي الشيوعي. لكن ذلك لم يحد مطلقاً من شعبية الحزب أو يعيق إنتشاره بين الشيعة على وجه الخصوص ، وأصبحت شعاراته في مكافحة الظلم والطغيان والمساواة والعدالة تملأ الفراغ السياسي عند جمهور مضطهد متعطش للتمرد والثورة ، وتلقى الرواج والقبول في الوسط الشيعي الذي عرف من التجربة العملية بأن الحزب الشيوعي يعني مايقول ، ولا يأبه للتضحيات الكبيرة حين يتعرض قادته للتعذيب ، ويذهبون الى السجون ، ويعتلون المشانق في سبيل المبدأ ويعطون صورة مهمة عن " حزب الشهداء" ، المختزلة في صورة الشهيد المهمة جداً في مخيلة الشيعة التاريخية المعبئة بصور إستشهاد الإئمة ، فكانت مرثية الحسين وخياره وإستشهاده في كربلاء ، ومواكب العزيات الحسينية ، والزيارات الأربعينية أحد المنابع الخصبة التي ألهمت مراحل البداية والتكوين في الإنتماء الشيوعي ، ولاحقاً إعطت صورة الشهيد الشيوعي المعاصر دفقة إضافية في للمخيلة الشيعية التي تحتفل كل عام في عاشوراء بالشهيد الحسين وتجعله منه رمز لعطاء ملهم متجدد ، وفي هذا السياق جاء الإستشهاد الشيوعي إستمراراً لمبدأ الإستشهاد الإسلامي، أي التضحية بالنفس من أجل العقيدة ، وعلى وعي الموت كتعبير عن الحياة . وقد كان الشاعر مظفر النواب واضحاً في المساواة بين الشهداء مهما كانوا في حديثه الصحفي الذي أجرته معه الصحافية المصرية اليسارية آنذاك صافيناز كاظم عام 1969 لمجلة آخر ساعة ، حين تحدث عن بعض الخلفيات والظروف التي أحاطت بقصديدته المشهورة " صويحب" ، عن صاحب ملا خصاف ، الفلاح الشيوعي الذي إغتاله الإقطاعيون عام 1959 في أرياف العمارة في عز أيام الثورة لنشاطه في صفوف الفلاحين وكيف أحبه الناس والنسوة خصوصاً. وقد أبرز مظفر النواب في قصيدته ذلك المنظر الدرامي لجثة " صاحب " المغدور حيث تجمعت النسوة حوله وهن يبكينه بحرقة فيختلط الدمع بلون الكحلة ، ويذكر مظفر النواب الذي كان يعمل حينها في التدريس في ريف العمارة حيث قتل الفلاح الشيوعي أن هذا الموقف سيطر على مخيلته طوال الطريق من العمارة الى بغداد والى الكاظمية تحديداً حيث يقول : ".. وعندما عبرت الجسر وطلت منارتا الكاظمين كان صاحب ملا خصاف الى جانبهما منارة ثالثة.. " . وبالتأكيد فإن هذه الإستعارة البديعية في وضع شهيد من عامة الناس الى جانب شهداء كبار في العقيدة هي ترميز لفعل البطولة والإستشهاد الذي يتساوى في قيمتها بالنسبة لمظفر النواب كل الثوار من " حسين الأهوازي " الى " صاحب ملا خصاف " ومن الإمام "علي بن أبي طالب" الى "شي غيفارا".
واعطت القراءات العلمية للتاريخ الإسلامي على اساس المادية التاريخية مادة دسمة لتقاربات في صور الإضطهاد السياسي وضحاياه بين " فقر و يسارية " أبو ذر الغفاري و" يمينة وإنتهازية" عمربن العاص ، وبين " بطولة " عمار بن ياسر و" نفاق" مروان بن الحكم ، و صراع " الفقراء والأغنياء" ممثلاً في صراع الإمام علي ومعاوية بن أبي سفيان. أما الجواهري شقيق الشهيد الشيوعي جعفر فقد ثبت في قصيدة " سلاما" المكرسة للشيوعي لسلام عادل فكرة أن شهيد المبدأ هو أمام العصر فيقول:

سلاماً: وراحت ركاماً ركاما تمد البطولاتُ هاماً فهاما
وتلقي على كل درب إماما
تُحاذر منه الطغاة إنتقاما
وترهب من طيفه ما أقاما
............................
ويشمخ في كل جيل أمام
يعد البطولات هاماً فهاما
وينفخ في كل روح ضراما
*************

وفي المعنى الرمزي للشهيد يتساوي عند الجواهري السماوي والأرضي ، الشهيد الشيوعي وشهداء الأئمة في نسق من البطولة القدسية تدفع الإنسان للإقتداء بأمام شهيد أو نبي مقتول ، وإن الدماء النقية علامة الشهادة تمهد الطريق للبطولة القادمة. ولا تمحى من ذاكرة الجواهري إبن النجف صورة الشهداء على إختلاف صورهم وأديانهم فمنهم الإمام الشهيد والمسيح المصلوب بقوله :
ودقت مسامير خجلى عطاشى بكف " المسيح" فطارت رشاشا
بقايا دم للعصور التوالي
تُخضب بالمجد هام الرجال

ويعود الجواهري للمسيح الشهيد على الصليب ليتوعد القتلة بأن الدم وعد للخصب:
سلاماً : وبالدم ضوت دروبُ
بها راح يتلو صليباً صليبُ
سلاماً : وما انفك نوءٌ يصوبُ
من الدم منه يخصب الجديبُ
إن المسيح والحسين يعلمان البشر الإستشهاد من أجل العقيدة ، ومن يستشهد من البشر مقتفياً أثرهما لا تكون القداسة بعيدة عنه ، وهي السبيل للحياة الأبدية. فما الذي يبغيه الشيعي أكثر من التمثل بالحسين الشهيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا