الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان والسر المؤلم.

هالة محمود قابيل.

2018 / 12 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لعل التفكير فى شأن الإنسان وماهيته ومصيره من الأمور الشائكة التى شغلت جانبا غير هيّنٍ من تفكير كثيراً من المفكرين ، فالإنسان هو محور هذا الكون وموضوعه. لكن دعونا نتساءل عن هذا المصير المجهول الذى ينتهى إليه الإنسان حيث لم يرهب خيال الإنسان شئ كما أرهبته فكرة الموت، ولم يثر عقله من أفكار كفكرة انعدام العقل ذاته ، فما الذى ستكون عليه الحال عندما يمضى الإنسان إلى النوم ولايفيق أبداً؟ وكيف كان حاله قبل أن يحل ضيفاً على هذا العالم؟ من ثم كانت دورة الحياة والموت هى الفكرة التى يتمركز حولها لاشعور الفرد فى الماضى والحاضر.

إن الحديث عن المصير الحتمى لكل إنسان لاشك أنه يتسم بالصعوبة والتعقيد نتيجة للطبيعة المتناقضة لهذا المصير ، حيث إنها تجمع بين اليقين وعدم اليقين ، فإذا كان الإنسان يؤمن إيمان تام بأنه سيموت فإنه بلاشك يجهل متى سيكون ذلك.
إذن ، الموت هو الحقيقة المؤكدة فى حياة الإنسان التى لاتحتمل أدنى شك ، هكذا يقف الإنسان حائراً أمام الموت وأسراره ، مهزوماً فى مواجهته ، ليس له حيلة فى الهروب منه لأنه هو المصير المحتم الذى لافرار منه.
إذا كان الإنسان ظل يسعى جاهداً من أجل إشباع متطلبات حياته محاولاً تحقيق معنى البقاء والسيطرة، فهو لم يدرك أن الموت هو الموقف النهائى الذى يصطدم به الإنسان ولم يتطرق إلى ذهنه "إن حياة الإنسان فى حد ذاتها ممارسة للموت" لأن عمره ينتقص منه باستمرار، وأنه يعيش للموت.
أما الإسلام فقد بث روح الطمأنينة فى الإنسان ، فالموت فى الإسلام هو ليس ذلك المجهول الذى يثير الفزع والقلق والرهبة فى النفوس ، ولكنه قضاء الله وحكمته فى أن يعيش الإنسان عمرا زائلا فى الدنيا ، ثم يعيش عمرا خالدا فى الآخرة ، فهو حكمة وغاية وتكتمل الحكمتان فى اخنبار الإنسان وامتحانه فى حياة أخرى باقية.
على أية حال ، نحن إزاء حقيقة بعيدة متعالية ، لأن الكون ينطوى على ملايين الأسرار ، والحياة ما هى إلا أفق شاسعة مجال الرؤية محدود فيه ، والمستقبل مازال لغزاً غامضاً مختفياً وراء حجب الضباب. فالإنسان الذى بذل جهد فى محاولته كشف الغطاء عن هذا السر المؤلم ، مازال يموت كل يوم وفى كل لحظة.

فإذا كانت حياة الإنسان هى الواقع الذى نلمسه، فالموت هو الحقيقة المشطورة التى نعرف نصفها الأول، ونجهل نصفها الآخر.
وبالتالى ، إن مفارقة الحياة والموت والتى تحمل فى طياتها، كل الاحتمالات المختلفة التى حاول العقل الإنسانى، من خلالها، الوصول إلى الجوهر الحقيقى للحياة والموت، يتجلى لنا أن الموت مازال لغزا ليس بمقدورنا تقديم حقيقة واضحة المعالم بصددها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟